«قراءة ماتعة نرجوها لكم» جملة تذيلت بها أغلب إهداءات الكتب، والرسائل التي تصلنا وتشير إلى قراءة مقال قد نشر في إحدى الصحف أو المجلات. يقول نايلور: «ثمة شيء مميز بشأن القراءة من أجل المتعة، فالنواحي الإيجابية للقراءة من أجل المتعة ليست موجودة في أي نشاط لا صفّي آخر». وهنا ثمة شيء ينقصنا من أجل الوصول إلى قراءة ماتعة ومتعة القراءة!.. في زمن مضى عندما كنا صغاراً كانت المكتبة المدرسية وما تحويه من قصص خيالية مفتاحاً للغوص في القراءة ومتعتها، ومتنفسا بسيطا نعيشه لحظات متفرقة، غير أن المنهجية الواضحة لم تكن حاضرة لاستمرار ذاك الجمال القرائي؛ ليمتد خارج المدرسة ويبقى مدى الحياة. حب القراءة ومتعتها يحضر مع أول أهزوجة شعرية، نسمعها، نرددها، نقرأها، نهزج بها طرباً صبح مساء، مع أول كتاب نقرأه يبعث فينا الأمل، وأول قصة أو رواية تسرح بنا إلى عالم آخر، نعيش شخصياتها، أحداثها في اليقظة والنوم، شريطة أن يقع الاختيار على الكتاب الجاذب بالأسلوب والمحتوى المناسب أولاً للسن، والعكس صحيح قد نفقد شهية القراءة ومتعتها متى ما حدث غير ذلك. من القصص الخيالية التي قرأتها في الصغر ومازالت قابعة في الذهن، سلسة «ليدبيرد» الشهيرة التي تحمل علامة «الدعسوقة» ذات اللون الأحمر مع بقع سوداء. أذكر منها قصة « الكتكوت الذهبي» وشخصياتها الرنانة «دجاجة بجاجة، وبطة نطة، وديكي كيكي، ووزي هزي .....» بالمناسبة كانت تلك القصة أول كتاب أقرأه لأطفالي وأهديه لهم، ومن ثم توالت بقية الكتب. الأطفال يتوقون لإشباع غريزتهم القرائية وفيض خيالهم المتدفق، قد تلمحون يوماً طفلاً صغيراً يفتح القصة، وينظر إلى رسوماتها الجميلة ويترجمها بلغته البسيطة، ويروي أيضاً قصة باذخة ربما لا تتجاوز السطر من وحي خياله ومداد فكره. يحدث ذلك عندما تحضر طقوس القراءة الجماعية داخل المنزل، عندما نرى الأسرة تعانق الكتب وتتلذذ بقراءتها وتذوب في أسطر معانيها، عندما نجد الروضة والمدرسة تدعم وتمارس القراءة الماتعة الممنهجة الممتدة خارج أسوارها، عندما نرى مؤسسات ثقافية حية تدعم وتبارك هذا التوجه. «تأسيس جيل يحب القراءة ويصل إلى متعتها» هذا ما تراه وجهة نظري المتواضعة أمامك عزيزي القارئ والكاتب، ولكما وللباحثين في هذا المجال القلم. ويبقى السؤال: متى ستحضر القراءة الماتعة؟!.