فاز الفيصلي بأغلى البطولات وانضم إلى قائمة شرف الأبطال في تاريخ الكرة السعودية، وتأهل لدوري أبطال آسيا.. فاز الفيصلي بكأس خادم الحرمين الشريفين متجاوزاً أندية سبقته خبرة وفاقته إمكانات وحضوراً محلياً وخارجياً. هذه حقيقة و(لا جديد) وهو المتداول في القنوات الرياضية وبين المحللين وفي المجالس وحديث الناس طيلة الأيام الماضية.. الحقيقة الكبرى هي في أبعاد هذا الفوز ودلالاته. سدير إقليم يقع شمال غرب الرياض يتمدد عشرات الكيلو مترات كأكبر أقاليم نجد، ضارب في أعماق التاريخ له دوره وتأثيره في الحركة الاقتصادية والاجتماعية قبل البعثة النبوية الشريفة ولا زال حيث امتدت له يد النماء والعطاء في وقت مبكر فتشرف باحتضان أول مدرسة نظامية ضمن تسع مدارس ابتدائية تم افتتاحها في نجد قبل ما يقارب تسعة عقود أنتجت أصحاب معال ووزراء وأعضاء شورى ودبلوماسيين وأدباء وشعراء ومثقفين ورجال أعمال وإعلاميين ومتطوعين في الكشافة وغيرها من الجمعيات الخيرية والأعمال الإنسانية، أخلصوا للقيادة والوطن فكان لهم حضورهم القوي والمؤثر في التنمية وبناء الدولة. "حَرْمة" جزء من هذا الإقليم وهذا الحراك برجالها وأدبائها وشعرائها ورجال الأعلام والأعمال وب (الفيصلي). سدير التي أسهمت في التنمية الزراعية والصناعية من خلال منتوجاتها ومصانعها (أكبر مدينة صناعية في المملكة) جاء (الفيصلي) قوة ناعمة ليكمل هذه المنظومة مسجلاً حضورها رياضياً كرافد تنموي وذراع مهم في تحقيق رؤية المملكة 2030. سدير التي تتجه لها الأنظار مرتين في العام لتعلن رؤية هلال رمضان والعيد جاءت هذه المرة لتعلن عن رؤية (قمرها) الفيصلي في منتصف شوال 1442 محاكياً قمر السماء في ليلة اكتماله.. جاء الفيصلي من (حرمة) الوادعة في وادي الفقي في إقليم سدير الكبير ليخطف (كأس الملك) ويكسر قاعدة ظلت سائدة عدد سني عمره كأول ناد يفوز بها من خارج المدن الكبرى والرئيسة وعندما أقول (المدن) فإنما أعنيها بمفهومها (الديمغرافي) وليس الحضري والتنموي فقط! فوز الفيصلي لم يأتِ صدفة ولا ضربة حظ بقدر ما جاء نتيجة تخطيط سليم وقراءة لمعالم المستقبل. صعد للمرة الأولى للدوري الممتاز 2006 / 2007 لكنه هبط في ذلك الموسم فتعلم الدرس ليعود أكثر قوة 2010 / 2011 ويحقق المركز السابع ثم الاستقرار في هذا الدوري حتى الآن. عشر سنوات ظل يخطط ويرسم لترسيخ اسمه ومنطقته وحضوره الدائم مدركاً أن استمراره مع أندية المحترفين هو أقرب الطرق لصناعة فريق بطل. نهل من تراث سدير ف(لم يكبر اللقمة) و(مد رجليه على قدر لحافه) فكانت اختياراته (العيش قص والتمر خص) كان كما السحابة لا ريث ولا عجل.. تغنى برائعة عبدالله الفيصل: (وأنت مناي اجمعها مشت بي .. اليك خطى الشباب المطمئن) تمايل طرباً مع سامريات (ابن لعبون) فعزفها بلحن جديد و(طرْق) جديد وفي ساحة جديدة فتحقق له المراد لينقل اسمه واسم (سدير) للعالمية ويتردد صداها عبر أكبر قارات العالم. من أهنئ!؟ وبمن أشيد!؟ نجاح كهذا لا يمكن أن ينسب لفرد ولا لعدد محدود. هناك من يعمل بصمت ومن خلف الكواليس. ومن يدعم مادياً أو معنوياً. منظومة عمل متكاملة كل يعرف دوره ويحترم دور الآخر شعارها(نكران الذات)، لا شك أن التهنئة أولاً لأهالي سدير عموماً و"حرمة" على وجه الخصوص.. ولا أنسى رئيس النادي أ. فهد المدلج الذي كان محل ثقة أعضاء الشرف و(القوي الأمين) على النادي. وأعضاء الشرف وفي مقدمتهم أسر الدريس والعقيل والماضي والعبدالكريم والمدلج وكل أبناء حرمة، وإلى مؤسس النادي د. إبراهيم المدلج (أبو حافظ) والشيخ عثمان الصالح - رحمه الله - الذي كان له دوره الكبير في تأسيس النادي وقيامه. الفيصلي لا يملك إمكانات الأندية الكبار ولا إعلام الأندية الكبار ولا موارد الأندية الكبار لكنه يملك إرادة الكبار وإدارة الكبار، إنها (الإدارة بالإرادة) والله من وراء القصد. عبدالله الضويحي