أكد معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ان الوسطية والاعتدال هي سمة من سمات الشريعة الاسلامية.. وهي منهج وسطي موافق للشرع، وموافق للعقل الصحيح، وقال :ان الشرع الصحيح بنصوصه وقواعده واجتهادات العلماء فيه يدعو الى الوسطية والاعتدال وينهى عن الغلو والمبالغة. وشدد معاليه على ان الوقت الراهن يتطلب منا الشعور بالمسؤولية، والوقوف بحزم مع متطلبات منهج السلف الصالح، حاملين للامانة، وحاملين للمنهج الصحيح وعقيدة أئمة السنة والجماعة بحق، وان نكون خير مؤتمن على ذلك. وأبان معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ ان احداث الرياض التي وقعت منذ حوالي اسبوعين وراح ضحيتها ابرياء من المسلمين وغير المسلمين فجع بها كل مخلص لله ولرسوله ولكتابه ولائمة المسلمين وعامتهم من وجود الاجرام والانحراف في بلد السنة والاسلام التي هي محط الانظار ومنبع نشر عقيدة السلف الصالح. جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ مؤخرا بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض تحت عنوان : (الوسطية والاعتدال وأثرهما على حياة المسلمين) ، وفيما يلي نص المحاضرة: بسم الله الرحمن الرحيم، اشكر الله على آلائه العظيمة، ومنحه المتتابعة، واشهد ان لا إله إلا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمدا عبد الله ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - تسليما كثيرا أما بعد : فإني في فاتحة هذا اللقاء لاشكر لمنسوبي جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية حسن رعايتهم للمطلب الشرعي، وحفاظهم على الديانة، وقيامهم بواجب الامانة تجاه ملة الاسلام وشريعة محمد بن عبدالله - عليه الصلاة والسلام - ولا شك ان الواجب اليوم عظيم جدا ولاشك ايضا ان حماية الاسلام ورعايته تتطلبان منا دائما النصح والمراجعة ونقد النفس بين حين وآخر حتى يكون العمل صالحا خالصا صوابا، وهذه المحاضرة جاءت في هذا الوقت الذي يتطلب منا الشعور بالمسؤولية ويتطلب منا الوقوف بحزم مع متطلبات منهج السلف الصالح ويتطلب منا ان نكون حاملين للامانة، حاملين للمنهج الصحيح وعقيدة أئمة السنة والجماعة بحق، وان نكون خير مؤتمن على ذلك، لهذا اخترت في خضم هذه الاحداث التي فجع بها كل مخلص لله ولرسوله وكل ناصح لله ولرسوله ولكتابه، ولائمة المسلمين وعامتهم من وجود الاجرام والانحراف في بلد السنة والاسلام التي هي محط الانظار وهي منبع نشر عقيدة السلف الصالح. اخترت موضوعا بعنوان : (الوسطية والاعتدال وأثرهما على حياة المسلمين) هذا الموضوع موضوع شرعي لان الله - جل وعلا - وصف هذه الائمة بأنها الامة الوسط، قال سبحانه : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) ولان لفظ الوسط وكون هذه الامة وسطا جاء في كتب العقائد فما من كتاب من كتب اهل السنة والجماعة أهل الحديث والأثر الا وينصون فيه على ان هذه الامة وسط، وعلى ان اتباع المنهج الصحيح وسط ايضا بين الغالي والجافي. الوسطية والاعتدال لها سمات وهذه السمات موجودة في النصوص، وموجودة في سلوك الصحابة، وفي سلوك أئمة الاسلام، اما سماتها فالوسطية والاعتدال هي سمة الشريعة بنص القرآن فهذه شريعة متسمة بأنها شريعة السماحة ورفع الحرج، قال الله - جل وعلا - : (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ، وقال ايضا : (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) ، من سماتها انها شريعة العدل في الاحكام والتصرفات، ولذلك كانت وسطا فالعدل في الاحكام والتصرفات يوجب الوسطية لان غير ذي الوسط لابد ان يكون في سلوكه اما الى تفريط واما الى افراط. المنهج الوسطي من سمات المنهج الوسطي الذي هو منهج الشريعة ان هذا المنهج موافق للشرع ثم هو موافق للعقل السليم فالشرع الصحيح بنصوصه وقواعده واجتهادات العلماء فيه يدعو الى الوسطية