الأردن تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    البرلمان العربي يدين حرق كيان الاحتلال لمستشفى بقطاع غزة    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    رينارد: مباراة العراق حاسمة ومهمة للتقدم في البطولة    وزير المالية اليمني ل«عكاظ» الدعم السعودي يعزز الاستقرار المالي لبلادنا    التركي فاتح تريم يصل إلى الدوحة لبدء مهامه مع الشباب    "جلوب سوكر" .. رونالدو يحصد جائزة "الهداف التاريخي"    البيت الأبيض: المؤشرات تؤكد أن الطائرة الأذربيجانية سقطت بصاروخ روسي    القبض على أطراف مشاجرة جماعية في تبوك    مدرب قطر يفسر توديع كأس الخليج    «سلمان للإغاثة» يوزع 526 حقيبة إيوائية في أفغانستان    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مدرب اليمن يستهدف فوز أول على البحرين    الذهب يستقر وسط التوترات الجيوسياسية ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    دار الملاحظة الأجتماعية بجازان تشارك في مبادرة "التنشئة التربويه بين الواقع والمأمول "    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعاد البشر: تفاقم الحرام عند البعض بلا ضوابط يسبب أزمات نفسية
نشر في الحياة يوم 05 - 02 - 2013

التوازن النفسي كفيل بضبط إيقاع الحياة والحفاظ على الثبات وسط المتغيرات والتعامل مع المؤثرات، وفق منظومة تكفل للكوامن انطلاقتها وحريتها وضمان عدم انفجارها. الدكتورة سعاد البشر أكاديمية كويتية متخصصة في علم النفس، تجلس إليها وتشعر كأنك في جلسة إعادة صياغة لكلك، والبحث عن مسارات تليق بك، هكذا هم أهل علم النفس يتسللون إليك، ويرتبون فوضاك، ويمنحونك الحل. سعاد البشر تجمع بين مدارس في مدرسة واحدة، لا تشغلها التصنيفات ولا التقسيمات ولا الشرق والغرب بل تصهر ذلك كله في بوتقة الإنسان، وما يحتاج وما يستحق، هي تؤمن أن ديننا كفل لنا الطريق الصحيح علماً وعملاً، ولكن ممارسة البعض لهذا الدين هي من تسبب في إزهاق روحه البيضاء وحلول الشحناء والبغضاء بدلاً منه. تركز ضيفتنا في حوارنا معها على المرأة، وترى فيها صمام الآمان النفسي متى ما اُحترمت، وأؤمن بها، ومنحت حق التصرف في حياتها، وتعتقد أن جلّ أمراضنا بسبب سوء تعاملنا مع المرأة، لذا تنشأ الصراعات والتخبطات التي لا حد لها، ولا أفق تنتهي إليه!
تتفاءل ضيفتنا بالقدرة على صياغة تشريعات نفسية تكفل للمجتمع أن يعرف الخلل باكراً، ويبادر للعلاج بسرعة، ليصل إلى مبتغاه بسرعة!
في حوارنا سيكون ثالث التوازن النفسي والحل الصحيح، لن نجزم أن كل شيء هنا ستتفقون معه، لكن نحن على ثقة أن بين ثنايا الحوار هناك إشارات تكفل لنا البصر والبصيرة في مشوارنا الحياتي الممتد.. إلى الحوار مع كل الأمل «بسعادة» مع الحرف و«بشر» بأجمل معنى.
الخليج، هل تجدينه ظالماً أم مظلوماً نفسياً؟
- لا هذا، ولا ذاك، وأتمنى ألا يكون أبداً، إلا أنه لا يخلو مجتمع من وجود الظلم، ولكني لا أراه - الحمدلله - في مجتمعاتنا الخليجية إلا ما ندر، أما أن نكون مظلومين قد يكون ذلك في بعض الأعراف والعادات القديمة التي يجب أن تبدل، ولا أستطيع أن أصنفها من ضمن الظلم.
هل تشغلكِ الكوامن أكثر.. لذا اخترتِ درس علم النفس؟
- لا، بل يشغلني أمر نشر الخير والسعادة وراحة البال للمحيطين بي، همي وشغلي الشاغل إيجاد حل لكل ما يهم ويغم الناس، فلذلك اتجهت إلى دراسته لحبي وشغفي في نشر الحب.
