لم أكن أنوي الحديث عن إنجازات رؤية 2030 بعد مرور 5 أعوام على إطلاقها، ليس لسبب سوى أن هذه الإنجازات كثيرة ومتعددة ومتتابعة، وسبقني إلى ذلك زملاء كثيرون من الكتّاب والمحللين داخل المملكة وخارجها، بيد أن حديث ولي العهد التلفزيوني الأخير كشف لي حقيقة مهمة، وهي أن لهذا الوطن ولاة أمر، يواصلون الليل بالنهار، من أجل وطنهم ومواطنيهم، وأن تفكيرهم لا ينقطع دقيقة واحدة من أجل نهضة البلاد، والوصول بها إلى أبعد نقطة من التقدم والازدهار والتطور، وهي مهمة ليست بالسهلة، خاصة وسط ظروف جائحة كورونا المدمرة لاقتصادات العالم. حديث ولي العهد عن الرؤية، وما أحدثته في المملكة، لهو شيء خارج حدود المنطق والعقل، خاصة بعد اتفاق الجميع وتأكيدهم أنه لولا إطلاق الرؤية في هذا التوقيت، لكان وضع المملكة الاقتصادي والاجتماعي غير معلوم، مع الانكماش الاقتصادي الدولي من جانب، وتراجع أسعار النفط من جانب آخر بسبب الجائحة وتداعياتها. الرؤية كانت بمثابة خارطة طريق للمملكة، أعادت اكتشاف إمكانات البلاد، وتوظيفها في صورة مشروعات عملاقة، وصححت الكثير من المفاهيم والاعتقادات الخاطئة، وبرهنت للجميع بأنه لا مستحيل أمام العمل الجاد والرغبة الصادقة في تحقيق الذات ومواكبة المستجدات. وجاء حديث سمو ولي العهد، ليرسم ملامح المستقبل بريشة قائد ملهم، ويبشر الجميع بأن مستقبل المملكة وشعبها مطمئن ومزدهر، ولعل أهم ما كشف عنه سموه في الحوار أن قادة هذه البلاد يعلمون ويستشعرون معاناة المواطن جيداً، ويدركون أبعادها، ويعملون على تصحيح الأوضاع الطارئة، لإعادة الأمور إلى نصابها، وبدا هذا جليا عند حديث سموه على ضريبة القيمة المضافة، والأسباب التي دعت المملكة إلى فرضها بنسبتها العالية وهي 15 %، وكان رائعاً أن يعلن سموه للجميع أن هذه الضريبة لن تستمر أكثر من 5 سنوات بحسب مستجدات المشهد الاقتصادي السعودي. الثقة الزائدة في حديث ولي العهد، كشفت عن نفسها مرات عدة، عندما قال إن كل الأرقام التي كان يُعتقد بأنها غير قابلة للتحقيق، كسرتها الرؤية في 2020، وأعلن أيضاً أن المملكة قادرة على كسر كثير من هذه الأرقام في 2025، ما يعني بأن البلاد سوف تحقق أرقامًا أكبر في 2030. وما لفت نظري في حديث سموه، الإشادة بقطاع النفط، والتأكيد على أن النفط خدم المملكة بشكل كبير جداً، ولكن هناك خطورة في استمرار اعتماد الاقتصاد الوطني عليه، ولذلك تسعى المملكة للاستفادة من القطاع النفطي وغير النفطي، يدفعها في ذلك ارتفاع النمو السكاني بشكل كبير، لذلك لن تتردد المملكة في استغلال الفرص غير المستغلة عبر رؤية المملكة 2030، وأبهر ولي العهد الجميع بالإعلان أن لدى البلاد رؤية ل2040 بعد تحقيق أهداف رؤية 2030. حديث ولي العهد كان شاملاً ووافياً إلى أبعد نقطة ممكنة، لا أستطيع أن أوفيه حقه من الشفافية والوضوح التي بدت في نبرة صوته، وهو يتحدث بأريحية وصدق وصراحة، مستخدماً لغة الأرقام، موقناً أنه يتحدث إلى أفراد شعبه وعشيرته الذين كانوا ينتظرون مثل هذا الحديث، ليعرفوا إلى أين وصلت المملكة في ظل الرؤية؟ وماذا ستفعل في غدها المشرق؟.. فجاء الحديث مطمئناً ومبشراً بأننا على الطريق الصحيحة سائرون.