يعرف الجميع انه من المحال الالتقاء بين الخريف والربيع معاً في فصل واحد، فكل فصل من فصول السنة عموماً له طابعه الخاص واجواؤه الخاصة واستقلاليته عن الفصول الاخرى كما قدرها الله سبحانه وتعالى . وزواج الخريف بربيع الشباب من الجنسين لا يختلف كثيراً عن ملامح الحياة في فصول السنة، فالشيخوخة تختلف عن الشباب في خطوط التكافؤ في السن والنضج وطريقة الانسجام الروحي والجسدي لاختلاف التوافق في كل شيء، وفي الماضي بعد ان كانت الفتاة تجبر على الزواج بمن هو اكبر منها سناً اصبحت اليوم تختار طوعاً وليس كرهاً الزواج ممن هو في خريف العمر بحجة انها تريد زوجاً أكثر نضجاً واكبر خبرة وتجربة من الشباب الذين يفتقرون لتلك المقومات . لكن ماهي الاسباب التي وراء ذلك؟ ! تقول احدى الشابات وهي فتاة جامعية في الفصل الاخير من تعليمها الجامعي : ينظر المجتمع الى زواج الخريف والربيع " كما يسمونه " على انه شيء غير مقبول ولا يجوز ذلك، وان هذا الزواج سيكلل بالفشل لعدم توافق مراحل العمر والفكر بينهما، عن نفسي اوافقهم الرأي لكن لي ايضا رأي آخر في هذا الموضوع، فالزواج من رجل يكبر مني سناً ليس معناه انني اطمع في ا لزواج من الثري الذي سوف تؤول امواله كلها اليَّ بعد موته، ولكن اقول باني ارغب في رجل يكبرني على الاقل ب10 سنوات او 15 سنة تقريباً ولا بأس بفارق ال20 عاماً، اذا وجدت فيه كل ما اتمناه من الرجل الناضج والعاقل وصاحب خبرة في الحياة . وتطلعنا على سرها الصغير بأنها مخطوبة من رجل شاب من نفس عمرها تقريباً ولا تجد هناك اي توافق في الفكر والروح، وكانت تتمنى الارتباط برجل اكبر سناً فلعل التوافق بينهما في هذه الامور تساعد على التقارب في الاشياء التي لا تعيشها مع خطيبها الشاب حالياً . خطيبي أكبر مني ب17 سنة الشابة غفران مخطوبة من رجل في منتصف العمر تقريباً " 35 عاماً " في حين انها لم تتجاوز من العمر 18 عاماً اي بفارق 17 عاماً بينهما . تقول عن تجربة خطوبتها مع هذا العريس : الحقيقة ان خطوبتي من هذا الرجل جاءت سريعة ولم اكن اخطط لها على الاطلاق فهو صاحب والدي وشاهدني في احدى المناسبات العائلية وبعدها تقدم لوالدي للزواج مني رغم انه مطلق ولديه اطفال، صحيح ان والدي اخذ رأيي وانني وافقت عليه دون ادنى ضغوط من الاهل والاسرة، لكني في حقيقة الامر انا من رغبت بهذا الزواج من هذا الرجل، فقد اعجبني فيه تركيزه ووقاره في التعامل مع الناس، ومع ابنائه، وبعد الخطوبة زاد شعوري بالرضا للارتباط به لاني رأيته عن قرب وشعرت بكل تفاصيل حياته التي كان يفكر بها قبل اقدامه على اية خطوة يقوم بها، على عكس الشباب الذين لا يفكرون قبل الاقدام على اي تصرف من تصرفاتهم، وحقيقة الامر انا غير نادمة أبداً ! نادمات على الزواج من كبار السن على عكس الرأي السابق جاءت الردود التالية مغالية تماماً عما سبقتها، فهذه اشجان شابة في ريعان شبابها ندمت على الزواج من رجل يكبرها بحوالى 25 سنة، وتذكر الاسباب : ان زوجي معقد كثيراً فهو لايحب الرقص او الخروج والاستمتاع بالحياة، كل همه عند عودته من العمل البحث عما يسليه في التلفاز، او على الانترنت حيث يتابع بعض اعماله او الدخول لمواقع خاصة تهمه في الحياة، متناسياً ان له زوجة شابة بحاجة للدلالة والاستمتاع بشبابها، وتتنهد اشجان وهي تقول : الله يرحم والدي الذي ارغمني على الزواج من هذا الرجل الذي خلصه من ديوان ولولا تدخله لكان والدي في السجن، ولكن ماذا يفهم الآن فقد دفعت انا كوني اكبر شقيقاتي الثمن من عمري الذي يضيع مني كل يوم دون الاستمتاع به ..!! تشاطرها الرأي سيدة متزوجة منذ احد عشر عاماً، شاء القدر ان تتزوجه لظروف الحرب في بلدها، حيث الفقر المدقع والحياة الصعبة التي دفعت بها للارتباط برجل يكبرها بحوالى 40 عاماً لمجرد انه ثري وبأنه سيأخذها الى بلده في الخليج بعيداً عن ويلات الحرب والجوع وتقول : اضطررت للزواج منه لان ابي مات في الحرب الاهلية التي اشتعلت في بلدي وشاءت الظروف وانا ابحث عن عمل في وطني لان اتعرف على صاحب شركة خليجية جاء لبلدي للاستجمام وتعرف عليَّ وطلبني للزواج فوافقت على الفور خاصة بعد ان وعدني باعالة اسرتي التي لا عائل لها، وبالفعل بعد الزواج، والانتقال لاقامة زوجي الخليجي اوفى بوعده، واصبح يرسل لاهلي المخصص الشهري لهم . تصمت ثم تتابع، صحيح انه انسان على خلق وطيب القلب، ودائما يرعاني ويحبني رغم انشغاله بزوجته الاخرى واولاده، وانا اقدر فيه هذا الشيء واتفانى لاجل ان ارد له هذا الجميل الطيب منه، الا انني وفي داخلي لا اشعر بأي شعور تجاهه، صحيح انني حاولت التقرب منه وان احبه لكن فارق السن الكبير بيننا حال دون ذلك، فلم اعد اهتم بعد ذلك بأي شيء سوى رد الجميل لهذا الرجل العجوز الطيب الذي انقذ اهلي من الجوع، رغم حزني من الداخل على عمري الذي يضيع سدى دون ان استفيد منه وبشبابي الذي بدأ يذبل تدريجياً ..!! للطب النفسي والاجتماعي رأي ..! حول رأي ذوي الاختصاص من اهل علم النفس والاجتماع يشير د .احمد الغامدي بقوله : ان الزواج قرار مشترك بين الرجل والمرأة، والاثنان يتحملان مسؤولية الاختيار، وزواج الرجل المسن من امرأة تصغره كثيرا، قد يسبب له متعة من جانب معين، لكن لا احد يسترد شبابه بالزواج من فتاة تصغره بعشرات السنين واستهجان المجتمع قبول الفتاة لمثل هذا الزواج استهجان لا يتناول حقيقة وجود زيادة كبيرة في اعداد الاناث المستعدات للزواج على اعداد الشباب المقدمين على ا لزواج . ويضيف د .احمد الغامدي ..بأن الصعوبة الحقيقية في خلق حالة انسجام بين رجل في خريف العمر وامرأة في وهج العمر، والعكس ايضا صحيح، ولكن قبل ان نلوم ايا من الرجل او المرأة فلنتذكر ان الصعوبة التي تقابل الاثنين هي قدرتهما على الاستمرار في هذا الزواج، والطبيب النفسي ليس قاضياً في محكمة الاحوال الشخصية، ولكنه يعالج المشكلة حتى تصل اليه، وكل مشكلة من هذا النوع من الزواج تمثل حالة خاصة تحتاج الى علاج خاص، ولا يمكن هنا ان نقول مثلا " افعل هذا الشيء ..او كذا لتكون سعيدا مع زوجة تصغرك بأربعين عاماً مثلاً " او لا تفعلي كذا لتسعدي مع زوجك الذي يكبرها بثلاثين عاماً ..وهكذا، فلكل مشكلة الحل الخاص بها .. الاستشارة النفسية مطلوبة ! اما د . عادل المدني استاذ الطب النفسي فيعلق على ضرورة استشارة الازواج في هذه القضية الى الرأي النفسي .. والسباب هي : عندما تأتي امرأة صغيرة السن وتسألني ..هل استمر في الزواج من رجل يكبرني بخمسين عاماً ام لا؟ هنا يكون دوري دراسة الاسباب التي دفعتها الى الزواج من هذا الرجل العجوز، وكيف تسعد او تشقى معه، وهل يمكن العيش بقبول عاطفي في اطار خبرة الرجل وحنانه، ام أنها ترفض ذلك، واذا جاءني شاب في العشرين من عمره متزوج من امرأة في الخمسين، افكر معه بالطريقة نفسها، فالمهمة الاساسية للطبيب النفسي هو ان يلقي الضوء على اعماق الانسان، ليعيد رؤية نفسه في مواقفه المتعددة، وان يعرف الانسان بنفسه ماذا يريد ليتجه اليه . اما اخصائية علم الاجتماع منى فرغلي فترى : ان من اهم شروط الزواج المتكافئ هو التوافق في كل شيء حتى في السن، والجوانب الاجتماعية والمادية، لكن في بعض الاحيان تحدث ظواهر خاصة او استثنائية، وبرصد حركة المجتمع وتطوره نجد ان هذه الظاهرة كانت منتشرة بشكل اكبر في مراحل سابقة قبل ان تتعلم المرأة، فكانت الاسرة لا تهتم بفارق السن بين البنت والعريس المتقدم لخطبتها، فكل ما كانت تهتم به الاسرة هو زواج الابنة من رجل له مكانته وفي الغالب الاسرة هي التي تختار .لكن ومع تطور المجتمع ودخول المرأة مجال العمل والتعليم ..اختلف الوضع ووجدنا في عقود سابقة ان الزواج اصبح يتميز بتقارب السن والافكار، وكل شيء ليمكنهما العيش بطريقتهما الخاصة، ولكني لا تشعر ذات يوم انها تزوجت رجلاً لا يستطيع مجاراتها في كثير من الاشياء . وتواصل شرح رؤيتها بصورة أقرب في هذا الموضوع، حيث قالت مجتمعاتنا في حقبة الثمانينات وايضا التسعينيات تحولت الى مجتمعات رأسمالية وبدأت تظهر مشكلة عمل الشباب بعد ان اصبحوا ينتظرون فترة طويلة بعد التخرج للحصول على عمل مناسب، وهي مشكلة اصبحت منتشرة في مجتمعاتنا العربية دون استثناء في حين ظلت التقاليد الاجتماعية تتمسك بزواج الفتاة في سن مبكرة او بعد التخرج مباشرة، ويزداد قلق الاسرة كلما تأخرت الفتاة في الزواج يوماً بعد آخر .. ومن هنا بدأت الفروق العمرية تعود مرة اخرى عند اختيار الزوج، لكن هناك سبب آخر فالفتاة تعلمت ونضجت واستقلت مادياً، واصبحت تشعر بندية امام الشباب الذي يساويها او يقترب منها في العمر، بل اصبحت اكثر نضوجاً منه، ولم تعد تقتنع بشاب في مثل سنها، واصبحت تطالب برجل اكثر نضجاً واكبر عمراً ..!!