والبعض يظنّ بأن علم النفس يركز فقط على الكوامن واللاشعور والعقل الباطن، ويتناسون العقل الواقعي الواعي والسلوك الظاهر، وهو سبب ما نحن به من فرح أو ترح أو نجاح أو فشل، ولذلك ركزت على دراسات النظريات النفسية المعرفية والسلوكية، وكيف السبيل للوصول إلى الراحة النفسية من خلال تصحيح الأفكار وتعديل السلوك.
علم النفس بين الشرق والغرب
لماذا كل شيء أميركي جودته عالية حتى في درس علم النفس والطب النفسي؟
- هذه العقدة التي أوجدناها نحن وقد نكون سببها، وثقتنا الفائقة بهم جعلتنا نرى كل ما يأتي منهم هو الجيد والأفضل والسليم، وقد يكون، لأن يغلب عليهم كشعوب طابع الإخلاص في العمل، وهذا ما جعلنا نثق بأن كل ما يأتي منهم هو الأفضل.
وهذا فيه ظلم كبير لنا، لأنني أرى بيننا العلماء والمبدعين، كما أرى في صناعاتنا الكثير طيباً، وما يخص علم النفس الذي أسسه علماؤهم، ووضعوا المدارس النفسية، واخترعوا الأدوية النفسية وغيرها، هو ما جعلنا ننهج بمنهجهم.
غير أن النهج الحقيقي أتانا من سيرة محمد عليه الصلاة والسلام، فعلى سبيل المثال انظر إلى حديث النبي حول التخلص من الغضب، إذ قال: «لا تغضب، فإن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من نار، وإن الماء لتطفأ النار، فإن وجد أحدكم في نفسه غضباً فليتوضأ»، بداية نهانا عن الفعل، وخاطب بعدها العقل، ليقنعنا ما الذي يفعله الغضب في الإنسان من الداخل، ثم استخدم المنطق بإطفاء الماء للنار، ثم دلنا على تعديل السلوك بالوضوء.
هنا شمل حديثه العلاج السلوكي، ثم المعرفي، ثم كلاهما، ثم الواقعي، ثم الجدلي، أليست مدرسته عظيمة صلى الله عليه وسلم.
ما الفرق بين النفسية الشرقية والغربية؟
- الشرقية تقيدها العادات والتقاليد والأعراف، كما تسلط الضوء دائماً على ما الذي سيقوله الناس عني، فغالباً يهتمون بالآخرين، ويتناسون ذواتهم، وكثير من الدين غير الواضح عند البعض، فالذي لا يرى منه غير الحرام والنهي واللا يجوز، وتناسى بأن ديننا سهل ميسر، ما جعلها تشتكي من الضغوط النفسية، وتوصف بالشخصيات الحارة، أي الانفعالية وسريعة الاستثارة.
ولا أستطيع أن أعمم، أما الغربية فهي منطلقة وحرة، والمسموحات لديها أكثر من الممنوعات، ما جعلها تشعر بالحرية، ومن ثم الانطلاق والإبداع، والقليل من الضغوط، ولكن منهج المباحات في دينهم جعل من بعضهم لا يعرف معنى الحياة فينتحر.
العادات والتقاليد.. هل تتحكم في النفسيات كثيراً؟
- أراها عند البعض تكاد تخنقهم، وأبسط مثال زواج البنت من أبناء عمومتها وإلا فلا! ما أدى إلى زيادة نسبة العنوسة لدينا، كما ليس للفتاة حق الاختيار، وهذا سينعكس سلباً على مشاعرها تجاه المجتمع.
يدرس طلاب جامعاتنا علم النفس بطريقة، ويمارسونه بطريقة أخرى! أين الخلل؟
- في عدم التطبيق الفعلي، وأغلب موادنا ومناهجهنا نظرية، وعدم وجود مؤسسات نفسية كما يوجد بالغرب، أدى إلى الدراسة النظرية المحدودة، وهذا لا يجعلنا نطبقه على أرض الواقع.
كما تخلو مناهجنا من روح الحياة الفعلية، أو بالأحرى ربط المواد بالواقع، فيغلب عليها الجانب التنظيري الذي يجعل الطالب يتخرج، ونسي ما درسه.
ومع ذلك، إلا أنني أرى حالياً اتجاهات تربوية تهتم بمجال التنمية البشرية من خلال تفعيل دور تلك المواد من خلال الدورات وورش العمل، لتنمية الذات والتعامل مع الآخرين والحياة بشتى مجالاتها.
أيهما أسهل البناء أم الترميم في النفس البشرية؟
- البناء طبعاً، فإن كانت مواد البناء كالحب والتسامح والقيم الأخلاقية والوسائل التربوية الحديثة هي لبنات البناء كان البناء أقوى، ونضمن وجود شخصيات فاعلة في هذا المجتمع، أما الترميم فقد يوجد وينجح، ولكن التشوهات تظل على بعض أجزائه، وهناك خوف من انهياره.
خوض غمار الدراسات النفسية.. هل تتعب صاحبها؟
- أبداً، بل بها متعة حقيقية، خصوصاً إذا ما حققت الهدف المرجو منها، وعلم النفس كأية مادة وكأي علم يحتاج إلى الصبر والمتابعة والقدرة على مواجهة الصعاب التي من الممكن أن تواجه الفرد خلال دراسته، ولكن قد يكون التعامل مع الحالات النفسية سواء في المستشفيات أم في الاستشارات متعباً شيئاً ما، فالعلاج النفسي غير الدوائي يجعلك تعيش المشكلة النفسية مع صاحبها، لتحللها ثم تضع له أفضل الحلول.
وأحياناً يطول العلاج، ووجود مشكلات لدى البعض مؤثرة للغاية، كالفقدان وموت الأحباب والابتلاءات ببعض الاضطرابات، كل ذلك يجعلنا نتأثر لأننا بشر، ولكن تعلمنا مهارة الفصل بين كم المشكلات التي نتعامل معها، وبين حياتنا الشخصية، إلا أننا يتوجب علينا أخذ إجازة كل ست أشهر على الأقل حتى نجدد الطاقة السلبية التي اكتسابناها من الحالات، لنعود ونحن بكامل حيويتنا.
يشاع أن المتخصصين النفسيين يحلون مشكلات الآخرين، ويعجزون عن مشكلاتهم؟
- هم لا يعجزون، بل إن كانت المشكلة تخصهم دون وجود آخرين بها، فبالعكس، من السهل علينا ممارسة كيفية ضبط الانفعالات والتحكم بها، واستخدام كل الوسائل الدفاعية لمواجهة الخطر أو المشكلات، أما إن كانت مشكلاتنا متعلقة بالمقربين، فأخلاقيات مهنتنا لا تسمح لنا بعلاجهم، ويكون الأمر مجرد نصح لهم، وعلينا تحويلهم إلى زملاء آخرين، ليساعدوهم في الحل، ولكنا نظل بشراً، نخطأ ونصيب حتى مع أنفسنا.
من يخرجك من أزمتك النفسية في ما لو أحكمت قبضتها عليك؟
- الله، ثم كثير من كلام نبيه، وبعض من كلام أمي، ثم يأتي ما تعلمته، وأحياناً يأتي دور أبنائي الذين علمتهم كيفية مواجهة الصعوبات، وكيفية التعامل مع الآخرين، فيقومون بدور الموجهة لي، وكأننا في دائرة، فما سقيتهم أثناء تربيتي لهم، هم يسقوني إياه إن احتجته.
المرض النفسي والتدين
ما أكثر المشكلات حضوراً لديكم، وهل كان الإشكال الديني سبباً في المرض النفسي؟
- بالنسبة إلي كوني متخصصة في الأمراض النفسية تأتيني حالات الوساوس والقلق والاكتئاب والمشكلات العلائقية، ولا يكون الدين هو السبب، ولكن عدم وضوح بعض المفاهيم الدينية عند البعض، قد تكون سبباً في بقاء مشكلتهم.
وكذلك تأتيني الكثير من المشكلات الزوجية، ولفت نظري زيادة الشكوى لدى حديثي الزواج ممن لم يمض عليهم 5 أعوام من عدم رغبة الرجل بزوجته وصده عنها، وتفضيل الجلوس لوحده، والتواصل من خلال شبكات التواصل الإلكتروني أو مع أصدقائه.
ونحاول نحن كأخصائيين نفسيين معرفة الأسباب ومحاولة وضع أساليب مختلفة للتواصل الفعال، ولكن المشكلة تكمن غالباً في أن من يقدم الشكوى هم النساء، وقليل من الرجال من يقتنع لحضور الجلسات، لإتمام العلاج ووضع الحلول.