والاعتدال وينهي عن الغلو والمبالغة، وكذلك مقتضيات العقل السليم فان حياة الناس لا تستقيم الا بهذه الوسطية فان الانحراف عن الجادة بغلو او جفاء لا يكون معه العيش مستمرا على وقت مصالح الناس فمصالح الناس تقتضي عقلا ان يكون هناك منهج متوسط يجتمعون عليه ويدافعون عنه. من سماتها ايضا ان الوسطية والاعتدال يبرآن من الهوى ويعتمدان على العلم الراسخ والعلم، اما ان يكون نصا من كتاب او سنة، او ان يكون قولا لصحابي فيما لم يرد فيه النص او يكون من اجتهادات اهل العلم الراسخين في ذلك فاعتماد الوسطية على العلم الراسخ الصحيح مظهر من مظاهرها وسمة من سماتها. من سمات الوسطية ان الوسطية تراعي القدرات والامكانات فليس صاحب الوسطية معجزا للناس في طلباته او دائما الى خيالات في آرائه وتنظيراته، كثير من الناس صاحب تنظيرات وصاحب خيالات، وهؤلاء يبتعدون عن الوسطية المرادة، لان الوسطية والاعتدال تؤثر في حياة الناس وهذا واقع ملموس وهذا يعني ان تراعى في ذلك القدرات والامكانات سواء كانت قدرات الافراد، او قدرات المجتمع، او قدرات الدولة الخاصة بالبلد ام القدرات المتعلقة بالاوضاع العالمية، كذلك من سمات الوسطية والاعتدال ان فيها مراعاة للزمن، والناس فالزمن يتغير والناس ايضا يحتاجون الى تجدد باعتبار الزمن وباعتبار التغير. فمحافظتهم على المنهج الوسط هذا يقتضي ان تكون هناك مراعاة لاختلاف الازمنة ولاختلاف الامكنة ولاختلاف الناس ولهذا نص اهل العلم على ان الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان والوقائع والاحوال والناس. لماذا نذهب الى الوسطية ؟ هل هو لعلاج مشكلة قامت ام هو لاجل ايجاد حلول لمشكلات ام لغير ذلك؟ نختار الوسطية والاعتدال لان الله - جل وعلا - امر بها وامر بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهي مأمور بها ويجب على الناس ان يمتثلوا المأمور وان يجتنبوا ما لم يؤمر به في المناهج والافكار، ثم لان الوسطية حق ولان غيرها باطل، ولان الوسطية وهذا هو العامل الثالث بريئة من الاهواء فغالبا يكون طرفا الجهتين اما الغلو وإما الجفاء، إما التفريط واما الافراط يكون ثم هوى يحركه، اما الوسط والاعتدال المبني على العدل والحق فإنه يبرأ من الهوى والهوى مأمور ان نبرأ منه وان نسعى في تجنب أثره على النفس في الفكر والحكم والتحاكم قال الله - جل وعلا - : (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) ، والرابع كون الوسطية والاعتدال موصلة الى تحقيق مقاصد الشريعة في الدين والدنيا، معلوم أننا نحتاج لتحقيق الشريعة أن نرعى مقاصد الشريعة وأن نحقق مقاصد الشريعة في الناس، فالشريعة جاءت لتحكم في الناس ولتكون حياة الناس على ضوئها، ولم تأت الشريعة لتكون نظريات يباهى بها او تكون خيالات للناس يفتخرون بها دون ان تكون تطبيقا لواقع، تطبيقا في الواقع باحكامها ومثلها وعقائدها، لذلك فالوسطية والاعتدال على نحو ما ذكرنا موصلة الى تحقيق مقاصد الشريعة في الدين وفي الدنيا ايضا ، الخامس والاخير نختار الوسطية لان الوسطية أبعد عن الفتن ما ظهر منها وما بطن، فالفتن في تاريخ الاسلام منذ ان نبع وظهر المعترض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله أعدل يا محمد، ورد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ويحك من يعدل اذا لم أعدل، هذه الوسطية منذ ذلك الحين مرورا بخروج الخوارج والفرق الضالة الى ان وصلنا الى هذا الوقت بما فيه الى ان حصلت التفجيرات الاخيرة وما فيها من افكار وما فيها من غلو وتكفير وجفاء، لهذا كله نختار الوسطية لانها مبعدة عن الفتن ما ظهر منها وما بطن. اسباب الثبات على الوسطية الوسطية في الثبات عليها لها اسباب فمنها، اولا : معرفة المنهج الصحيح بالكتاب والسنة وكلام اهل العلم الراسخين فيه المنهج الصحيح يحتاج الى معرفة بنصوصه وأدلته وكلام اهل العلم