وفقا لدراسة قام بها مجموعة من العلماء السوفيت سابقا شملت حياة البدو الرحل السياسية والاجتماعية والاقتصادية في آسيا وأجزاء من أوروبا وآسيا الوسطى ضمها كتاب البدو الرحل عبر التاريخ، وفي عرض ما اشتملت عليه من دراسة لدخل شيوخ ووجهاء القبائل الرحل في شمال الجزيرة العربية فإن الدراسة تبين جملة من المعلومات عن شيوخ كل القبائل البدوية تقريبا كانوا يملكون مساحات واسعة من الأراضي المزروعة سواء في شمال شبه جزيرة العرب نفسها أو الأقطار العربية المتاخمة لها من الشمال، وهكذا ففي مجموعة القبائل الشمالية كان يملك الشيوخ أراضي في القصيم والجوف وأراضي في منطقة حمص وشيخ أحمد. وتضيف أن أحد الشيوخ يملك أراضي في منطقه كربلاء ووادي روضة الخصيب وبستان كبير للنخيل قرب بغداد، وكان بعض شيوخ قبيلة يملكون نحو 20 قرية، وفي عشرينات القرن العشرين كان كبير شيوخ بعض القبائل هذه القبيلة يملك ست قرى وأميالا عديدة من الأراضي المزروعة وقصرا أسكن فيه زوجته الأقدم والكثير من المماليك، وهو نفسه لم يكن يقطن هناك بل كان يتردد إليه لمقابلة الموظفين الحكوميين مفضلا ترأس قبائله ومشاطرتها الحياة في الصحراء. وتمضي إلى أن الدخول التي كانت الشيوخ يتلقونها من خارج القبيلة لا من داخلها، كانت دون شك تنطوي على مغزى من الدرجة الأولى بالنسبة إليهم، وأكثر الذين كتبوا عن معيشة البدو الرحل اطلاعا، يضعون في المقام الأول بلا تحفظ دخول الشيوخ الخارجية بالذات، وقد نوه المستشرق بيرتون بأن القطعان كانت تشكل ثروة البدو بالإضافة إلى الأتاوات (الخوة) ومدفوعات الحكومة إلى شيوخ البطون، وكان الرحل حسب قول داوتي يتلقون الموارد من بيع جزء من إبلهم وفي المناطق التي تمر عبرها طرق الحجاج كانوا يتلقون هذه الموارد بصورة رئيسة من خلال الصرة التي تدفع إلى شيوخهم بالمجيديات التركية وإذ نوه بعض المؤلفين بدور دخول الشيوخ الخارجية وقعوا في تطرف له دلائلة الكبيرة في هذا الخصوص، وقد أكد بوركهارت أن دخول الشيخ كانت تتكون فقط من الأتاوة التي تدفعها القرى إليه، والنقود التي يتلقاها من الحجاج، أما الرحالة موزيل فلم يشر في تعداده لدخول الشيوخ إلا إلى ما يؤخذ من التجار الحرفيين ومن هم تحت الحماية من الفلاحين وسكان المدن، وكذلك الغنائم الناجمة عن الغزو، ثمة معطيات ممتعة بالأرقام نصفها الدراسة تصف نسبة مختلف أنواع الواردات إلى الميزانية السنوية لشيخين من الشيوخ أحدهما وهو زيد كان يتلقى قرابة 700 ريال دخلا سنويا دائما، بما في ذلك 400 ريال من الصرة و200 ريال من الأراضي التي يملكها في خيبر وبالتالي 100 ريال فقط من المصادر الداخلية والآخر وهو مطلق كان يعيش كذلك على حساب الواردات الخارجية بصورة رئيسة وكانت حصته من الصرة تبلغ 160 جنيها إسترلينياً في السنة، وكانت الأراضي التي يملكها في خيبر. تقدر بنحو 200 جنيه إسترليني في حين أن ملكيته من الماشية كانت تعادل ما يقرب من 300 جنيه إسترليني فقط. اضطلعت الدخول الخارجية حسب تأكيد الدراسة بدور معقد للغاية في حياة قبائل الرحل خالقة فيها اتجاهين متعارضين فقد قوت الزعماء من جهة وتشكيل الطبقات داخل القبيلة ولكن لاستمرار ذلك كان عليهم أن يتمتعوا بسند قوي بين المقاتلين وبين كل السكان الرحل بتنظيمهم العسكري القوي وإخلاصهم للزعماء ووعيهم القبلي المتطور، وما كان لهذا إلا أن يكبح تشكيل الطبقات داخل القبيلة إذ كانت تخصص حصة من الدخول الخارجية للمحاربين وبهذا تمت المحافظة على مخلفات التقاليد العسكرية الديموقراطية التي توزع بناء عليها غنائم الغزو. نخيل خيبر الريال المجيدي سعود المطيري