كنت أعتقد في السابق أن الكون هو حينما تتأمل في ليلة ظلماء السماء وأنه عبارة عن نجوم وقمر بالإضافة إلى الشمس في النهار، ولكن بعدما رأيت فيلماً وثائقياً عن الكون اندهشت من الحقيقة حيث صار به مئات الألوف من المجرات الفضائية وكما يدهشك كبر هذا الكون الذي يتمدد بمجرات لا يعلم عنها الإنسان شيئاً، فكذلك تندهش من الصغر الذي يجعلك تتأمل في أصغر شيء في هذا الكون الذي هو الذرة والميكروبات والبكتريا والتي لا ترى إلا بالميكروسكوب الإلكتروني الذي يكبر مئتي ألف مرة ويجعلك تصل لعدة أمور منها أن هناك ما هو ظاهر للعين المجردة وربما تكتشفه بعد حين، أو ما هو ظاهر بالآلة التي اخترعها الإنسان مثل الميكروسكوب أو بتلسكوب هابل الفضائي الذي يحتوي على كاميرات تعمل بالأشعة فوق البنفسجية القريبة والطيف المرئي والأشعة الحمراء القريبة وكان علماء الفلك يعتقدون قبل اختراع هذا التلسكوب الفضائي أن مجرة درب التبانة هي الكون كله، ولكن جاء هذا المسبار ليغير مفاهيم العلماء والعالم عن تمدد الكون وأن مجرة درب التبانة فقط هي جزء يسير من الكون الشاسع وقد استطاع هذا المسبار الثورة بالتقاط صوراً رائعة وواضحة عن المجرات الفضائية والتي تبعد الآلاف من السنوات الضوئية عن كوكب الأرض قال تعالى: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" والذي ساعد الإنسان على ذلك هو اكتشافه الكاميرات الحرارية والأشعة تحت الحمراء وتحت البنفسجية وبرغم ذلك التقدم فإن الإنسان لم يعلم إلا الشيء اليسير من ملكوت الله لقوله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"، فهناك رهبة عند العلماء من الكبر في الحجم كما أن هناك رهبة من شدة الصغر وعما هو بعيد جداً وعما هو قريب جداً وهناك ما هو محجوب عنا مثل المخلوقات التي لا نستطيع أن نراها مثل الملائكة والجان والشياطين والمردة لأن الله قد شاء أن يحجبها عنا، فالله سبحانه جميع مخلوقاته لا تستطيع أن تراه لأنها لا تقوى على ذلك وتحترق، لأنه سبحانه لا تحيط به الأبصار، فالذات الإلهية لا تستطيع إدراكها الملائكة والبشر والجان والشياطين والمردة لأنهم مخلوقات لا تقوى على ذلك فهو "ليس كمثله شيء وهو السميع العليم"، وهناك عوالم فوق مدى أبصارنا أو تحت مدى أسماعنا لا تستطيع إدراكها حواسنا ففي هذه العوالم مخلوقات لا نعلم عنها إلا من القرآن والسنة أو من خلال سلطان العلم وأدواته لأن هذا الكون الشاسع المترامي الأطراف به مخلوقات لا تعد ولا تحصى، وهناك الكثير لا نعلم عنها، ومن رحمة الله أن جعل هناك توازنا في البيئة وهذا الكون ولا يجعل شيء يطغى أو يستثنى على حساب مخلوقات آخرين، فكل مخلوق جعل الله سبحانه له حدوداً لو تجاوزها لجعل الله ناموس الكون يقضي عليه من خلال مخلوق آخر أقوى منه.