نتفق أن رسالة المسجد أعم وأشمل من كونه مكان العبادة في الصلوات الخمس والجمعة والأعياد وغيرها، فهو مكان قراءة القرآن وتعلُمه وتعليمه للنشء والكبار، ومكان للتثقيف والتوعية بأمور الدين والحياة ومكارم الأخلاق وفضائل السلوك بدروس من الموثوقين من رجال الدين والتربية، وهو البيئة الحاضنة الحانية لأهالي الحي بما يعينهم على التعارف والتآلف ودوام المحبة وتحقيق تعاليم الدين في أهمية الجوار وحقوق الجار، وما يتحقق من روابط اجتماعية ومناشط تربوية ورياضية وترفيهية، ورحلات وزيارات، وتفقد أحوال جماعة المسجد، وتقديم العون للجار المحتاج، والتأثير الإيجابي في التعليم المتنوع والتربية والتحفيز على التميز والإبداع بين الشباب وداخل الأسرة، وخلق قدوات في الأحياء وداخل الأسر لتتحقق التنافسية في العطاء، وهو مكان صادق لتثقيف وتعليم الجاليات أمر دينهم والسلوكيات العامة المطلوبة، والعلاقة بمكفوليهم وأسرهم، والاستعداد عند دخول المسجد من نظافة عامة ظاهرة وباطنة. إن هذا وغيره الكثير من صميم رسالة المسجد والتي نراها مفقودة في أغلب المساجد، ولم تلتفت الجهات المعنية لتلك الأهمية المتنامية وأثرها والتي يشترك فيها أكثر من وزارة، ولكي لا يضيع الوقت، فقد نتفق أن إدارة شؤون المسجد الداخلية هي شأن جماعته، ولعل وزارة الشؤون الإسلامية تساعد بالمسارعة في مأسسة ذلك والتوجيه الرسمي بتشكيل مجلس إدارة لكل مسجد، مثلما يتم في الجمعيات الأهلية، ويكون الراغب من جماعة المسجد عضواً في جمعية المسجد العمومية، وينتخب من الأعضاء المترشحين لمجلس إدارة المسجد ما بين 5، 7 أعضاء، وإعداد اللوائح التنظيمية التي تحكم العلاقة داخل المسجد، ويتولى المجلس إدارة الشأن الداخلي للمسجد وتنفيذ المهام المعتادة، ومنها على سبيل المثال: اختيار الإمام والمؤذن وفق ضوابط دقيقة، فليس من الفائدة أن يُفرض على جماعة المسجد إمام غير ملتزم بالوقت والصلوات وغيابه يماثل نصف حضوره، أو إمام يرغب في وجود إمام احتياط يخلفه في غيابه، أو إمام يترك المسجد في أشرف ليالي العام الرمضانية وأيام الأعياد بحجة عمرة في رمضان، أو إمام يُكلف على صلاتي العيد والجمعة مؤذن المسجد دون تكليف من الوزارة وهو ليس خطيباً احتياطاً، أو إمام يغيب بضعة أيام في الشهر لزيارة أهله خارج مدينة مسجده، كذلك ليس من المقبول عندما تطلب من الإمام الإحاطة بغيابه لتدبير إمام يخلفه أن يرد عليك بقوله ليس في قاموسي الإحاطة ولا الإذن ولا الإعتذار، فالمؤذن لديه خبر بغيابي، وغيره الكثير من النماذج التي ينزعج منها المصلون عامة والقائمون على المساجد والمتبرعون بها على وجه الخصوص، لأنهم الأكثر التصاقا بمثل هذه الحالات وشكواهم إلى الله إذا غاب من ينصفهم ويسمع منهم، ويثق أن رغبتهم لمصلحة عامة لجماعة المسجد وليس لمصلحة خاصة للإمام. التواصل مع الإمام ومع الجهات والجمعيات المختصة بإقامة الدروس والحلقات التعليمية والتثقيفية والتنسيق مع أصحاب الفضيلة والعلماء وأهل الخبرة من أجل إقامة محاضرات دورية في المسجد تحقق رسالته الشاملة. إدارة الشأن الاجتماعي للمسجد، والتواصل مع الجيران وتفقد أحوالهم وتقديم العون للمحتاج منهم، وترتيب الزيارات والمسابقات والرحلات الدورية لخلق جو أسري تفاعلي دائم. التواصل باحتياجات المسجد حسب أهميتها مع المتكفل بالمسجد أو مع جماعة المسجد من الموسرين. الاهتمام بأحوال العمالة المنزلية لجماعة المسجد، وتنظيم رحلات للعمرة ليشعروا بروابط الإسلام الحقيقية وحنو القادر على المحتاج. ختاماً، من خلال مجالس المساجد سيتحقق معنى التطوع السامي لأفراد المجلس وخدمة جماعة المسجد وأسرهم وعمالتهم، ومعه سيتحقق هدف رؤية المملكة وربما تجاوز الرقم المحدد لذلك إذا ما قلنا إن عدد المساجد يقارب 100 ألف مسجد فإنه سيتحقق لدينا 500 ألف متطوع على الحد الأدنى، كذلك سيتحقق مع المجالس محور رئيس في جودة الحياة، والحميمية التي ستعيشها الأحياء والأسر من خلال تحقيق رسالة المسجد الشاملة التي طال انتظارها وتفعيلها مجتمعياً.