وصفت شخصيات إسلامية من 50 دولة، قرار المملكة العربية السعودية الذي اتخذته بتنظيم فريضة الحج هذا العام 1442ه، بأنه يجسد حرصها على صحة الحجاج والمعتمرين وسلامتهم، في ظل ما يشهده العالم من خطر جائحة كورونا واستمرارها. وأعرب ما يزيد على 278 من أصحاب السماحة والفضيلة العلماء والمفتين ورؤساء الجامعات والجمعيات والمراكز الإسلامية في برقيات وبيانات وتصريحات تلقتها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد عبر مكاتب الملحقيات الدينية بسفارات المملكة والمراكز الإسلامية التي تشرف الوزارة عليها بالخارج، عن تأييدهم لصدور قرار المملكة بقصر الحج على 60 ألف حاج من داخل المملكة من المواطنين والمقيمين الذي يأتي من منطلق الأخذ بالأسباب الشرعية في توقي الأوبئة -بإذن الله- قبل وقوعها، والمانعة من انتشارها بعد وقوعها، وهي متوافقة مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي أكدت على حفظ النفس البشرية، وأن المملكة راعت المصالح ولم تعطل الحج في ظل ما يشهده العالم من استمرار جائحة فيروس كورونا وظهور تحورات جديدة له. وأكدوا أن كل الإجراءات والقرارات التي تتخذها المملكة العربية السعودية والتي تترجم حكمة قيادتها وخبرتها الممتدة في تنظيم شؤون الحج بما يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، للحفاظ على صحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين، وأن ذلك من الواجب الشرعي تجاه المسلمين والرسالة السامية التي قامت وتقوم بها المملكة تجاه الحرمين الشريفين وقاصديهما لتوفير كل أسباب الراحة والطمأنينة لهم. وثمّنوا جهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، في خدمة ضيوف الرحمن الذين يفدون إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، والتي لا تدخر جهدًا في توفير كافة سُبل الراحة لهم. ورفعوا شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على عنايتهما ورعايتهما لكل ما يخدم الإسلام والمسلمين بالعالم، سائلين الله عز وجل أن يحفظ المملكة وقيادتها الرشيدة وشعبها من كل سوء وبلاء ومن شرور الأعداء وأن يصرف عن المملكة وسائر دول العالم وباء كورونا. من جهة أخرى أكد مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليِّ أن قرار المملكة بالسماح لعدد محدود من المواطنين والمقيمين لأداء فريضة الحج لهذا العام يتفق مع مقررات الشريعة الكبرى، كما يحقِّق المقاصد الضرورية العليا للشريعة، خاصَّة مقصديْ حفظ الدين، وحفظ النفس. وقال المجمع في بيان أصدره اليوم "إن مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليَّ برئاسته، وأمانته وأعضائه، وخبرائه إذْ يستقبلون موسم حجِّ العام 1442ه يستذكرون ما خصّ المولى، عزَّ وجلَّ، البيت العتيق من فضائل عظيمة زمانًا ومكانًا؛ إذ إنَّه يُعدُّ أحبَّ البقاع إليه عزَّ شأنُه، كما يعدُّ أولاها طهارةً وأمنًا، ومعاذًا، ومهابةً، واستقرارًا، وإجلالاً، وإنّ المحافظة على تلكم الخصائص السامية التي يختصُّ بها بيت الله الحرام تُعدُّ من آكد الواجبات، كما أنّ القيام بواجب التطهير وتوفير الأمن والأمان، وتعظيم الشعائر يعدُّ من أقدس الفرائض، وأجلِّها على مرِّ العصور وكرِّ الدهور. وأضاف البيان "ومن هنا، فإنّ المواظبة والمداومة على تطهير هذا البيت العظيم بغسله، وتعطيره، وصيانته من الأوبئة، والأمراض، والأدران امتثالٌ للمقررات الشرعيَّة الخالدة، وتحقيقٌ لمقاصد الشريعة الإسلاميَّة الغرّاء، والتزامٌ بأجلِّ القُرُباتِ، وأعظمِ العبادات، وأرفع الطاعات عند الله جلَّ جلاله". واستطرد البيان قائلا "إنَّ العالم اليوم يمرُّ بظروف استثنائيَّة