وسط التغيرات الاقتصادية التي تشهدها المملكة تحت مظلة رؤية 2030، تبدو الحاجة ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى للنهوض بأداء الجمعيات التعاونية في مناطق المملكة، وتوسيع نشاطها وتكليفها بمهام جديدة، بهدف دعم العديد من فئات المجتمع، خاصة الفئات المهنية، وتحفيزهم على العمل والعطاء في تنفيذ مشاريعهم الخاصة، للوصول إلى الأهداف المرجوة، ويساعد «التعاونيات» على ذلك تاريخها المشرف الذي سطرت فيه دوراً اجتماعياً وآخر اقتصادياً لا يستهان بهما في المجتمع السعودي. ولطالما كان لهذه الجمعيات صولات وجولات في تقديم الأنشطة والبرامج المتنوعة، التي قدمت خدمات نوعية للكثير من أصحاب المهن المختلفة باختلاف نشاطات هذه الجمعيات بين جمعيات زراعية، وأخرى استهلاكية، وصيادي الأسماك، والجمعيات المهنية، والتسويقية، والخدمية، وأخيراً الجمعيات متعددة الأغراض، ولا أبالغ إذا دعوت اليوم إلى تحديث آليات عمل هذه الجمعيات، بما يتواكب ويتماشى مع متطلبات رؤية 2030. ولأهمية هذه الجمعيات اقتصادياً، أتذكر أن عددها كان قبل 10 سنوات لا يتعدى 206 جمعيات موزعة في مناطق المملكة، وبعد أن أثبتت جدواها ودورها، بلغت اليوم أكثر من 260 جمعية، تتنافس على خدمة منتسبيها بأساليب مختلفة وآليات مغايرة تتواكب مع المستجدات الآنية. ورغم أن الجمعيات التعاونية تتلقى دعماً حكومياً سنوياً لا يستهان به، إلا أن الأدوار التي تقوم بها تتطلب المزيد من الدعم الرسمي لتنويع هذه الخدمات والتوسع فيها، بحيث تشمل مظلة هذه الخدمات مستفيدين أكثر من الأعداد الحالية، وهذا الدور أرى أنه مطلب مهم وأساسي يصب في صالح رؤية 2030 ويحقق متطلباتها في دعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل، أضف إلى ما سبق، قدرة هذه الجمعيات على مواجهة تحديات التنمية، والتغلب على مشكلات المهن المختلفة، وإيجاد الحلول المناسبة لحل هذه المشكلات، بما يساعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة على الاستمرار والبقاء في السوق. ولا أقصد بالدعم الحكومي زيادة مخصصات الجمعيات، فقد يتحقق هذا الدعم بصور أو بأخرى، مثل تخفيض المقابل المالي والرسوم الحكومية التي تدفعها التعاونيات إلى النصف مثلاً، مثل هذا الدعم يكون بمثابة ميزة إضافية للجمعية التعاونية، يمكنها من تحسين برامجها واستدامة خدماتها بالشكل الأمثل والشامل الذي تنشده رؤية 2030. وبجانب الدعم المالي، أرى أن «التعاونيات» تحتاج أيضاً إلى الدعم المعنوي من وزارة الشؤون الاجتماعية التي عليها تعزيز الحركة التعاونية في المملكة، والإشراف عليها ومتابعة نشاطها، من أجل تحقيق التنمية المستدامة، ونشر الوعي التعاوني بين المواطنين، ومراقبة سير أعمال الجمعيات، والتأكد من حسن تطبيقها النظام واللوائح، بما يساعدها على أداء دورها بشكل فعّال في قطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنمية المجتمعات. الجمعيات التعاونية يمكنها تقديم خدمات إضافية، تصب في صالح الاقتصاد الوطني، عندما توفر القروض المطلوبة لأصحاب المهن المختلفة، كما أنها تستطيع أن توفر فرص العمل لأبناء الوطن، فضلاً عن البرامج والمشاريع التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهذا يعزز حتمية المسارعة في مساندة «التعاونيات» اليوم قبل الغد، ولكن وفق رؤية شاملة تحقق الأهداف كاملة.