النهوض بالمجتمع والرقي به يتحقق من عدة روافد سياسية واجتماعية وأخلاقية، ويأتي دور الإعلام ليبلور تلك النهضة والحضارة في هيئة مخرجات تنموية، وفي حقيقة الأمر هناك فجوة كبيرة بين الواقع والمثالية التي نسعى إلى تحقيقها، وفي سياق حديثنا عن الإعلام نتناول الدراما الرمضانية برؤية النقد البناء. لا يخفى على الجميع أن شهر رمضان تحول إلى مضمار سباق يسعى فيه المنتجون إلى طرح الأعمال الدرامية بغض النظر عن محتواها فنجد أن العديد من الأعمال الدرامية تشوه صورة المجتمع بل وتنحدر به أخلاقياً، وفي ظل الإنجازات التنموية التي ننعم بها في وطننا لا نجد عملاً درامياً يتناول هذه المعطيات الوطنية المشرفة، وهذا أمر مخجل، وبامتياز أصبح الزخم الدرامي الهدام في شهر رمضان هو الأعلى صوتاً والأكثر تأثيراً وخاصة على فئة الشباب المتأثرين بالصيحة الدرامية التي تصور لهم المجتمع على غير حقيقته، والسؤال يطرح نفسه: من المستفيد من طرح الدراما الهدامة على شاشات التلفاز؟ الدراما في حد ذاتها أعمال فنية تُحترم في حال خلت من القيم الهدامة ولامست واقع المجتمع، وللأسف لا يوجد حتى الآن أعمال درامية عالية المستوى تحمل في ثناياها الملاحم الوطنية الخالدة والمبادئ الوطنية التي ننفرد بها عن باقي البلدان، نريد إعلاماً ينهض بالوطن ولا نريد إعلاماً ينتقص من قيمة مملكتنا الشامخة، إن العار بحق أن نشاهد القيم والأخلاق والمبادئ تنتهك في شاشات التلفاز ولا شك بأن هناك شريحة من المجتمع تأثرت بهذه الأعمال السيئة. ومن الخطر استغلال الدراما في هدم المجتمعات لأن لها تأثيراً فكرياً ونفسياً وسلوكياً على الجمهور، فالدراما صناعة وليست أعمالاً ارتجالية، لذلك علينا توخي الحذر ولنكن على وعي بأن دعم الدراما الهدامة يرسخ وجودها ويوسع من رقعتها، وأستغرب عندما يتغافل المنتجون عمداً عن عرض تميز المجتمع السعودي وتنوعه من منطقة لأخرى في العادات والتقاليد واللهجات والأزياء والأكلات والمناسبات، هذا فضلاً عن إنجازات الدولة الطموحة على كافة الأصعدة والمستويات، وهذا كله مجال خصب وأفق رحب لعمل أعمال درامية سعودية ذات قيمة. وفي الختام هذه الكلمات ليست بمثابة أحكام مسبقة على أعمال درامية بعينها، بل هي جرس إنذار للتأثير السلبي الذي تحدثه الدراما الهدامة في مجتمعنا، ونتطلع إلى أعمال درامية راقية تليق بوطننا في القريب العاجل بإذن الله تعالى.