أشاد باحثون وأكاديميون بمضامين حديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله – خلال اللقاء التلفزيوني الذي بثه التلفزيون السعودي وعدد من القنوات العربية، الذي استنهض من خلاله همم المواطنين، وأكد الرهان عليهم كأهم ثروة لبناء الوطن وتنميته، وحديثه بكل شفافية عن ما تم إنجازه وتحقيقه طيلة السنوات الخمس الماضية بلغة رقمية تثبت المضي بخطى ثابتة نحو الريادة العالمية، منوهين بانفتاح المملكة على العالم دون خوف أو تردد مع التمسك بالوسطية والاعتدال في كل شؤون الحياة، وهو ما تتسم به الشريعة الاسلامية السمحة، والتي تتعارض مع فكر التشدد والتطرف والغلو فضلا عن الإرهاب والجريمة، مشيرين إلى ما تضمنه حديث سموه من رسائل مهمة للعالم، فالمملكة تنطلق من مصالحها العليا في علاقاتها المختلفة وتحالفاتها الدولية وكذلك في علاقاتها مع محيطها الإقليمي، والمملكة لا تريد إلا الخير للعالم وللمحيط الإقليمي بما فيها إيران. رؤى ومنجزات وقال عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة د. غازي العارضي : حديث سمو ولي العهد – حفظه الله - غطى جوانب اقتصادية وسياسية وفكرية وثقافية ودعوية، ابتداءً بشرح رؤية المملكة 2030 وما تحفل به، من رؤى ومخرجات وإنجازات واعدة، والتي ظهرت تباشيرها في عدد من المجالات رغم قصر المدة، والتي تعتمد في فلسفتها على تعدد مصادر الدخل والنمو المطرد وعدم الارتهان للبترول، فالمملكة تحفل بثروات اقتصادية هائلة أخرى لا مندوحة من استغلالها وتوظيفها في الرؤية الحضارية وخططها المستقبلية كالتعدين والتجارة والصناعة والزراعة والاستثمار في الصناديق السيادية الخارجية والداخلية. تمسك بالثوابت وأضاف: ولي العهد - حفظه الله - أكد على تمسك المملكة بالشريعة الاسلامية مصدرا وحيدا لنظامها، كما نص عليه النظام الأساسي للحكم، وفق الجمع بين مبدأ الأصالة والمعاصرة وعدم التنكر للمكاسب التاريخية والسياسية والفكرية والثقافية والدعوية التي حققها البناة الأولون من الأئمة والملوك - رحمهم الله -، فمن لا ماضي له لا حاضر له، مؤكدا أن الفقيه والمشرع السعودي المعاصر لا يخرج قيد أنملة عن مقاصد وروح الشريعة الإسلامية التي يدور فلكها على جلب المصالح ودرء المفاسد، وإن النوازل والظروف المتسارعة في عالم اليوم تلزمنا البحث عن الدليل المفعم بحمولة المنفعة ودرء المفسدة وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، سواء حال التلبس بالمخالفة أو الرفع إلى القضاء أو أمام النازلة الجديدة كما تلقينا ذلك من مدرستنا التجديدية، حيث إن القاضي والمفتي السعودي غير ملزم برأي واحد، وفق ما هو قائم ولم نأت بجديد كما ورد في المجلة الفقهية القضائية منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وكما سار عليه منهج الإفتاء في المملكة منذ تأسيسها حتى الآن، وما دورنا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- سوى التأكيد على هذه المنهجية الفقهية المرنة والقوية في آن واحد، والتي قامت عليها صروح الدولة السعودية. انفتاح على العالم وتابع: ولي العهد – حفظه الله - أكد أن المملكة منفتحة على