أخفق مجلس الأمن الدولي الثلاثاء في الاتفاق على بيان كان سيندد بالانقلاب في ميانمار ويدعو الجيش للتحلي بضبط النفس ويهدد بالنظر في "إجراءات أخرى"، لكن دبلوماسيين أكدوا إن المحادثات ستستمر على الأرجح. وقال دبلوماسيون إنه خلال محاولة أولية لوضع اللمسات الأخيرة على النص، اقترحت الصينوروسيا والهند وفيتنام إدخال تعديلات على مسودة بريطانية، بما يشمل حذف الإشارة إلى انقلاب وكذلك التهديد بالنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات. ويتعين موافقة مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا بالإجماع على مثل هذه البيانات. وذكر الجيش البورمي إن الانتخابات التي جرت في نوفمبر شهدت عمليات تزوير لكن مفوضية الانتخابات قالت إن عملية التصويت كانت نزيهة. وأصدر مجلس الأمن بيانا لوسائل الإعلام الشهر الماضي عبر فيه عن قلقه من حالة الطوارئ التي فرضها جيش ميانمار ودعا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين لكنه أحجم عن إدانة الانقلاب بسبب معارضة روسياوالصين. ودعت مسودة بيان مجلس الأمن الثلاثاء "الجيش للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتؤكد أنه (المجلس) يتابع الموقف عن كثب ويعلن استعداده للنظر في إجراءات أخرى محتملة". ودعا محقق الأممالمتحدة بشأن ميانمار ومنظمة هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن إلى فرض حظر عالمي للسلاح وعقوبات اقتصادية على المجلس العسكري. ولكن في محاولة للحفاظ على وحدة المجلس بشأن ميانمار، قال دبلوماسيون إنه من غير المرجح أن يتم النظر في فرض عقوبات في أي وقت قريب لأن مثل هذه الإجراءات ستلقى معارضة من الصينوروسيا اللتين تتمتعان إلى جانب أميركا وفرنسا وبريطانيا بحق النقض (الفيتو) في المجلس. وأدانت مسودة البيان بقوة "استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين". كما عبرت أيضا عن "القلق العميق إزاء انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما في ذلك القيود المفروضة على العاملين في المجال الطبي والمجتمع المدني والصحفيين والإعلاميين ودعت إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين". وفي ميانمار، نفذت قوات الأمن الأربعاء مداهمة في رانغون ضد عمال من السكك الحديد مضربين كانوا يشاركون في حركة العصيان المدني الواسعة ضد المجموعة العسكرية الحاكمة. وانتشر مئات عناصر الشرطة والجنود في محيط الحرم الذي يقيم فيه موظفو محطة ما هلوا غون في شرق عاصمة البلاد الاقتصادية. وقالت امرأة من أفراد أسرة عامل في السكك طالبة عدم الكشف عن هويتها خوفا من الانتقام: "إنهم يطوقون ابواب الشقق ثم يحطمونها للدخول". وأضافت "لقد تمكنت من الفرار، لكني قلقة على العمال" وأقاربهم الذين ما زالوا عالقين. وبينت أن نحو 800 موظف في السكك الحديد في هذه المحطة ضالعون في حركة العصيان المدني. توقف كامل للاقتصاد ودعت النقابات الرئيسية إلى "توقف كامل للاقتصاد" في محاولة لشل البلاد وزيادة الضغط على الجيش. وأمرت المجموعة العسكرية من جهتها الموظفين الرسميين باستئناف العمل اعتبارا من 8 مارس وإلا فستتم إقالتهم وسيعرضون أنفسهم لأعمال انتقامية. وتشهد بورما اضطرابات منذ الانقلاب، مع تظاهرات يومية في مختلف أنحاء البلاد. ونظمت بعض التجمعات