الشخصية الحدية هل تجدي لها انتشاراً بيننا؟
- نعم، فهم يعيشون بيننا، ويسببون أزمة حقيقية لمن يتعاملون معهم، فهم متقلبو المزاج، ومتهورون، ويتصفون بالرعونة والتهور والفراغ الداخلي.
ومن خلال بحث، قمت به لقياس مظاهر هذا الاضطراب، وجدته لدى أفراد المجتمع بنسبة تجاوزت 40 في المئة من مجتمع الدراسة، ولكن لا تصل إلى حد الاضطراب الفعلي.
ولكن تغلب عليها الملامح والمظاهر العامة له، ووجودهم بيننا يسبب الكثير من الأذى لهم وللمحيطين بهم، فحين يكون مزاجهم مرتفعاً، تراهم يتقربون من أحبابهم، ويتواصلون معهم، ويقدمون لهم كل شيء، وفجأة يتحول ذلك المزاج إلى أدنى مستوياته، ويسبب الخصام والصراخ والألم للمحيطين، وهنا تكمن المشكلة في كيفية التعامل معهم.
وعلى فكرة، هذا الاضطراب يصنف ضمن الاضطرابات الشخصية التي تعتبر من أسهل الاضطرابات في التشخيص، وأصعبها في العلاج، إذ إن الفرد تظهر عليه تلك الملامح من الطفولة، وتتعزز في المراهقة، وتثبت في الرشد، فعلاج الاضطرابات المتعلقة في الشخصية تصعب علينا، لأن لها جذوراً متأصلة من الطفولة.
لماذا لا يوجد مكان لأخصائي نفسي في المدارس كما الاجتماعي؟
- لعدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى دوره الحقيقي، فهم يكملون بعضهم البعض، وكما هناك مشكلات اجتماعية يقابلها بلا شك مشكلات نفسية يعاني منها الطالب، ومعظم المشكلات الاجتماعية أسبابها نفسية، لذلك نتمنى من وزارات التربية تفعيل دور الأخصائي النفسي، وتعريف دوره في المدارس، وذلك لتفادي الكثير من المشكلات الدراسية.
الخوف من الآخر ومن «التغريب والانحراف» في ثقافة المجتمع الخليجي، هل هو مرض نفسي أم شيء أكبر؟
- ليس كل انحراف سلوكي ينعت بالمرض النفسي، ولكن معظم من يعانون من أمراض نفسية تجد لديهم انحرافاً سلوكياً، ما يحيد الفرد عن ما هو متعارف في مجتمعه وأسرته وبلده، ولذلك يشعر بالضيق، وبأن الآخرين يخالفونه.
الخصوصية والمحافظة الاجتماعية لدينا تربكنا في أمور كثيرة، ما العمل؟
- نشر ثقافة الحرية بأصولها الإسلامية الواضحة، والتخلص من بعض العقد الموروثة.
الازدواجية الخليجية
نسمع كثيراً عن الازدواجية التي يعيشها الخليجي في حياته اليومية من خلق هذا «الازدواج»؟ وهل من حل؟
- بسبب الصورة المثالية التي تكونت في الأذهان عن الكمال والعيب، وماذا يقول الآخرون عنك؟ هذا ما أدى إلى أن يعيش البعض أمام الناس بصورة ومع نفسه بصورة أخرى، وأعتقد بأن الحل يحتاج لأعوام، حتى نتخلص من عقدة بعض العادات والتقاليد.
في كتاباتك لغة ليبرالية وروح إسلامية.. هل هناك خطة ما؟
- أبداً، بل أحاول أن أواكب العصر والمستجدات بلغة أقرب إلى المشاعر، ممزوج بنكهة دينية، فأنت حين تخاطب البشر فإنك تخاطب نفوساً وعقولاً مختلفة، فعليك أن تستخدم كل وسائلك النفاذة لإقناعهم، فكلامي يأخذ جانب حياتي، وأثبته من خلال أدلة، لا نقاش بعدها كالدين.
كما أنني نشأت في بيت محافظ، ومررت بموجات دينية مختلفة شديدة ومتوسطة، إلى أن وصلت إليّ ما أنا عليه، بأنني أحاول دائماً أن أخاطب قلوب الناس بأسلوبهم، وما يحبون، وأنطلق بعدها بالأدلة.
من المسؤول عن تحويل الصراعات السياسية إلى معارك دينية؟
- السياسيون، حتى تكون حجتهم أبلغ.
سوء استخدام السطوة الروحية.. من المتهم هنا؟
- نحن، ولا سوانا تسبب في ذلك!