صحيَّة طارئة بسبب انتشار غير مسبوق لجائحة كورونا، تلك الجائحة التي زرعت الخوف والفزع والهلع في كل مكان، وقضت على أنفس كثيرة، وعطّلت السير والحركة في الأقطار، وأثَّرت تأثيرًا بالغًا في جميع مناحي الحياة، وعلى الرغم من تلكم الجهود العلميَّة والعمليَّة الجبَّارة التي بذلتها ولا تزال تبذلها الدُّول والأمم في جميع أنحاء المعمورة من أجل مكافحة هذه الجائحة، والحدِّ من انتشارها، غير أنَّ الحقيقة المرَّة هي أنًّ الجائحة لمّا يُسيطر عليها، إذ إنَّها ما فَتِئت تواصل انتشارها في كثير من الأرجاء، بل إنَّها تتحوَّر سلالاتُها، وتتصاعد موجاتُها بين الفينة والأخرى. ومضى البيان يقول "وانطلاقا مما دأبت عليه المملكة العربيَّة السعوديَّة التي شرَّفها الله تعالى باحتضان الحرمين الشريفين من تقديم أرقى وسائل الراحة والأمن والأمان للحجيج والمعتمرين والزائرين الذين يفدون إلى هذه الأراضي المباركة كل عام، فيؤدون شعائرهم في يسرٍ يفوق كلَّ وصف، وفي سهولةٍ يعجز اللسان عن بيانها؛ واعتبارًا بثقة فقهاء الأمَّة وعلمائها ومفكريها من جميع أنحاء البسيطة في إخلاص وتفاني تلك القيادة الرشيدة في حماية هذه البقاع الطاهرة، والمحافظة عليها، بل اعتدادًا بتلك الدقَّة والحِكمة والحِنكة التي تميّزت بها القرارات التي اتخذَتها تلكم القيادة للحدِّ من انتشار الجائحة، قيامًا بمسؤوليَّتها أمام ربِّها جلَّ جلاله، وتحقيقًا لتعليمات دينِها السَّامية، وتبرئةً لذِمَّتها أمام التاريخ. وأشار البيان إلى أن مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليَّ، برئاسته، وأمانته، وعلمائه الثقات الذين يمثِّلون الأمَّة في جميع الأقطار والأمصار، يغتنمون هذه المناسبة ليؤكِّدوا للشعوب الإسلاميَّة والمجتمعات المسلمة في جميع أنحاء البسيطة على رصانة وحصافة ذلك القرار الذي اتخذته حكومة المملكة العربيَّة السعوديَّة المتمثِّل في السماح لعددٍ محدودٍ من المواطنين والمقيمين لأداء فريضة الحجِّ لهذا العام(1442ه)، وليؤكِّدوا أيضًا على كون ذلك القرار قرارًا حكيمًا يتفق مع مقرَّرات الشريعة الإسلاميَّة الكبرى، ويحقِّق المقاصد الشَّرعيَّة العليا، خاصَّة مقصدي حفظ الدين، وحفظ النفس، وإنَّ تنظيم فريضة الحجِّ تتحقَّقُ به المحافظةُ المرجوَّة على مقصد حفظِ الدّين، كما أنَّ السماح لعددٍ محدودٍ لأداء هذه الشعيرة في هذا العام في ضوء الظروف الصحيَّة الاستثنائيَّة في الوقت الراهن تتحقّق به المحافظة المنشودة على مقصد حفظِ النفس. ودعا المجمع الذي يمثِّل المرجعيَّة الفقهيَّة العالميَّة الأولى لدول العالم الإسلاميِّ والمجتمعات المسلمة خلال البيان المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى احترام هذا القرار الصائب، كما يدعو أولئكم الحجيج الذين سيمنُّ الله عليهم لأداء هذه الفريضة العظيمة هذا العام إلى الالتزام التامِّ بكافَّة التوجيهات الصحيَّة الموفَّقة، والإرشادات الاحترازيَّة المحكَمة الصادرة من السلطات المعنية أثناء أدائهم لمناسك الحج. وأعرب المجمع عن شكرهم للجهود التي تبذلها المملكة العربيَّة السُّعوديَّة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السموِّ الملكيِّ الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- في عمارة الحرمين الشريفين، وخدمة قاصديهما من الحجَّاج والمعتمرين والزوَّار، وأن يجزيهما الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأدام عليهما وعلى الشعب السُّعوديِّ نعمة الأمن والأمان والاستقرار، وتقبَّل الله من الحجيج حجَّهم، وجعله حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا، وتجارة لن تبور.