في ظل المساعي الحكومية الحثيثة لتعزيز الاقتصاد الرقمي، توقع اقتصاديون أن تشهد الأعوام الخمسة المقبلة طفرة في عالم المصرفية المفتوحة، تعزيزا للدفع الإلكتروني، لتوكب مستحقات المبادرات الاقتصادية الجديدة التي أطلقتها الحكومة أخيرا، داعين البنوك والمؤسسات المالية، تطوير أدواتها المالية الإلكترونية لكسب الوقت وزيادة الإنتاج، ومقابلة، التدفقات الاستثمارية الأجنبية والمحلية المتوقعة خلال الفترة المقبلة، مع ترجيحات بزيادة الشركات المالية الناشئة، بفعل ميزتي التنافسية والابتكار. وفي هذا الصدد قال، أكد الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، إن المبادرات التي أطلقها سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان في الفترة الأخيرة، تفرض على البنوك والشركات المصرفية، أن تحسن من أدائها عبر الدفع الإلكتروني لسرعته وقدرته على تعزيز المصرفية المفتوحة، مما يحتم على المصارف أن تطور أنظمتها وأدواتها المالية الإلكترونية وبالتالي تطوير منتجات وخدمات مناسبة لعملاء هذه المؤسسات المالية، بهدف ربطها بالاقتصاد الرقمي، فالفترة المقبلة تحتاج شركات القطاع الخاص والشركات الناشئة إلى ما يمكنها من الوصول إلى البيانات المصرفية التي تعزز عنصري المنافسة والابتكار في القطاع المالي على الصعيدين الوطني والإقليمي، مع أهمية التوسع في تطوير أو تطبيق لوائح تنظيمية للمصرفية المفتوحة لتسهيل الخدمات المطلوبة بالسرعة والدقة المطلوبتين، تناغما مع سياسات البنك المركزي المعززة لسياسة المصرفية المفتوحة وتنويع الخدمات المالية، وتطوير القطاع المالي وفقا للرؤية السعودية 2030. وتوقع باعشن أن تشهد الأعوام الخمسة المقبلة تسارع وتيرة الابتكار في مجال المدفوعات، وزيادة عدد الشركات الناشئة السعودية في قطاع التقنية المالية في ظل ارتفاع عددها من 10 إلى أكثر من 60 شركة، حيث يعمل نحو 40 في المئة منها في مجال المدفوعات، مرجحا احتدام المنافسة بين البنوك والمؤسسات المالية، والتخلي عن نموذج "العمل الذاتي" الذي يكون فيه البنك هو المنتج والموزع الوحيد للمنتجات والخدمات المصرفية، للانتقال إلى نموذج جديد تواصل فيه البنوك تطوير منتجاتها وخدماتها الخاصة مع إسناد مهام التوزيع إلى شركات التقنية المالية لتقديم المنتجات والخدمات التي طورتها. من جهته، قال عبدالله المليحي رئيس شركة "التميز" للتقنيات، إن المبادرة الاقتصادية التي أطلقتها المملكة، أخيرا بما فيها "برنامج شريك" مع القطاع الخاص، وبرنامج" الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية، والمبادرة الخضراء وغيرها من المشروعات الضخمة مثل "ذا لاين" و"نيوم" ومشروع البحر الأحمر، كمناطق ومبادرات جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، تستدعي بيئة مصرفية مواكبة، الأمر الذي يجعل من عمليات الدفع الإلكتروني والمصرفية على الموبايل والإنترنت، مسألة مطلوبة لمواكبة مستحقات هذه المبادرات الاقتصادية الجديدة. وتوقع المليحي، أن تدخل سياسة المصرفية المفتوحة السعودية حيز التنفيذ العام المقبل، ما يستدعي أن تعزز البنوك الحالية أدواتها المصرفية المالية بشكل يتواكب مع واقع الدفع الإلكتروني لتعزيز سيطرتها القوية على بيانات العملاء والعمل على تطوير خدمات الدفع، لمواكبة مستجدات البيئة الجديدة من خلال تطوير نماذج أعمالها لتعزيز قدرتها التنافسية السوقية، مع إطلاق عروض ومبادرات جديدة تجود أداء خدماتها المصرفية. وأضاف، "أن زيادة وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية خلال الفترة المقبلة في ظل توفر لقاحات كورونا، وعودة العديدة من الأنشطة مزاولة أعمالها على مستوى المملكة بالرغم من الآثار المتوقعة من الموجة الثالة من وباء كورونا التي تهدد اقتصادات دول العالم عامة، مشددة على ضرورة أن تواكب البنوك والشركات المالية عمليات لتسهيل العمليات المصرفية والمالية وسرعة تدفقها، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين شركات التقنية المالية والمؤسسات المعنية الأخرى لتحقيق القيمة للعملاء، وتلبية مستحقات المرحلة. من جهته قال عبدالله العثمان، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "جيديا منذ بداية الجائحة، أشارت العديد من التقارير إلى أن المدفوعات عبر الهاتف زادت بنسبة 40 في المئة على أساس سنوي، وفي ظل ارتفاع نسبة استخدام الهواتف الذكية في السعودية، والتي تتعدى 85 في المئة وتعتبر واحدة من أعلى المعدلات في العالم، فلا بدّ للشركات المحلية أن تعمل على تزويد عملائها بطرق مريحة للدفع من خلال الهواتف الذكية، ليتمكنوا من ممارسة أنشطتهم التجارية بسهولة". وبين، أن قبول المدفوعات عبر الهاتف يسهم في تحويل الرؤية الرامية لجعل تقنية المدفوعات الإلكترونية متاحة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بتكلفة مقبولة، وسهولة ومرونة في الاستخدام، إلى حقيقة واقعة، على أمل أن توفر الخدمة الجديدة لأصحاب المنشآت التجارية وسيلة مبتكرة وأكثر سهولة لقبول المدفوعات الرقمية عبر تطبيق مخصص للهواتف الذكية، مما يسهم في تزويدهم بالمعلومات اللازمة حتى يتمكنوا من التفرغ بالكامل لإدارة أعمالهم وتنميتها. وأوضح العثمان، أن الخدمات المصرفية المفتوحة، سيكون لها دور في تسهيل التكامل بين شركات التقنية المالية والبنوك، مما يعني أن المؤسسات المالية ستكون قادرة على تعزيز مشاركة أصحاب المصلحة المتخصصين في أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وغيرها. وأخيراً، ستسهم هذه الخدمات في تحقيق إيرادات جديدة للقطاع من خلال تزويد العملاء بمنتجات مناسبة تلبي احتياجاتهم اليومية. وبالطبع، يجب تحقيق ذلك بشكل آمن، وهذا ما تحرص عليه الهيئات التنظيمية وجميع أصحاب المصلحة في القطاع المالي".