بقدر الترقب داخل المملكة وخارجها، الذي صاحب رؤية 2030 في بداية انطلاقها في صيف 2016، بقدر حالة الاطمئنان والراحة النفسية التي بدا عليها السعوديين اليوم، وهم يرون نتائج هذه الرؤية، وقد أعلنت عن نفسها بكل ثقة واقتدار، بعدما اعتمدت على خطط نوعية وطموحة، وسعت إلى ترجمة أهداف وتطلعات كانت مكتوبة بالحبر على ورق، إلى واقع معاش، يلمسه الجميع اليوم على أرض الواقع. وجاء حوار سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مؤخراً، ليرسم ملامح مستقبل البلاد وما أنجزته الرؤية في خمس سنوات مضت، هذه الإنجازات تعكس كماً هائلاً من الجهود التي بذلها سموه.. من أجل تحقيق كل ما وعدت به الرؤية من تطلعات كثيرة اقتصادية واجتماعية وتنظيمية. تابعت حوار ولي العهد كغيري من ملايين المواطنين وغير المواطنين، ومع توالي الأسئلة والإجابات عليها، أجد أن ذهن سموه كان حاضراً في كل سؤال، يستعين بالأرقام والإحصاءات الدقيقة، ويستشهد بقصص الماضي، ويقارن بينها وبين الحاضر، ثم يتناول سموه ما أحدثته الرؤية في الوقت الحالي. سموه كان يذكر التفاصيل بكل شفافية ودقة وصراحة دون تحفظ، فهو يدرك جيداً ماذا يقول على الملأ؟ وماذا لا يقول؟، يعدد الإنجازات في كل المجالات والقطاعات، ويتطرق إلى تطلعات الرؤية في السنوات المقبلة، ولا يتغافل عن العقبات والمشكلات. ما لفت نظري في الحوار، أن سموه يختزن كل تفاصيل مشروعات الدولة وبرامجها في ذهنه، ليس لسبب سوى أن كل هذه التفاصيل تشغل باله في الصباح والمساء، ما يؤكد أن سموه يقضي يومه خلال ورش عمل ولقاءات ونقاشات مستمرة مع مسؤولي الدولة لإعداد برامج الإصلاح والتغيير، وبحث الأولويات. ومع كل سؤال وجواب، أستشعر حقيقة مهمة، وهي أن المملكة سلكت الطريق الصحيح نحو الإصلاح الجاد والشامل، وإجراء التغيير المطلوب، وهذا الأمر أوصلني إلى حقيقة مهمة، ألمح إليها سمو ولي العهد في الحوار، وهي أن 2015 كان عاماً صعباً على المملكة، احتاجت فيه إلى التغيير السريع في الكثير من مفاصل الدولة، حتى تحافظ على مكتسباتها التي حققتها في السنوات الماضية، مما تتطلب أن تكون هناك رؤية طموحة ودقيقة في خطواتها وبرامجها، حتى تؤتي ثمارها المرجوة، وتعالج الأخطاء، وتستدعي المستقبل، وتحقق الإنجازات المأمولة التي يتمناها ولاة الأمر، يترقبها الشعب السعودي. أستطيع التأكيد على أن لقاء سموه كان من الشمولية والصراحة والوضوح، يصلح أن يكون بمثابة دستور تسير عليه البلاد في مقبل السنوات، وفي الوقت نفسه تحفيز المواطن على بذل المزيد من الجهد والتضحيات لتحقيق ما تبقى من أهداف الرؤية، هذه الجهود والتضحيات ستثمر - حتماً - عن دولة قوية وراسخة، تنعم فيها الأجيال المقبلة بحياة مستمرة وسعيدة.