فيه ولم يؤت الناس في بعدهم عن الثبات عن المنهج الحق والاعتدال والوسطية الا لقصورهم في العلم وغلبة بعض الجهل عليه، لذلك كلما كنا حريصين على نشر العلم الصحيح النافع من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفهم السلف للنصوص او اجتهادات السلف فيما فهموا من النصوص فان ذلك مدعاة للثبات على الاعتدال والوسطية، فالجهل وترك العلم والذهاب الى عقليات وافكار ربما لا تكون موافقة للعلم الصحيح فان ذلك يبعد عن المنهج الوسطي. الثاني : من اسباب الثبات على الوسطية قوة العلم، فان العلم يزداد بالاعتدال ويضمحل بالغلو او الجفاء. الثالث : من اسباب الثبات على الوسطية قوة العقل والنظر في تجارب الناس والتاريخ، قوة العقل نحتاجها لان العقل السليم مأمور به ولان صحة العقل اثنى الله - جل وعلا - عليها ، فالله - جل وعلا - خاطب في كتابه العزيز أولي الالباب، خاطب الذين يعقلون، خاطب الذين يفهمون، خاطب من يتذكر من اهل الله اللب الصحيح السليم ومن اهل العقل الصريح القوي، وهذا فيه اشارة الى اهمية العقل والادراك في فهم النص وفي فهم المصالح. الرابع : قبلها قلنا في النظر في تجارب الناس والتاريخ النظر في التاريخ وتجارب الناس وما حصل في التاريخ من محن وفتن، وما حصل من اصلاح فان هذا ينتج عنه الاهتمام بلزوم الوسطية والاعتدال، التاريخ فيه تجارب كثيرة دامية، فيه تجارب كثيرة قاتلة، وفيه تجارب كثيرة صالحة مصلحة من نظر فيها بعين الانصاف وجد بقوة عقله وادراكه، ان من نجح كان معتمدا على الوسطية في قوله وعلمه وعقله وادراكه. الخامس والاخير من اسباب الثبات على الوسطية الصبر، الصبر مهم جدا لانه سمة اهل العلم بل هو سمة الانبياء والمرسلين قال الله - جل وعلا - : (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) ، وقال - جل وعلا - (فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) ، فمن استخف فليس بذي عقل، ومن لم يكن جازما بوعد الله حقا، صابرا فأيضا هو مستخف وليس بذي ادراك سليم، فالصبر وعدم الاستعجال في الامر كله من سمات الثبات على الوسطية والاعتدال وبعدها يكون من اسباب النجاح في المآرب والمقاصد، بمقابل ذلك من اسباب الانحراف عن الوسطية والاعتدال، اولا الجهل، والثاني الهوى، والثالث غلبة العاطفة على العقل، والرابع استعجال النتائج فيما هو مشروع وطرح نتائج مرفوضة فيما ليس بمشروع ، الخامس الابتداع في الدين، والسادس اتهام العلماء والعقلاء بالمداهنة وترك الحق. ضوابط شرعية أو عقلية هذا الموضوع: الوسطية والاعتدال واثر الوسطية والاعتدال في حياة المسلمين مهم جدا، وذلك لاننا نسمع كثيرا منهج الوسطية، لفظ الوسطية كثيرا ما يستعمل دون ضوابط شرعية او عقلية، الثاني ان مرجع الوسط دائما بين طرفين، فمن يحدد الطرفين؟ من يصف المنهج الوسط؟ من يقول ان هذا وسط وان خلافه ليس بوسط؟ لابد من قواعد تحكم ذلك حتى لا يجرنا هذا المنهج الى نبذ مسلمات من الدين او العقيدة الصحيحة طلبا لوسطية متوهمة، فالوسطية والاعتدال مطلوبة شرعا وفق ضوابطها الشرعية التي يقرها اهل العلم الراسخون فيه، الاسلام عقيدة وشريعة فعقيدته مبنية على الوسطية كما نص اهل العقائد، وشريعته مبنية على الوسطية ايضا والاعتدال كما نص أهل الفقه والقواعد والمقاصد والاصول، يقول الله - جل وعلا - (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) ، معنى قوله أمة وسطا كما فسرها الصحابة ومن تبعهم يعني جعلناكم أمة عدلا خيارا بما تتوسطون فيه بين الغالي والجاف، فهناك غلو وجفاء في الملل والمحن، هناك غلو وجفاء في الفرق المختلفة في هذه الامة، هناك غلو وجفاء في انواع الشرائع التي سبقتنا في الجماعات والتحزبات المختلفة مما يدل ايضا على هذا المبدأ قول الله - جل وعلا - : (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) ، وقال - جل وعلا - (والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) ، فثبت عنه عليه الصلاة والسلام انه قال : (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) رواه النسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححوه، وجاء عن علي بن ابي طالب الخليفة الراشد - رضي الله عنه وأرضاه - انه قال : (خير الناس النمط الاوسط) خير الناس النمط الاوسط الذين يرجع اليهم الغالي ويلحق بهم الجاف رواه ابن المبارك عن محمد بن طلحة عن علي رضي الله عنه ، وقال بعض السلف (دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه) ، وهذه قاعدة عند أئمة السلف وعند من صنف في العقائد، يقولون دين الله الحق، دين الله المرضي عنه، دين الله الذي يؤمر الناس باتباعه وسط بين الغالي فيه والجاف عنه، وفي الحديث الذي في الصحيح (إن هذا الدين متين ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما خير بين أمرين الا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وفي الحديث الذي في السنن وفي غيرها، وهو مرسل وله شواهد من حديث محمد ابن المنكدر عن جابر قال : (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا ارضا قطع ولا ظهرا أبقى) ، فصح عنه عليه الصلاة والسلام انه قال : (أحب الدين الى الله الحنيفية السمحة) ، وقال ايضا : (هلك المتنطعون ثلاثا) ، ولما أرسل صاحبيه الى اليمن قال لهما (تطاوعا ولا تختلفا ويسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا) وهذه هي قاعدة الدعوة كما أجمع على ذلك اهل العلم في قوله عليه الصلاة والسلام للداعيين اللذين أرسلهما الى اليمن علي ابن ابي طالب ومعه ابو موسى الأشعري قال: تطاوعا ولا تختلفا ويسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا، وايضا جاء عنه عليه الصلاة والسلام انه قال : (أحب الأمور الى الله أواسطها) ، اذا تبين ذلك وان هذه الوسطية وهذا الاعتدال مطلوب وان دلائل الشرع تدل عليه وانه منحة لهذه الامة لكي تبقى وتستمر وانه لا بقاء للغلات كما انه لا بقاء للجفات وانما الذي يبقى ويبقى ناصحا لهذه الامة، ويبقى مخلصا لها، ويبقى داعيا معلما عالما ناصحا مؤثرا من يكون على هذا المنهج القويم الذي دل عليه النص، ودل عليه سلوك الخلفاء، وكلمات الخلفاء ودلت عليه اعمال ائمة الاسلام ودلت عليه مصنفاتهم. تطبيق الوسطية الوسطية لها انحاء من حيث التطبيق اما من وجهة الوصف السابق او من جهة التنظير الواقع، أولا : الاسلام وسط بين الديانات، فمن تأمل عقيدة الاسلام وجدها الوسط بين الديانات المختلفة والديانات هي كل دين، دان الناس به والتزموه سواء أكان دينا أصله حق أم كان دينا باطلا من أصله، فالاسلام وسط بين اليهودية والنصرانية، والاسلام وسط بين المجوسية والبوذية، والاسلام وسط بين اهل القوانين بين الرومان وبين الذين يجعلون الحكم لانفسهم، الاسلام وسط في الاخلاق ووسط في المعاملات، الاسلام دعا الى الاخلاق الحميدة وحض عليها بل وصف الله - جل وعلا - نبيه بذلك في قوله : (وانك لعلى خلق عظيم) ، لكنه لم يجعل من الخلق المحمود ترك العزة ولم يجعل من الخلق المحمود ترك الحق بل جعل الخلق المحمود وسطا بين اللين وبين القوة، فالقوة في مكانها مطلوبة، واللين مع المسلمين وغير المسلمين في مكانه مطلوب، فالحق بين ذاك وذاك، والاسلام وسط ايضا في الديانات، في انواع المعاملات ، وانواع التشريعات التي فيها تعامل الناس ما بين من يحل الربا بأنواعه وما فيه ظلم للناس وما بين من يمنع كل انواع التعامل ويحرق المال الذي يكتسبه الانسان الا من عمل يده، فالاسلام يدعو الى التجارة، ويدعو الى العمل ، ويدعو الى الاقتصاد، ويدعو الى تنمية المال ولكنه يمنع في ذلك كله الظلم، ويمنع اخذ اموال الناس بغير حق، ويمنع ان يكون المال دولة بين الاغنياء فقط كما كان ذلك في شرائع الجاهلية او في شرائع من