رغم جمال وروعة الحب ومدى تأثيره علينا كبشر، إلا أنه في بعض الأحيان يؤلمنا ألم الفراق والخذلان وكأنه سرطان في الجسم قد انتشر، فيجلب لنا جملة من الأحزان إذا ابتعدنا عمن نحب أو فرقتنا الأيام تلو الأيام فيعقبها أشهر وسنين وربما لآخر العمر، ما أصعب أن تشعر بالحزن العميق وكأنه كامن في داخلك، ألم ملازم لك فتستكمل أنت وحدك الطريق.. بلا هدف، بلا شريك، بلا رفيق، فتبقى أنت والفراق والحزن والندم فريق دائم لا يتغير. حتما ستفقد صوابك حين تقف أمام المرآة فلا تتعرف على نفسك، وستنادي بصوت مرتفع فلا يصل صوتك، ستشعر بالظلم وتعجز عن الانتصار لنفسك، ستبدأ في محطة التنازلات، وستضطر إلى تغيير بعض مبادئك لتساير الحياة.. وحتى لو تظاهرت بما ليس في داخلك كي تحافظ على بقاء صورتك جميلة ستضطر إلى قيامك بدور أبدا لا يناسبك، وستجد نفسك مع الوقت قد بدأت تتنازل عن أحلامك واحدا تلو الآخر.. تحاول أن تضحك بصوت مرتفع كي تخفي بكاءك.. ولكن.. ما أصعب أن تبكي بلا دموع.. وما أصعب أن تذهب بلا رجوع.. وما أصعب أن تشعر بالضيق وكأن المكان من حولك يضيق.. تحاول أن ترتدي قناع الفرح كي تخفي ملامح حزن وجهك الحقيقي ولكن من دون جدوى. يا الله ما أصعب أن تعيش داخل نفسك وحيدا!.. فتشعر أن الفرح بعيد.. تعاني من جرح لا يطيب، جرح عميق، جرح عنيد، جرح لا يداويه طبيب. من المؤلم أن تشعر بأنك خسرت أشياء كثيرة لم يعد عمرك يسمح باسترجاعها.. بل ستمر عليك لحظة تتمنى التخلص فيها من ذاكرتك.. عجبا ياعين منك أتبكين الآن؟! أرجوك توقفي عن البكاء.. عيشي نعمة النسيان واصبري ولا تجزعي، أنا أعلم من قرارة نفسي بأن النسيان أمر مستحيل. لذا أصبحت أشعر بعدها بالوحدة والإحباط، وكأن الأيام تحكم علي بموت أحاسيسي.. أشعر أنني كلمات من دون أحرف، وذكريات من دون ماض.. أشعر أن وحدتي ستقتل إحساسي بهذه الحياة.. صحيح أن أيامي سوداء لا ترى الشمس، ويسكنها الصمت والعذاب وتغمرها ظلمة الليل، ولا تعرف معنى الألوان، أيام غاب فيها القمر.. أيام تحتضر.. أيام كالأشباح. يا لهذه الجراح التي أطفأت رغبتي، أحس بالغربة، ومرارة العيش تقتلني.. وذكريات الماضي تشغلني، لقد أصبحت أتمنى أن أسكن عالما بعيدا، عالم لا أشعر بالبشر فيه؛ بل أشعر بنسمات الصباح والليل وأحاديث الشجر ومداعبات قطرات الندى لي وأوراق الأزهار.. كل ما بداخلي قد تحطم وتبعثر، أصبحت أشلاء تناثرت هنا وهناك، بقي لغياب الشمس لحظات.. لحظات ويأتي المساء.. وفي المساء تتكرر لدي مراسيم الوداع.. حيث أشعل كل الشموع.. إلا شمعة واحدة أوقدها لك دمعي كي لا أنسى حضورك في قلبي.