الاربعاء في مينجيان تم تفريق التظاهرة بالعنف وأصيب ثلاثة متظاهرين مطالبين بالديموقراطية بجروح إصابة أحدهم بالغة بحسب المسعفين. لكن الانتشار العسكري الكثيف لا سيما في حي سانشونغ في رانغون الذي شهد الأحد عملية كبرى لقوات الأمن مع محاصرة مئات المتظاهرين، شكل رادعا وكانت الحشود أقل بكثير. في قسم آخر من المدينة، عمدت قوات الأمن الى إحراق حواجز مؤقتة مهددة السكان باضرام النار في شققهم. مع مداهمات للمنازل والمستشفيات والجامعات والاعتقالات الجماعية واستخدام القوة القاتلة، يبدو أن المجموعة العسكرية مصممة أكثر من أي وقت مضى على إخماد حركة الاحتجاج السلمية التي تهز البلاد. وقتل 60 مدنيا على الأقل وأوقف حوالى ألفي شخص منذ الأول من فبراير بحسب جمعية مساعدة السجناء السياسيين. بادرة رمزية في بادرة رمزية، أعلن نواب عدة من الرابطة الذين أقيلوا من مناصبهم، على فيسبوك أنهم عيّنوا أحد مسؤوليهم هو ماهن وين خاينغ ثان، نائب رئيس البلاد، لكي يحل محل الرئيس السابق للجمهورية وين مينت ورئيسة الحكومة السابقة أونغ سان سو تشي اللذين لا يزالان موقوفين من دون إمكانية الاصتال بأي طرف. وحذرت المجموعة العسكرية قبل أيام من أن النواب الذين لا يعترفون بشرعية الانقلاب وشكلوا لجنة لتمثيل الحكومة المدنية مذنبون بارتكاب "خيانة عظمى" وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام أو بالسجن 22 عاما. وقضى مسؤولان من الرابطة أثناء الاعتقال في الأيام الماضية بعد فترة قصيرة جدا من توقيفهما. وأوقف عدد كبير آخر من المسؤولين بينهم ثلاثة الثلاثاء. ويستهدف العسكريون أيضا وسائل الاعلام المستقلة حيث نفذت قوات الامن مداهمات ضد ثلاث منها هي "ميانمار ناو" و"ميزيما" و"كاماريوت ميديا". كذلك سحبت ترخيص النشر من العديد من وسائل الاعلام الأخرى فيما أوقف نحو عشرين صحافيا. وقد أنهى الإنقلاب الذي نفذه العسكريون مسارا ديموقراطي استمر عقدا في البلاد ما تسبب بموجة احتجاجات دولية. من ناحية أخرى، أظهرت وثائق قُدمت لوزارة العدل الأميركية أن المجلس العسكري الحاكم في ميانمار سيدفع مليوني دولار لخبير إسرائيلي كندي في الدعاية "للمساعدة في تفسير الظروف الحقيقية" للانقلاب للولايات المتحدة ودول أخرى. وسيمثل آري بن ميناش وشركته (ديكنز آند مدسون كندا) الحكومة العسكرية لميانمار في واشنطن إلى جانب عدد من الدول وهيئات دولية مثل الأممالمتحدة. وينص الاتفاق الذي قُدم يوم الاثنين لوزارة العدل الأميركية في إطار قانون تسجيل الوكلاء الأجانب في الولاياتالمتحدة ونشر على الإنترنت على أن الشركة ومقرها مونتريال "ستساعد في وضع وتنفيذ سياسات لصالح جمهورية اتحاد ميانمار، كما ستساعد في تفسير الظروف الحقيقية في البلاد". وقال بن ميناش إنه مكلف بإقناع الولاياتالمتحدة بأن القادة العسكريين في ميانمار يريدون التقرب من الغرب والابتعاد عن الصين. وأضاف أنهم يريدون إعادة توطين أفراد أقلية الروهينغا المسلمة الذين فروا من هجوم عسكري في 2017 اتهمت بسببه الأممالمتحدة هؤلاء الجنرالات بالإشراف على عملية إبادة جماعية. وأظهرت وثائق أخرى قدمها بن ميناش أن الاتفاق مع شركته أبرم مع وزير الدفاع في ميانمار وأن الحكومة ستدفع بموجبه مليوني دولار. ترهيب ممنهج لكل الأفراد والعاملين في ميانمار (رويترز)