لماذا أصبح الجدل حول الفتاوي الشرعية، والخلافات المذهبية كثيراً في مجتمعنا؟
- القنوات الفضائية التي نشرت معتقدات المذاهب بصورتها الحقيقية الممزوجة بالاستفزازية، وانتشار التكنولوجيا، وتسارع توثيق المشاهد الحقيقية لبعض الطقوس المذهبية، أدى إلى وجود هذا الصراع.
ليبرالي، وهابي، علماني، إخواني، حداثي.. هل هي سمات حقيقية أم مجرد مسميات في المجتمع الخليجي؟
- والله اختلطت الأمور بالنسبة إليّ، فالبعض يدعيها لمكاسب معينة في باله، والبعض صادق بها، فنحن في حيرة، ولا يعلم ما بالنيات إلا الله، لكن المشكلة في اندفاع بعضهم، لإثبات منهجه كرهاً، ويرى نفسه على حق والآخرين على باطل، ما أدى إلى التنافر بين كل منتسبي تلك المسميات.
أسلمة علم النفس والطب النفسي.. إلى ماذا تعزينها؟
- البحث عن الراحة النفسية من خلال الروحانيات، فحين تربط ما تفعله برضا الله فإنك تشعر بالسعادة، حتى لو لم تحصل على ما تريد، فحين يبتلى الفرد، ويحتار في كيفية التخلص من المشكلة، فلجوءه إلى الله هو العلاج، والمسكن طويل الأمد، ولكن كل ذلك يعتمد على إيمانه ومعتقداته حول القيم والمبادئ الدينية ومدى تصديقه لها.
قانون الفحص النفسي
ما رأيكِ في ضرورة إصدار قانون يفرض الفحص النفسي، كما هو الفحص الطبي في كل شيء؟ وهل يجب أن ندخل المسؤولين في ذلك أيضاً؟
- نعم، وأتمنى ذلك حتى نستطيع الحد من مشكلات الطلاق ومشكلات العمل قبل توقيع العقود، لا بد من إصدار قانون يفرض الفحص النفسي قبل الزواج وقبل المنصب، فعلى المسؤولين العمل على إجراء فحوصات نفسية، يقوم بها المختصين النفسيين والاجتماعيين بعيداً عن الطب النفسي، حتى لا يأخذ الموضوع صبغة مرضية واستياء من الناس.
ناهيك عن وجود بقايا لمعتقدات موروثة بين الذهاب إلى الطبيب النفسي والأمراض العقلية، فباعتقادي لو تم تطبيق ذلك القرار من خلال اجتياز دورات متخصصة في فنون التعامل مع الذات والآخرين، ومن خلال اكتشاف الذات إضافة إلى الاختبارات النفسية، فهنا سنكتشف المشكلة قبل وقوعها، وهي ما تسمى بالوقاية من الدرجة الأولى كالوعي الصحي النفسي والثقافة العامة لمعرفة المشكلة قبل وقوعها.
كما أنه سيكشف عن ملاءمة الشخصيات بين الزوجين، ومدى قدرتهما على الانسجام مع بعضهما البعض للحد من مشكلات الزواج والطلاق.
طاولة الحوار تشتكي كثيراً عند نقاشاتنا.. لماذا؟
- نقص العقول والاعتقاد الخاطئ بأن الصوت الأعلى هو صوت الحق دائماً والغالب، ودور التنشئة الأسرية والمجتمعية والثقافة البيئية التي درج منها هذا الشخص كل تلك العوامل ممزوجة هي السبب في ما نراه من الخلافات وارتفاع الصوت، فهم ينتهجون منهجاً مزعجاً للغاية.
فبالنسبة إليّ أشعر بالغثيان من الأسلوب والشد والتجريح، وغالباً لا أكمل الحوار أو بالأحرى لا أستطيع أن أفهمه، واتخذت منهجاً لحياتي عندما أضطر للجلوس في مثل تلك الطاولات، هو التزام الصمت أو طرح ما قل ودل، ومحاولة عدم الخوض مع تلك العقول الناقصة المزعجة (طاقة سلبية).
مفهوم الولاية والقوامة عندنا.. ألا يتسبب في أمراض نفسية؟
- أحياناً، يصاب صاحبها بالهوس والعظمة، ويؤثر في المحيطين إن كان استخدامه لها بشكل سلبي أو استغلالي، فالقوامة الحقة هي القيام بالدور على أكمل وجه من دون إزعاج للطرف الآخر والمشاركة الإيجابية الفعالة المثمرة.
