للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف وأيضًا طرائف وأشجان تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الأستاذ عبدالعزيز المتحمي للحديث حول مكتبته التي تضم كمية كبيرة جداً من نوادر طبعات الكتب القديمة، وأكثر من (90) ألف وثيقة من الوثائق التاريخية والمؤرشفة رقمياً، كذلك تجاوز عدد المخطوطات تقريباً (20) ألف مخطوطة. «صدفة» قادتني نحو امتلاك كمية كبيرة من النوادر والطبعات القديمة * في أيِّ مرحلة تعرَّفتَ على الكتاب؟ * تعرفت على الكتاب في مراحل مبكرة اطلاعاً وتصفحاً بحكم وجود مكتبة أبي في المنزل وكذلك وجود المكتبة المدرسية، ولكن القراءة الحقيقة بدأت في مرحلة الجامعة بشكل موسع. المكتبة هي الحصن المنيع من ضغوط الحياة * هل تستطيع تحديد بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ o المكتبة كان تأسيسها على شقين، الأول: بدأ باهتمامي بالوثائق والمخطوطات وتتبعها وكذلك حفظي لها والثاني: كان للكتاب وبدأ معي عند شرائي لكتاب «معاوية ابن أبي سفيان في الميزان أمير الحكم والدهاء» كنت قد حرصت على اقتنائه عندما شاهدت مسلسلاً يروي قصته، وقد كان ذلك تقريباً عام 1429ه، ومن ثم بدأت أتتبع كتب التاريخ والسيرة في مكتبات الكتاب المستعمل ومعارض الكتب حتى تكونت مكتبتي بشكلها الحالي. * تحدثت عن وجود مخطوطات ووثائق في مكتبتك حدثنا عنها؟ أحتفظ بصورة لأبها تعود لأكثر من 150 سنة * رحلتي مع الوثائق والمخطوطات طويلة وقد جمعت كمية كبيرة جداً منها خاصة الوثائق والمخطوطات التي تعنى بالتاريخ الحديث للجزيرة العربية عموماً ولمنطقة عسير خصوصاً، وقد سافرت وزرت عدة مكتبات عالمية خصيصاً حرصاً منّي على الحصول عليها مثل: المكتبة الوطنية بباريس، والأرشيف الوطني البريطاني، والمكتبة البريطانية، والجمعية الجغرافية بلندن، وكذلك مكتبات الجامعات مثل: جامعة كمبردج، وجامعة نيويورك، ومكتبة الكونجرس بواشنطن وغيرها، أضف إلى ذلك تواصلي المستمر مع مثل هذه المراكز والجامعات حول العالم للحصول على جميع ما يخص منطقة عسير والجزيرة العربية، والآن بلغ عدد الوثائق التاريخية والمؤرشفة رقمياً والمفهرسة لدي أكثر من (90) الف وثيقة وأما المخطوطات تقريباً تتجاوز (20) ألف مخطوطة. جبت العالم بحثاً عن الوثائق والمخطوطات * برأيك ما أهم اكتشافاتك للأرشيفات العالمية التي تحفظ تاريخنا الوطني؟ * كثيرة جداً ولا يمكن حصرها، ولكن ما يخطر في بالي حالياً أنني سبق وأن نشرت صورة لمدينة أبها أعتقد أنها من أقدم الصور التي تم تصويرها في الجزيرة العربية إن لم تكن الأقدم وقد تم تصويرها عام 1289ه 1870م. * ماذا يميز الأرشيف العالمي عن المحلي؟ * لا شك أن الأرشيفات المحلية تزخر بالكثير والكثير من الوثائق والمخطوطات التي تخص تاريخنا الوطني ولكن يصعب الوصول لها، أضف إلى ذلك طريقة فهرستها وأرشفتها وإتاحتها رقمية شبه معدومة مقارنة بالأرشيفات الأخرى التي تتيح وتفهرس وتنشر ويسهل الوصول لكافة المحتويات المقدمة للباحثين. أحتفظ بكتابين يحملان ختم طه حسين الأصلي * ماذا عن معارض الكتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * أستطيع القول بأن غالبية مكتبتي كانت من معارض الكتب ولا ننسى وهج معارض الكتاب في الأعوام ما بين 2013 و2016 وهذه الفترة الحقيقة التي كوّنت فيها مكتبتي بشكل كبير، ولا شك بأن معارض الكتب مهمة جداً ومحفز حقيقي للقراءة ليس على مستوى توفير الكتب والطبعات بشكل ميسر ولكن حتى على مستوى ما يصاحب معرض الكتاب من فعاليات ولقاءات. * ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشخصية؟ o لعل انتقال مكتبة الوالد بعد وفاته -رحمه الله- يعد من أهم المنعطفات في نمو مكتبتي الشخصية، وفرصة شرائي لإحدى المكتبات بمحض الصدفة من أحد الأسواق الشعبية قبل حوالي خمس سنوات كان أيضاً من أهم المنعطفات في نمو المكتبة حيث وجدت فيها كمية كبيرة جداً من النوادر والطبعات القديمة والوثائق بمبلغ لا يتجاوز (400) ريال. * هل تحتفظ في مكتبتك بمخطوطات؟ o نعم يوجد لديّ بعض المخطوطات في فنون متفرقة، ولكن الغالبية تكون من المخطوطات التي أقتنيتها ببحثي طوال الفترة الماضية وتتبعي وسفري لها في المكتبات العالمية وقد بلغت المخطوطات التي لديّ صور منها أكثر من (20) ألف مخطوط في فنون عدة وغالبيتها في التاريخ الحديث. * ماذا عن نصيب الكتب القديمة والنَّادرة؟ * النصيب الأكبر يقع للكتب القديمة والنادرة عطفاً على شغفي بجمعها وتتبعها واقتنائها منذ بداية تكوين المكتبة. * هل لديك شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة؟ o نعم يوجد بعض من المجلات النادرة مثل مجلات: المصور والعمران والعرب والعربي وآخر ساعة ومجلة الفكر المعاصر ومجلة سندباد. * هل توجد في مكتبتك كتب بتواقيع مؤلفيها؟ * نعم توجد مجموعة من الكتب بتوقيع المؤلفين لعل أهمها كتابان بختم طه حسين الأصلي، ومجموعة من الكتب بتوقيع عمر طوسون وأحمد فتحي زغلول وغيرهم. o ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبك؟ o توجد بعض العناوين الطريفة مثل: مذكرات عربجي وهي عبارة عن مذكرات لأحد المؤلفين المصريين يروي فيها يوميات أحد ما يسمون «العرابجة». * هل طرافة الكتاب أو طرافة موضوعه من معايير النفاسة؟ * لا أعتقد أن الطرافة معيار ولكن معايير الندرة والنفاسة فيها ما هو عام وفيها ما هو خاص، فالمعايير العامة هي: قدم الطبعة ومكان الطبعة وتوقيع المؤلف، وكذلك الحواشي في حال كانت هناك تعليقات على الطبعة من شخصية معروفة، أما المعايير الخاصة فهو: ما يرتبط باهتمام الشخص فعلى سبيل قد أكون مهتماً بتتبع طبعة كتاب معين لا يهم غيري فعندما تقع يدي عليه يكون نفيساً ونادراً بالنسبة لي على عكس أي شخص آخر لا يتتبع هذا الكتاب أو يبحث عنه. * هل يستفيد أبناؤك من مكتبتك في إعداد بحوثهم؟ * لديّ ابنان سليمان (6) سنوات ومحمد (3) سنوات وسأحرص بإذن الله على زرع حُبَّ الكتاب في قلوبهم منذ الصغر. * ماذا تُفضل المكتبة الورقية أو الرقمية؟ وما السبب؟ o الأكيد الورقية مع أنني أجمع كتباً رقميةً كثيرةً، وكذلك من هواة الكتب الصوتية، وهي التي تعتبر النقلة القادمة في عالم الكتاب، وللأسف إلى الآن المحتوى العربي فيها ضعيف جداً، ولكن تبقى الكتب الورقية لها رونقها وهي المفضلة لديّ. * هل مكتبتك متخصصة أو متنوّعة؟ * متنوعة تجد فيها شتى الفنون، ولا أهتم للتخصص بشكل كبير في اقتنائي للكتب. o ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة به؟ * المكتبة الخاصة هي الحصن المنيع للشخص من ضغوطات الحياة ومآسيها، فالاهتمام بها وفهرستها وعدم هجرها من حق الكتاب علينا، وكذلك إتاحتها وإتاحة ما فيها للمهتمين خاصة المكتبات التي تحتوي على وثائق ومخطوطات لا تجدها إلا لدى أهالي المكتبات الخاصة، فهذا العلم للجميع ولا يمكن احتكاره والتفرد به. جانب من المكتبة طرف آخر من مكتبة الضيف