سبقنا من الملل والشرائع، الاسلام وسط فيما أمر به في المعتقدات وما أخبر الله - جل وعلا - او اخبر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ففي التوحيد وسط بين الغالي فيه ممن يشرك بالله - جل وعلا - كالنصارى ، واليهود ، وما بين الجافي والمبتعد عن ذلك ممن يظن ان الناس جميعا على التوحيد مهما عملوا ، فالاسلام يدعو الى توحيد الله - جل وعلا - بما أمر الله به في قوله (فاعبد الله مخلصا له الدين) ، وقال (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) ، فتوحيد الله - جل علا - والاخلاص له اساس المللة والدين، اهل السنة والجماعة وسط في باب الصفات ما بين الممثلة المشبهة وما بين النفاة المعطلة، وفي ابواب الايمان اهل السنة والجماعة والاسلام الحق وسط ما بين التكفيريين الغلاة وما بين المرجئة الجفات، وفي اثبات الايمان من انه قول وعمل واعتقاد ووسط بين هؤلاء وهؤلاء. كذلك الاسلام وسط في الصحابة بين الغلاة فيهم ممن ألهوهم، وبين النواصب الذين ذموا بعض الصحابة فأهل السنة والجماعة يثنون على جميع صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقولون فيهم ما قال الله - جل وعلا - (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)، وفي ابواب الامامة والولاية أهل السنة والجماعة بل دين الاسلام وسط بين من اختلفوا في هذه المسألة العظيمة من الخوارج في القول والعمل الذين يرون الخروج على الولاة فيما يرون منهم من اخطاء او منكرات ووسط بين هؤلاء الغلاة الذين يرون الخروج والطرف الآخر الذي لا يرى نصيحة الامام أصلا ويرى ان ما قاله ولي الامر فهو صواب مطلقا لانهم نواب الله - جل وعلا - في ارضه. طاعة ولي الأمر واهل السنة والجماعة يرون الطاعة كما اخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بل أمر به في انه يجب على المرء المسلم السمع والطاعة فيما احب وكره وألا ينازع الامر أهله كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، فأمر الامامة والولاية عظيم، وشأنه عظيم لكن معه في منهج الوسطية النصح والبيان والتعاون مع ولاة الأمر على البر والتقوى، كذلك منهج الوسطية والاعتدال عدل ووسط في الفقه والاحكام، أولا : مراعاة الاجتهاد، فالاجتهاد ماض لم يغلق وباب الاجتهاد منهم من فتحه على مصراعيه حتى دخله من ليس بأهل له ومن لم يع النصوص ولا القواعد ولا الاصول، ففتحوا على مصراعيه، ونسمع اليوم من يجتهد في المسائل الشرعية والنوازل العظيمة مما لو كانت في عهد عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر، واليوم تنزل المسائل العظيمة بالامة فيفتي بها الواحد ويفتي بها الاثنان من عامة طلبة العلم ممن ليسوا مؤهلين لذلك في رسوخ العلم مما يجتنبه الجمهرة من العلماء الا ان يجتمعوا جميعا لينظروا في هذه النازلة، فالاجتهاد مفتوح بابه لكن هذا الفتح وسط بين فئتين بين من يرى غلق باب الاجتهاد أصلا والبقاء على نصوص السابقين من اهل العلم وبين من يرى باب الاجتهاد مفتوحا لكل احد حتى ولو لم يكن اهلا لذلك، الاعتدال في الفقه والاحكام والوسطية في ذلك تدعونا للوسطية بين جهتين بين لزوم المذهبية ونزع المذاهب، فهناك من يطلب نزع المذاهب الفقهية وان المذاهب ليست بحق على اطلاقها وانما كانت لفترة مضت والواجب الرجوع الى كتب الحديث والسنة ونبذ كتب المذاهب مهما كانت، وبين فرقة اخرى وفئة اخرى ترى البقاء على نصوص المذاهب وانهم أدرى بذلك وان نصوصهم وكلام علماء المذاهب يصلح لما بقي من الزمان، والحق وسط بين الفئتين لان كلام علماء المذاهب مطلوب فهمه لانهم الذين فهموا الشريعة وصوروها لكن لكل زمن احكام ولكل زمن فهم، والشريعة منوطة بالمقاصد، ومنوطة بتحقيق المصالح ودرء المفاسد، فالبقاء على نصوص علماء سابقين ليسوا معنا في هذا الوقت وليسوا متطرقين الى ما نعيشه وما عندنا من علل ومقاصد يجب مراعاتها، ومصالح يجب مراعاتها، ومفاسد يجب درءها هذا ليس من باب الاعتدال، فالاعتدال الاخذ بأقوالهم وفهم مراداتهم واخذ احكامهم ومعرفة مآخذهم ولكن يجب النظر في النصوص لان النصوص واسعة تسع الازمنة، والاخذ بكلام العلماء مطلوب في فهم تلك النصوص، فالاسلام وسط في المذهبية ما بين معطلة المذاهب، وما بين الغلاة في المذهبية، كذلك الوسطية والاعتدال سمة لهذا الدين ، وسمة لاهل السنة والجماعة فيما بين التشديد المفرط والتيسير غير المنضبط ،النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالتيسير وحض عليه، وكان اذا خير بين أمرين اختار ايسرهما ما لم يكن اثما، وهذا فيه نفي للتشديد الذي هو ايقاع في الحرج، فالدين يأخذون بالتشديد وان الحق في الشدة وان الحق في التغليظ ليس هذا بحق بل هو نوع من الغلو في الاحكام يجب نبذه، وانما الحق في ان نأخذ بالتشديد في مكانه الذي دل على النص وحينئذ لا يسمى تشديدا ونأخذ بالتيسير حيث دل النص على ذلك او حيث خيرنا بين امرين لم يرد دليل في احدهما نصا فانا نختار ايسرهما ما لم يكن اثما، وهذا يهم جدا في البحوث وفي المقالات وفي المحاضرات وفيما نوجه فيه الشباب نجتهد في ان نبتعد عن التشديد الذي يضر وعن الاخذ بالغلظة وعن الاخذ بالشدة التي تجعل الناس الذين يوجهون ، ويحاضر عليهم، ويرشدون يأخذون بالمآخذ الاشد الذي يجعل في النفوس حرجا حتى من التعايش مع الناس، والواجب ان يكون هناك اخذ بالوسط والاعتدال في ذلك كله لأن الشريعة جاءت بنفي الحرج وان المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، كذلك الشريعة في أحكامها وفقهها ومقاصدها وسط في المصالح والمفاسد غالى أناس في المصالح حتى قدموا المصلحة المتوهمة على النص وحتى قال بعضهم حينما وجدت المصلحة فثم شرع الله، وغالى آخرون حيث رأوا إلغاء المصالح مطلقا والنظر في النصوص وأن النصوص فقط هي المصلحة والأخذ بظاهر النصوص والشريعة شريعة معللة شريعة مبنية على مصالح وعلى درء المفاسد، شريعة مبنية على تحقيق المقاصد ومن فاته العلم بقواعد المصالح ودرء المفاسد وفاته العلم بقواعد الشريعة ومقاصد الشريعة فإنه يفوته تحقيق هذه الشريعة المباركة، فهذه الشريعة المباركة شريعة الإسلام شريعة مبنية على علل، مبنية على مقاصد، مبنية على رعاية المصالح، مبنية في الفقه على معرفة الفرق والجمع بين الأحكام فمن فاتته معرفة المقاصد والمصالح والمفاسد وفاتته معرفة العلل المتوخاة من الأحكام وفاتته معرفة الجمع والفرق في الأحكام المنصوص عليها أو التي اجتهد فيها العلماء فإنه لا مجال له في الاجتهاد ولا مجال له في الحكم ولا مجال له في رؤية أحوال الناس، بهذا يجب علينا أن نرعى الوسط ما بين الذين ينفون المصالح مطلقا وما بين الذين يغلون فيها فشريعتنا معللة نأخذ بالمصالح ومقاصد الشريعة ولهذا نرى كلام أهل العلم الراسخين فيه من مثل الإمام احمد وقبله الشافعي والإمام مالك وابو حنيفة وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في مسائل كثيرة يرون فيها المصالح المنوطة بالنص حتى تكلموا في مسائل ربما خالفت ما عليه الفتوى اليوم لرعايتهم للمصالح المتوخاة من الشريعة، فرعاية المقاصد والمصالح مطلب شرعي ضروري لتأصيل منهج الوسطية والاعتدال في الامور. المنهج الواضح المعتدل من أنواع التطبيقات لهذا الأمر وهو الوسطية والاعتدال وهذا المنهج القويم، الوسطية والاعتدال في الحكم على الأشياء، الأشياء تتجدد والقضايا تتنوع وكل يوم لنا جديد ولاشك أن الزمن له حركة والمدنية ولادة، والحضارة متوقدة ولن تقف عند حكم فقيه، ولن تقف عند حكم داعية او عند تنظير منظر، الزمن يتحرك والزمن ولاد والمدنية تتولد وتنمو كما هو مشاهد ومنظور في الزمن الحاضر، والحضارة والأزمنة الماضية ولابد حينئذ من أن يكون هناك منهج واضح معتدل في الحكم على الأشياء، في الحكم على