صدرت مطلع العام الجاري الطبعة الأولى لكتاب الأستاذ فهد مطلق العتيبي، أستاذ تاريخ الجزيرة العربية القديم وحضارتها بقسم التاريخ - جامعة الملك سعود، بعنوان اللغة والكتابة والهوية، حيث قام هذا الكتاب بتحليل ودراسة تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام. استهل العتيبي كتابه بالإشارة إلى أن الجزيرة العربية قد ظلت بعيدة عن اهتمام الدارسين والباحثين وعلماء الآثار الغربيين لاسيما فيما يخص تاريخها القديم، لما تمثله صورة الجزيرة العربية في العقل الجمعي الغربي بأنها منطقة صحراوية تفتقر إلى العمق التاريخي والحضاري، فهي في نظر الكثير من الباحثين مكان صحراوي لم يقدم شيئاً يذكر للحضارة البشرية. وبالرغم من ازدياد معارفنا حول تاريخ الجزيرة العربية القديم نتيجة للتنقيبات الأثرية التي قامت بها الجهات المعنية بالآثار، إلا أن مثل هذه الصورة النمطية استمرت لتجد صداها لدى بعض الباحثين العرب الذين وجهوا أبحاثهم نتيجة لذلك نحو المناطق الأخرى في منطقة الشرق الأدنى القديم كمصر، وبلاد الشام، والعراق، متناسين أن الشعوب التي شيدت هذه الحضارات جميعها قد خرجت أصلاً من الجزيرة العربية! قسّم العتيبي كتابه المكوّن من 450 صفحة إلى مقدمة وستة فصول وخاتمة، جعل أول فصوله حول تاريخ الجزيرة العربية القديم، استعراض فيه النطاق المكاني للجزيرة العربية قديماً، ونطاقها الزماني الذي يمثل الوعاء الذي يقع فيه الفعل الحضاري. وجعل ثاني فصوله لاستعراض الخارطة اللغوية في الجزيرة العربية قبل الإسلام، فقد عاش العرب في الجزيرة العربية العديد من القبائل والعشائر، حيث تعددت اللغات واللهجات التي استخدمها هؤلاء في التواصل اللفظي فيما بينهم، وإن كان أصل جميع تلك اللهجات يعود للغة العربية الأم. وفي ثالث الفصول تناول كتابة وتطوير الخط العربي قبل الإسلام، وقد فصّل الكتاب مراحل تطور الكتابة وقسمها إلى ستة مراحل: المرحلة الرمزية، المرحلة التصويرية، والتصويرية الرمزية، والمقطعية، والصوتية، وأخيراً المرحلة الأبجدية. وفي فصله الرابع والخامس سلط الضوء على النقوش العربية السابقة على الإسلام، والكتابة ومجتمع "الجاهلية". قبل أن يختم آخر فصول كتابه باستعراض تشكل ظهور الهوية العربية قبل الإسلام، مشيرا إلى اشتقاقات مصطلح "عرب" ودلالته، وبدايات شعور العرب بهويتهم في نصوص النثر والشعر الجاهلي.