كما أنني أرى أن الثقة المتبادلة والحب والاحترام جعلت من القوامة والولاية أسلوب راقٍ لدى من أحسن استخدامها، فالخلل ليس بالمفهوم بل بتطبيقه وسوء فهمه من البعض.
لغة الأخذ والرد متلعثمة بين الأزواج.. هل نحن خجلى إلى هذه الدرجة؟
- ممكن، ومن الممكن أن يكون جهلاً، وأن يكون غروراً أو يكون تحدياً، كما أن التنشئة الأسرية والاقتداء بالمحيطين وتأثير وسائل الأعلام صورت لنا فقر الحوار بين الزوجين أو تلعثمه كما أسميته.
فقد يبدأ عند بعض الزوجات كذلك بسبب حيائها وعدم معرفتها لاستخدام مفردات مؤثرة ورومانسية ولطيفة مع الزوج، فأصبح حوارها معه قاحلاً مجرداً، وبعدها تتعود على ذلك وهو كذلك، ما يؤدي إلى انقطاع الحوار بعد ذلك، فلا يمنع أبداً أن يتعلم كلا الزوجين كيفية التواصل اللفظي ومدى أهميته في كسب القلوب ونجاح الحياة.
آلية الزواج
كيف ترين آلية الزواج في مجتمعاتنا الخليجية؟
ينقصها الكثير، خصوصاً في بداية الاختيار والخطبة اللتين غالباً ما تتم بطرق تقليدية تمنع الطرفين من التعرف الكافي على بعضهما والاقتناع بالزواج، فأتمنى أن يكون هناك خطبة حقيقية يتم فيها التعارف بطرق شرعية، كالاتصالات الهاتفية بعلم الأهل أو استخدام وسائل التواصل الإلكتروني وغيرها، حتى يتم الانسجام والتعارف الفعلي، ومن ثم التجهيز للعرس الذي يثقل كاهل القائم عليه، فيؤدي إلى خلل مادي لأعوام يؤثر في نوعية الحياة.
تدخل الأهل الكبير في معظم شؤون الطرفين بحجة الخبرة، كل تلك المؤثرات تجعل من الآلية متعثرة تحتاج إلى تعديل وإعادة تغير الثقافة فيها، كما أن الزواج التقليدي الذي غالباً ما يتم فيه اختيار الزوجة للزوج من والدته أو أخواته وإتمام الزواج، وفقاً لرأيهم، واستناداً على ذوقهم، هذا ما أتمنى أن يتغير، فلنحاول إيجاد آلية جديدة لا تخرج عن الشرع، ولكنها تواكب العصر.
الوسواس القهري.. لم الخروج منه مكلف كثيراً؟
- هي عادات سلبية، اكتسبها الفرد نتيجة لأفكار متسللة ومقحمة، أدت إلى شعوره بالقلق، ما جعله ينتهي لهذا السلوك الممل، وتكراره أدى إلى تكون تلك العادة السلوكية المزعجة.
على سبيل المثال، عندما تقتحم الفرد فكرة حول عدم إتمامه الوضوء للصلاة بصورته الصحيحة، وبالتالي لن تصح صلاته وفقاً لها، لذا سينال غضب الرب، وهذا يجعله يستغرق ساعات للاغتسال، يقوم بتكرار الوضوء، ولا يقتنع، وهذا يعطل مسيرة حياته وقيامه بواجباته الأساسية، لانشغاله بالطقوس القهرية التي يعانيها، ما يجعله يعيش بتلك الدوامة لأشهر وربما لأعوام.
فلذلك يكون الخروج صعباً للغاية، ولكننا في العلاج، نقوم بوضع الخطة العلاجية القائمة على إعادة بناء السلوك من جديد مع تغير المعتقدات، بعدها نرى التحسن بفضل الله.
الإساءة للطفل.. هي إساءة للإنسان، فتؤثر فيه العمر كله، وتشكل شخصيته، إلى متى ونحن نحاول إصلاح الأمور بعد تهشمها؟.. متى نتعلم الحفاظ عليها مسبقاً؟
- بالحب، بالترابط، بالوعي السليم، بالمراقبة والحزم الممزوج باللين، عدم الاتكال على الخدم في التربية، ترك الإهمال، وتحمل المسؤولية لتربية الأبناء من الأبوين.