الأوضاع، في الحكم على الأشخاص، في الحكم على الأفكار وما يطرح، وفي الحكم على الدعاة، في الحكم على الناس، وهذا المنهج الوسط يجب أن يؤصل في أطروحات على العلماء، وفي رسائل حتى لا يكون الناس الذين يرومون الإصلاح، ويرومون الدعوة ويرومون الارشاد حتى لا يكون طلبة العلم في غيبة عن المنهج المعتدل في ذلك، من قواعد أهل العلم الحكم على الشرع فرع في تصوره، والله - جلا وعلا - يقول لنا (ولاتقف ما ليس لك به علم)، فمن أراد أن يحكم على شيء دون علم كامل بهذا الشيء او يحكم على وضع او يحكم على شخص او يحكم على افكار واطروحات او يحكم على نوايا ومقاصد دون معرفة شرعية بذلك فإنه حينئذ يقفو ما ليس له به علم، والواجب علينا ان نضع هذه الآية نصب أعيننا وان نضع قول الله - جلا وعلا- في النهي عن القول بلا علم حيث جعله قرينا للشرك بقوله:(وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القول بلا علم وان من يفتي بغير علم فإنما يتقحم النار، حينئذ فكيف نحكم على الأوضاع، الناس كما ترون يحكمون على كل شيء فهل يليق بأهل الفكر والعلم واهل المنهج الفكري والمنهج المستقيم في النظر والتأمل ان يكونوا مستعجلين؟ وان يكونوا من غير ذوي الأناة في الحكم على الاشياء؟ انتم نخبة سواء من الطلاب من ذوي المستويات العالية او من غيرهم، انتم النخبة فكيف يسوغ ان يكون لكل شيء منهج الا التفكير والحكم على الاشياء بلا منهج هل يسوغ ان يترك الناس لكل احد طريقا في الحكم على الاشياء حينئذ ستنتج اشياء واشياء واشياء من مثل ما رأينا وستنتج هناك افكار وآراء واحكام على الاوضاع والاشخاص والمجتمعات والدول وحتى حكم على النوايا واهل العلم بما ترون وبما لا ترون في المستقبل، هل يسوغ ان يكون هناك غياب لمنهج التفكير في الحكم على الاشياء اننا نطالب بمنهج نفكر فيه ونفكر به بمنهج يكون قاعدة للتفكير كيف يفكر، كيف تبنى النتائج على مقدماتها، هل يسوغ أن يكون هناك حكم على النتائج الحكم على الاشياء وحصول نتائج في الحكم او في العمل بدون مقدمات للتفكير سليمة، كيف نصحح الأفكار، كيف نصحح منهجا، الحكم على الاشياء هذا من اهم المهمات، الحكم على الشيء فرع من تصوره، من القواعد انه ليس لكل احد ان يقتحم الحكم على كل مطلب، هناك اشياء عظيمة يجب ان تترك للناس الكبار للناس الذين ينظرون للامور بمنظار شامل، أنت لا تعرف كل شيء،في الامور هل يسوغ لطالب علم او متزن او حتى من المثقفين وعامة الناس ان ينصب نفسه حكما على اوضاع، حكما على دولة، حكما على علماء، حكما على افكار دون حصر ودون نظر ودون تطبيق للقواعد الشرعية، من الناس من يرون ان يكون ديدنه في الحكم الأخذ ببعض الاشياء فيرى نصا واحدا لديه كافيا في الحكم الكلي على ذلك ولو كان الامر كذلك لما كان الفقهاء قليلين، كيف تميز فقهاء الاسلام؟ لانهم نظروا في النصوص جميعا ثم نظروا في النصوص ونظروا في عللها ونظروا في المقاصد ونظروا في المصالح وفي المفاسد، فالحكم الشرعي لا يناط بشيء واحد ينظر فيه المرء فلابد من الاعتدال في الحكم على الاشياء ما بين طرف يغلو فيحكم بمجرد خاطر وقع له وما بين آخر يترك الأمر وكأنه لا يعنيه. الحكم على الأشياء! نحتاج الى وسط ما بين الغلاة الذين يحكمون دائما بالأسوأ من الاحكام على الاشياء وعلى الاشخاص ويحكمون بالظن ويسيئون النظر ويسيئون الظن ويحكمون على كلمة قالها شخص أو أمر تبنته جهة على الحكم على الجهة كلها، واجب ان يكون المرء متوسطا موازنا بين الايجابيات والسلبيات، موازنا بين المصالح والمفاسد، موازنا في الحكم على الاشياء ما بين الغالي فيها والجاف عنها، فالذي يروم الحكم بدون توسط فإنه يذهب الى الخروج عن اعتدال الشريعة وعن الاعتدال في الأمور، الشخص المسلم الأصل فيه السلامة، الاصل في المسلم السلامة، الاصل في المسلم ولو كان عنده ما لاينبغي من الاعمال والاقوال لكن الاصل فيه