إذا كانت ثقافة الكراهية تسببت في الغلو والتطرف، وارتفاع معدلات الجريمة إلى 7.6 % على المستوى العالمي، وأدت إلى سلسال من الدم في بقع كثيرة من دول العالم، فإننا أصبحنا أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى السلام النفسي، وهو شعور نحتاج جميعاً إلى تعلم مهاراته، حتى نتخلص من كل الأمراض السلبية الموجودة داخل كل إنسان فينا. نعم.. نحتاج إلى التخلص من المشاعر السلبية التي قد تنشأ بسبب سوء الظن ببعضنا أو عدم الرضا بقسمةِ الله، أو الاعتراض على توزيع الأرزاق، وهذه الأخيرة أعدها من أخطر المشاعر التي تصيب الفرد والمجتمع، لما لها من أضرار وخيمة كانتشار الحسد والبغض والتنازعات بين الورثة أو الخلافات العائلية، التي يكون سببها في أغلب الأوقات عدم الرضا بما كتبه الله لنا. ولا يختلف اثنان على أن "سوء الظن" أخطر السلوكيات البشرية التي تفكك الأسر والمجتمعات، وتنشر الكراهية في العلاقات البشرية، وقد قال صلى الله عليه وسلم "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث". نحتاج أيضاً كمجتمع يسعى للاستقرار النفسي إلى استباق الخير ببعضنا، وإلغاء مقولة "ماعاد بالدنيا خير"، ولا أدري بأي حق يمكن أن يطلق الشخص حكماً بأن الدنيا لم يعد فيها خير، وإذا كان هذا الكلام صحيحاً فإنك تحكم على نفسك بأنه ليس فيك خير! لو قال لك أحداً ذلك لغضبت، ودافعت عن نفسك، لكننا نواجه للأسف ثقافة مختلفة جعلتنا نعمم الخير ونخصص الشر، وهو ما يجعلنا في حاجة أكثر إلى تعلم مهارة السلام النفسي، والتخلص من المشاعر السلبية، واستباق حسن الظن في جميع تعاملاتنا البشرية، كي نشعر بالأمان، وألا نسبق الحكم على موقف، إلا بعد التأكد من كافة المعلومات، فقد قال تعالى في كتابه الكريم "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا". من المهم أيضاً أن نتعلم عدم لوم النفس على التقصير في بعض الأمور الخارجة عن إرادتنا، فكل إنسان له قدرات، وهناك فروقات فردية موجودة بين البشر، ليس الطلاب فقط بل حتى بين الأخوة أو النسب، فليس من العدل أن تقارن الأم أطفالها ببعضهم، وتطلب منهم العمل نفسه بالإتقان والسرعة نفسها، فلكل طفل أو شخص قدرات تختلف عن الثاني فلو فعلنا ذلك سننشر بين الأخوة الكره، وعدم التواصل وقطع العلاقات. ليس من العدل أن تقارن أم الزوج، زوجات الأبناء ببعضهم، فلكل شخص طبيعته التي فضلها الله، ولو فكرت بهذا المفهوم ستحدث مقاطعات وكره بين الأخوة وأولاد العمومة، نحتاج فقط للتركيز على إيجابيات بعضنا، حتى نحصل على السلام البشري، الذي سبق أن علمه لنا أفضل البشر رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم، فقد أقر بسنته كيفية تقبلنا لبعض، وغض البصر عن عيوب بعض، حتى تستقيم المركبة وتمشي بسلام. نادية عوض الغامدي