العالم دون خوف أو تردد من خلال الاستفادة الواعية والانتقائية والاستقلالية من المنجزات الحضارية المعاصرة وفق الرؤية والهوية الحضارية السعودية القوية، رافضا في ذات الوقت التقوقع والانهزامية، والتمسك بالوسطية والاعتدال في كل شؤون حياتنا، وهو ما تتسم به الشريعة الاسلامية السمحة، والتي تتعارض جملة مع فكر التشدد والتطرف والغلو فضلا عن الإرهاب والجريمة، وطمأن الشعب السعودي بأننا ماضون في خططنا المستقبلية بوعي وانتقائية، متطلعين إلى أن دولتنا السعودية سوف تأخذ مكانها قريبا في مصاف الدول الرائدة حضاريا، منوها بالعنصر البشري السعودي الذي من دون مشاركته وعزمه وتصميمه لن نحقق شيئا، وأن المملكة دولة أمن وسلام تفتح ذراعيها لكل من يريد أن يتعاون معها في تحقيق الأمن والسلام والنهضة لشعوب المنطقة ودولها، داعيا إيران وأدواتها وأذرعتها في المنطقة إلى التخلي عن فكرة الهيمنة والسيطرة، فقد أثبت التاريخ فشل تلك السياسة ومخرجاتها الكارثية. رسالة للمشككين وأكد أستاذ البحوث والدراسات بالجامعة الإسلامية د. سليمان بن عبدالله الرومي أن حديث سمو ولي العهد – حفظه الله - بالأرقام والأدلة بعيدا عن العواطف لا مجال للتشكيك فيه، يقيس أين كنا؟ وأين نحن الآن؟ من خلال رؤية 2030، فهو يزيد المواطن ثقة بقيادته ويبعث مزيدا من الاطمئنان له في حاضره ومستقبله ومستقبل أبنائه ووطنه في خضم مفاجآت الوضع الإقليمي والعالمي، كذلك هذا الحديث المدعم بالأرقام والحقائق رسالة للمشككين بالرؤية وبقيادة المملكة، حيث إن من يجيبهم هو الواقع والأرقام لذا فلا مجال لهم لإنكار ذلك رغم حقدهم على المملكة وقيادتها، مشيرا إلى أن سموه في حديثه بموضوعات مختلفة دينية واجتماعية واقتصادية وغيرها يتحدث بلغة المتخصص المستوعب لتفاصيل تخصصه، إذ يلخص نظريات وكتب في كلمات موجزة تعبر عن الفكرة بشكل واضح ومبسط وتقنع المتلقي، ولا أدل على ذلك من طريقة حديثه عن منهج الاعتدال الذي تنتهجه المملكة اعتمادا على نصوص الكتاب والسنة قطعية الثبوت وقطعية الدلالة، وبيان سموه لاحترام اجتهادات العلماء حول النصوص ظنية الثبوت وظنية الدلالة هذه الاجتهادات المتغيرة تبعا لتغير الأحوال والأزمان فهذه غير ملزمة وباب الاجتهاد مفتوح فيما لا يتعارض مع النصوص القطعية، وسموه بهذا المفهوم يؤكد ويعزز مفهوم كون الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان. تطوير الأداء وأضاف: إن سموه بهذا الطرح المميز والاعتزاز بالشريعة الإسلامية، والتأكيد على أن القرآن هو دستور هذه البلاد وبكل شجاعة وثقة واقتناع، فإنه يؤكد المؤكد، ويرد على من فهموا أن رؤية سموه ابتعاد عن النهج الإسلامي للمملكة، بل إن نهج المملكة هو الوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف بكل أشكاله، وما هذه الرؤية إلا للتطوير في ضوء وسطية الإسلام واعتداله، ومن النقاط المهمة في حديث سموه أنه أعطى صورة واضحة ومبسطة في كيفية معالجة القيادة لجوانب الضعف والجوانب السلبية في الدولة على المستوى التنظيمي والإداري وما ترتب على ذلك من إعادة هيكلة لبعض الوزارات وتحديث الأنظمة وتعزيز الجانب الرقابي ومكافحة الفساد، ما أحدث تغيرا ملموسا وفارقا واضحا في أداء الوزارات والمصالح الحكومية في سبيل خدمة المواطن وتطوير أدائها، والواقع شاهد على نتائج ذلك، قفزة في المستهدف في تملك المساكن إلى 60 %، وتطور غير مسبوق في الأداء الرقمي في عمل الجهات والوزارات، وجدية في معالجة البطالة من خلال الأرقام ومتابعة ذلك. المصالح العليا وتابع: في حديث سموه رسائل مهمة للعالم، فالمملكة تنطلق من مصالحها العليا في علاقاتها المختلفة وتحالفاتها الدولية وكذلك في علاقاتها مع محيطها الإقليمي، وأن المملكة لا تريد إلا الخير للعالم وللمحيط الإقليمي بما فيها إيران، لكن في المقابل فإنها لا تقبل أية ضغوط خارجية ولن ترضى بوجود ما يهدد أمنها واستقرارها خصوصا على حدودها، وعموما فحديث سموه كان متسما بشفافيته وصراحته وعلميته وحقائقه، فلا شعارات ولا مبالغات ولا مجال للمزايدة والتكذيب والتشويه لكل ما تحدث به سموه، فقد تحدث بالأدلة والشواهد والأرقام والإقناع المنطقي، فالحمد لله الذي هيأ للمملكة مثل سموه بهذا الفهم وبهذا التصور وبهذه الرؤية الثاقبة وبعد النظر، حفظ الله المملكة وقيادتها وأدام عزها. الاعتدال نهج الحياة وقال الباحث والأكاديمي د. محمد بن علي الذبياني: من نعم الله على هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين أن وفقها بحكام مباركين أقاموا أسسها على نهج كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما شاهدناه خلال ذلك اللقاء الرائع مع سمو ولي العهد - حفظه الله - يجعلنا متيقنين أننا نسير وفق طريق مستقيم ونهج قويم سواء كان ذلك دينيا أو دنيويا، حيث أوضح سموه بعيدا عن محور الاقتصاد أن الاعتدال هو أساس نهج الحياة فلا إفراط ولا تفريط، مسترشدا بقول الله سبحانه وتعالى: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ..."، وأكد سموه أن ذلك النهج الوسطي هو الذي تسير عليه هذه البلاد بل وينص عليه النظام الأساسي في حكم المملكة، وهذا بدوره يوقف زمن التخبط في اختيار العقوبة والتي كان يقدرها البعض من القائمين عليها بشكل متفاوت سواء ثابتة أو ظنية الوقوع، وأنه من الآن لا عقوبة على شأن ديني إلا بنص صريح من القرآن الكريم، وسيغلق باب التعسف في الأحكام الذي كان يخضع لمزاج ناظر القضية الشرعية، لذلك كان إصلاح وتطوير منظومة وزارة العدل مطلوبا، حيث انعكس ذلك إيجابا على قضاء حوائج الناس وسرعة إنجازها. الاجتهاد والتطرف وأضاف: بين سموه - حفظه الله - أن باب الاجتهاد في الشريعة بضوابطه مفتوح ولا يمكن أن نلتزم بمدرسة شرعية معينة، لأن الزمان يتغير وتظهر أمور مستحدثة تحتاج إلى أن يجتهد العلماء في تقنين أحكام لها من واقع شريعتنا الإسلامية، حيث إن بعض الفتاوى المجتهد بها تتغير بتغير الزمان والمكان، كما يجب أن لا يخرج ذلك الاجتهاد عن مكنون القرآن والسنة حيث يتم صياغة القوانين التي تنظم حياة الناس من خلالهما ليتم تحقيق أمننا ومصالحنا الوطنية، وقد تطرق سموه -حفظه الله- إلى ملمح عانت منه بلادنا على مدى سنوات، حيث تغلغلت بعض الجماعات الدينية التي تدعي الإسلام زورا في مفاصل الدولة، وقامت ببث أفكارها