هي رأس المال البشري والصّور الواقعية الّتي نتباهى بها، إنّها الجذور والأصول والقواعد الّتي تَجمعنا، إنّها البيئة الخِصبة الدّاعمة للنمو والتقدّم بسرعة والدّافعة للعمل بإتقانٍ، إنّها المواقف النّبيلة والتّاريخ المشرّف والحاضر الجميل والرّؤية المستقبلية الّتي نسعى بشغفٍ لتحقيقها، إنّها القوّة الّتي وهبها الله -عز وجل- لنا، إنّها طاقتنا المتجددة ورسالتنا وسمعتنا الّتي ورثناها، إنّها قيمنا ومبادئنا. الأشياء المشتركة هي إيماننا وعقيدتنا وهويتنا وأخلاقنا الّتي فطرنا الله عليها، وهي التي توجهنا لنكون مترابطين ومتكاتفين ومتعاونين، هذه الأشياء المشتركة ستزيدنا سعادًة ووعيًا وتفاؤلًا وتوازنًا، وهي السلّم إلى طموحنا والدافع لإنجازاتنا، إنها الهيبة الّتي ترافقنا، إنّها عشق النّجاح الموصل للمقدّمة، ولأعلى تصنيفٍ نرنو له. الأشياء المشتركة ستساعدنا على تجنب الأخطاء وطرد الكسل والخوف والحزن والهم، وستسلينا وتواسينا لأنها صنائع المعروف والأيادي الممدودة بالعطاء، إنّها الضمائر الحيّة الّتي تتحمّل الأمانة والمسؤولية، وتحارب الفساد، إنّها المعايير الموصلة للفضاء للرخاء للسلام والأمان، إنّها الباعث للتحوّل المحمود في شتى المجالات، إنها ستجعلنا أكثر مرونة وتقبلاً ورضا، الأشياء المشتركة هي الإيثار وتقديم المصلحة العامة، والثّروة الّتي يرثها الأحفاد من الأجداد ويتعاهدونها بالحفظ والرّعاية، إنّها إرادة العظماء. لقد أدرك الملك عبدالعزيز بن عبدالرّحمن آل سعود -رحمه الله- بحكمته ورؤيته أهمية ما سبق، وكان من يزور قصره بالرياض يقرأ عند مدخل قاعة الاستقبال بيتًا من الشعر كتب آنذاك لكن بعد أن قام الملك بتعديله بنفسه ليتوافق مع رؤيته المستقبلية: نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل فوق ما فعلوا وقد كان أصل البيت: نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا كما أنّه قال كلمة خالدةً بليغةً «إذا افترقنا فنحن لا شيء»، وعلى نهج المؤسس قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مخاطبًا المواطنين: «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»، وقال وليَّ العهد صاحب السّمو الملكي الأمير محمّد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في إحدى كلماته الملهمة: «يجب أن نشيد بكلّ السّعوديين، لدينا عقليات سعودية مبهرة ورائعة جدًا ونماذج مشرفة، خاصةً في جيل الشّباب طاقة قوية، شجاعة، ثقافة عالية، احترافية جيدة، وقوية جدًا، بقيَ فقط العمل لصناعة السّعوديّة الّتي نريدها في المستقبل»، إنّ النّظر فيما حدث في العالم يجعلنا نتنبأ بما قد يحصل عند غياب الأشياء المشتركة، فحتى الرماح إذا افترقن تكسّرت آحادا.. ومسك الختام قوله تعالى: «واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ».