إن الإنجازات يسبقها شيء من الخوف، وإن الشعور بالخوف يساعد على اتخاذ القرارات والإقدام وإيجاد الحلول، ولذلك يرى البعض أن نصيحة مثل "لا تخف" غير كافية لتحقيق النجاح، الإنسان بحاجة إلى قدر من الخوف كي يتعلم وينجح ويبدع.. أبدأ هذا المقال بمقطع طريف بعيد عن التكلف ومختلف عن مقاطع "الهياط" إن صح التعبير. المقطع الطريف الجميل عن مواطنة تتدرب على قيادة السيارة في مدينة حائل بمساعدة مدربة من الجنسية المصرية، كانت المواطنة تقود السيارة مع شعور بالقلق والتوتر يصاحب ذلك توجيهات من المدربة، وحوار طريف بينهما باللهجة الحائلية اللذيذة واللهجة المصرية الجميلة، توقفت عند كلمة المتدربة حين قالت: "الذروق ما يتعلم" والمقصود بالذروق "الخائف"، لو سيطر الخوف على الناس في أي مجال لما تحقق التعلم. منذ الطفولة، لو خاف الإنسان لما تعلم المشي، وبعد ذلك ما انطلق في مسارات الحياة المختلفة فيحفر الآبار ويصعد الجبال ويقود الطائرات والسفن والمركبات الفضائية ويغوص في البحار ويعيش في الغابات ويجري العمليات الجراحية الصعبة. الخوف شعور طبيعي يشعر به الإنسان في مواقف الحياة المختلفة، يتفاوت الناس في مستوى الخوف وتأثيره، والقلق نوع من الخوف الذي يشعر به الإنسان في مواقف معينة مثل بداية عمل جديد أو مشروع تجاري أو اختبار مدرسي أو سفر أو مقابلة توظيف أو إلقاء محاضرة أمام جمع كبير، القلق الإيجابي يعبر عن المسؤولية والاهتمام، ويدفع بالإنسان إلى التعامل بجدية وإعداد نفسه للمهمة التي سيقوم بها. الخوف من الفشل لا يغلق طريق النجاح، الفشل نفسه يقود إلى النجاح حين نتعامل معه كوسيلة تعلم وخطوة إلى الأمام، الخوف إذا كان في مستوى القلق الإيجابي فهو سلوك يساعد على التعلم متى ما توفرت الدافعية والإرادة. الخوف يجعل الإنسان يركز على نقاط ضعفه بدلاً من نقاط قوته، كثير من مواقف التعلم تحتاج إلى شجاعة وثقة بالنفس تزداد قوة من موقف لآخر، من الأقوال المعبرة ذات الصلة بهذا الموضوع "تكون السفينة في مأمن حينما ترسو في الميناء، ولكن لم تصنع السفن لهذا الغرض" - جون شيد -. الخوف موجود لدى كل إنسان، الخوف من التغيير، الخوف من المجهول، الخوف من الفشل.. إلخ، لذلك يقول جورج باتون: "الجميع يشعر بالخوف والرهبة، فكلما تحلى الأفراد بالذكاء أصبحوا أكثر خوفاً ورهبة، فالشجاع من يجبر نفسه على المواصلة والاستمرار على الرغم من الشعور بالخوف بداخله"، يقول صاحب تجربة: "يعترف الناجحون بوجود المخاوف إلا أنهم يجاهدون في سبيل التغلب عليها". هل يزول الخوف بمجرد نصيحة تقول: "لا تخف"؟ لأن هذه النصيحة يقابلها "من خاف سلم". الحل يمر بمراحل وتدريب وتجريب ودعم معنوي يتعامل مع الأخطاء كفرصة للتعلم. في أدبيات فلسفة الخوف يقال: إن الإنجازات يسبقها شيء من الخوف، وإن الشعور بالخوف يساعد على اتخاذ القرارات والإقدام وإيجاد الحلول، ولذلك يرى البعض أن نصيحة مثل "لا تخف" غير كافية لتحقيق النجاح، الإنسان بحاجة إلى قدر من الخوف كي يتعلم وينجح ويبدع.