السلامة ما ليس الاصل فيه الشك والاصل فيه انه يقول سوءا او يذهب الى سوء، الاصل في الافكار التي يطرحها مسلم ان يكون ديدنه فيها حب الخير وليس ديدنه فيها حب الشر او حب المخالفة او الوقيعة او الافساد ولكن ديدنه في ذلك الخير من حيث الافكار الا ان ثبت خلاف ذلك من قول صريح او عمل صريح فانه حينئذ يكون خلاف ذلك، النوايا والمقاصد يجب اعتبار الظاهر فيها وان لا نحكم على نوايا ومقاصد الناس باعتبار ظاهر سلوكي او ظاهر قولي لان النوايا والمقاصد علمها عند الله - جل وعلا - ويجب علينا الحذر من ان نظن سوءا بالناس والله - جل وعلا - يقول:(اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم)، وقال عليه الصلاة والسلام فيما جاء في الحديث لما جاءت الشهادة قال:(هل رأيت الشمس) قال نعم، قال(على مثلها فاشهد أو فدع)، الوسطية في التفكير مطلوبة، تفكير الشباب اليوم بل تفكير الناس بل حتى تفكير بعض الخاصة نراه متفرقا متشعبا بين عقل جامد او عاطفة جامحة العقل والادراك والعقل والاتزان مطلوب لكن مع عدم الغاء العاطفة، والعاطفة مطلوبة العاطفة الجياشة مطلوبة، التعاطف مطلوب، الحماس للدين مطلوب لكن مع عدم غياب العقل السليم ورعاية النص فمن جعل عاطفته حكما عليه في كل تصرفاته دون رجوع الى علم ودون رجوع الى اهل العلم الراسخين فيه ودون رجوع الى توجيهات من ولي الامر او على قواعد شرعية مبنية فانه حينئذ يروم عاطفة كما رامها الخوارج، او كما رامها المعتزلة، او كما رامها اهل الأهواء، فأهل الأهواء ما الذي اوقعهم في اهوائهم الا العاطفة التي لم تنضبط بنص، ولم تنضبط بمنهج، خالف الخوارج الصحابة فقتلوا خير الناس في زمنهم وهو علي رضي الله عنه، من قتل عليا، قتله أعداء الاسلام، إنما قتله رجل يقوم الليل، ويصوم النهار، هو عبدالرحمن ابن ملجم الخارجي، عبدالرحمن بن ملجم ارسله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الى مصر لما طلب عمرو بن العاص قارئا للقرآن يقرىء الناس القرآن، قال أهل مصر يحتاجون الى قارىء يقرىء الناس القرآن، فقال عمر - رضي الله عنه - في رسالة ارسلها الى عمرو بن العاص، قال: ارسلت لك رجلا صالحا هو عبدالرحمن ابن ملجم آثرتك به على نفسي، اذا أتاك فأكرمه واجعل له دارا يقرىء الناس فيها القرآن، جلس عبدالرحمن بن ملجم في مصر حتى ظهرت حركة الخوراج وأول ما ظهرت في اليمن ثم في مصر واخذت في مصر فأثروا عليه، لانه كان كثير الصلاح كثير العاطفة لكنه كان قليل العلم والفقه، وكان منعزلا فلذلك أتاه الامر من حيث اتاه، وقتل خير الناس علي بن ابي طالب، ولما قيد للقصاص وقيد منه واريد للقتل قال لهم: لا تقتلوني مرة واحدة وانما اقتلوني شيئا فشيئا قطعوا اطرافي امامي لانظر كيف تقطع اطرافي في سبيل الله - جل وعلا- وامتدحه واحد من اصحابه هل كونه خارجيا معنى ذلك ان الناس نفوه لا بقيت دعوة الخارج سرية متسلسلة في الناس حتى مدح قاتل علي عمران بن حطان في ابيات يقول فيها والعياذ بالله: ==1== يا ضربة من تقي ما أراد بها==0== ==0==إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا أني لأ ذكره حينا فأحسبه==0== ==0==أو في البرية عند الله ميانا==2== وهذا والعياذ بالله يصل بالتدين أو التدين الغالي بالإنسان حتى يجعله يرى حسنا ما ليس بالحسن، فالعاطفة الجياشة والحماس للدين والجهاد المظنون الذي يأول الى مثل هذه الأفكار، وهذا الغلو هذا مرفوض من اصحابه والوسط والاعتدال يرفضه، بل يحارب اصحابه لانهم ان بقوا فانهم سيضلون الناس فقد حاربهم علي بن ابي طالب وحاربهم ابن عباس - رضي الله عنهما - وحاربهم معاوية، وحاربتهم الدولة الأموية، وحاربتهم الدولة العباسية الى وقتنا الحاضر، فكل اهل الحق يحاربون من يغلو في الدين الى هذا الامر، ولو كان يتدين بعاطفة جياشة، او يقول من قول خير البرية فالنبي - صلى الله عليه وسلم - حذر من ذلك.