المتطرفة مما نتج عن ذلك إرهابا زعزع أمن المواطنين، ودمر ممتلكاتهم، وفقدوا فلذات أكبادهم باعتناقهم تلك الأفكار الخبيثة، وقد أحسن سموه – حفظه الله - عندما وصف تلك الحقبة الزمنية بأنها مرحلة صعبة ذلك لأنه يعلم أن تلك الطغمة الفاسدة قد غيبوا أفكارهم وأسلموا عقولهم ليتم أدلجتهم سلبا ضد بلادهم وأهلهم، لذلك كان توجيه سموه واضحا من خلال لقاء الأمس بأن القانون سيطبق بشدة على أي إرهابي أو متطرف أو حتى من يسوق لأفكار متطرفة أو يتبناها كائنا من كان، ولن يكون هناك تهاون في تتبع بؤر التفريخ لأصحاب الفكر الضال، وسيتم كف أذاهم وعبثهم عن المجتمع، لتعيش البلاد والعباد في أمن وطمأنينة. اليسر والسماحة وأشاد الباحث الشرعي والمحكم القضائي الشيخ زياد بن منصور القرشي بحديث ولي العهد عن أبرز ما حققته برامج ومشروعات رؤية المملكة 2030 خلال الأعوام الخمسة الماضية، وما ذكره سموه في الجانب الشرعي مجددا التأكيد على أن دستورنا هو القرآن الكريم والنظام الأساسي للحكم ينص على ذلك، وذكر أنه في قوانين المملكة فإنه "لا عقوبة إلا بنص قرآني واضح أو في الحديث المتواتر وهذا الأمر من مفاخر هذه البلاد المباركة، ومما يعتز به حكامها ويعلنونه صريحاً في المحافل والمؤتمرات واللقاءات المحلية والدولية، وهو امتداد واستمرار على النهج المبارك الذي أسست عليه هذه الدولة المباركة، وكذلك تأكيد سموه على مبدأ الاعتدال والوسطية والتي من مظاهرها يُسر وسماحة الدين الإسلامي في جميع أحكامه الذي رسخه الله في القرآن الكريم بقوله: "يرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، وأكده الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: "إنّ هذا الدِّين يُسرٌ، ولن يُشادَّ هذا الدِّينَ أحدٌ إلّا غلَبه..". نبذ التعصب وأضاف: ما ذكره سمو ولي العهد بأنه لا عقوبة على شأن ديني إلا بنص قرآني صريح وطبقها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهذا مبدأ عظيم، وقد رسخ النظام الأساسي للحكم في مادته ال 38 بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي، ولا يمكن فرض أي عقوبة لم يجعلها النظام من العقوبات التي يجب إيقاعها بحق الجاني حتى العقوبات التعزيرية التي تقدرها المحكمة، فالضابط في التجريم والتأثيم هي الشريعة الإسلامية أو النظام ولا داعي للتوسع فيه من دون نص شرعي أو نظامي، وما ذكره سموه أننا لسنا ملزمون بمدرسة فقهية معينة وباب الاجتهاد مفتوح يرجع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبدًا كتاب الله وسنتي"، ويأتي بعد ذلك الاجتهاد في فهم النص من الكتاب والسنة، والاجتهاد حق مكفول لكل مسلم يملك معاييره وضوابطه، وفي هذا الأمر نبذ التعصب لمذهب معين، وإنما التعصب للدليل الصحيح من القرآن والسنة، فنحن أبناء الدليل ندور معه حيث يدور، والفتاوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال، ومما يؤكد ذلك أن الإمام الشافعي -رحمه الله- كان له مذهبان مذهب في العراق ومذهب في مصر، ومنهج المملكة واضح وصريح في التمسك بالثوابت والعمل بالكتاب والسنة ومحاربة الغلو والفكر المتطرف والجماعات الإرهابية.