فعلاً أن طفل اليوم هو رجل المستقبل، فما تزرعه اليوم في نفسه حتماً سترى ثماره في شخصية الطفل مستقبلاً، فإن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.
ومن أفضل الأساليب للتخلص من المشكلات الوقاية على المستوى الأول، وهو الوعي بالشيء ومعرفته قبل الوقوع من دون أن نعي ما حاجات الطفل، وكيف السبيل لتحقيقها، ومن ثم الوقاية على المستوى الثاني، وهو الاكتشاف الباكر، الذي لا يتم إلا من خلال الاحتكاك بالطفل مباشرة، وعدم الاعتماد على الآخرين في تربيته.
التحرش بالأطفال
التحرش بالأطفال.. لِمَ هو مستفحل في مجتمعنا؟
- ليس مستفحلاً، لكنه موجود، وهناك بعض الحالات التي أتت للعلاج بشكوى لأمراض نفسية، كان سببها التحرش الجنسي، فهو خطر للغاية، لأنه ليس له أعراض ظاهرة.
وخوف الطفل من الإفصاح بسبب عدم معرفته وجهله التام بالأمر، إضافة إلى تهديده إن هو أفصح يؤدي إلى وجود اضطرابات مستقبلية.
الطلاق.. لم لا تصدر تشريعات تنأى بالأطفال عن الخلافات بين الزوجين؟
- بسبب القوانين الوضعية التي تؤدي إلى وجود ذلك، وفقر المعلومات حول الطلاق الناجح، وكيفية أن الأغلبية تعتقد بأن الطلاق هو بداية لحرب باردة مستمرة مدى الحياة، هذا ما أدى إلى ذلك، فعلينا نشر ثقافة الطلاق الناجح، ومعرفة أصول التربية الحديثة للأسر المنفصلة الوالدين.
حتى متى والمرأة التي تحترم أمومتها تتعرض للضيم والعذاب؟
- حتى يأتي اليوم الذي تقرر فيه تشريعات تقرر على كل طرف مسؤولياته، وتحفظ له واجباته، وتحميه من كل تجاوزاته.
وللأسف، المرأة الصالحة تأتي على نفسها، وتقدم تضحيات كبرى، ليستقيم الأمر كله، وليت المجتمع لا يعاقبها أكثر على تضحياتها!
الاختلاط بين الجنسين.. هل يضمن التوازن النفسي أم الفصل هو الحل؟
- ما تقوم به بعض الدول من الفصل في المدارس الحكومية خلال فترة الطفولة والمراهقة ثم الجمع بينهما في الجامعة أراه أمر صحي، لأن الفرد في الرشد تكون شخصيته اكتملت ونضجت، وعليه أن يتعامل مع الآخر بأسلوب راقٍ، وبذلك سيتهيأ لمرحلة مقبلة، وهي العمل أو الزواج.
فالاختلاط المحتشم يضمن التوازن، وعدم احتكاك الجنسين ببعضهما يولد فجوة بينهما، والتخبط في التعامل مع بعضهما الذي يسبب الإحراج لكليهما، وهذا ما نراه إذا ما اضطرا للعمل معاً، فلذلك من رأى أن الاختلاط مطلوب، ولكن بضوابط.
كيف تقرئين ال«توتير» الخليجي نفسياً؟
- تنفيس، ووضع ما في القلب والفكر على هيئة جمل مرتبة (وكل يغني به على ليلاه)، فهو خليط من النفوس الحقيقية والمصطنعة التي تراها من خلف الشاشات.
لكني أحببته كثيراً والذي عرفني على أمثالكم سيدي، بالنسبة إلي «تويتر» جعلني أستغني عن الجريدة اليومية، لأنه وفر لي الأخبار السياسية والمجتمعية والحكومية، وما يدور في الساحة.
فبالتالي أشعر بأن «تويتر» جمع بين أمور مهمة بصورة ترفيهية خفيفة الظل، على فكرة، لدى من المتابعين من يضعون النكت والفرفشة التي تنقصنا في حياتنا، فإذاً «تويتر» بالنسبة إلينا (حياة).
كم مرة سُئلتِ: ما صلة القرابة مع د. بدرية البشر؟
- كثيراً، والسؤال غالباً يأتيني من الأخوة السعوديين، هي لا تقرب لي، ولكن العوائل الخليجية منتشرة، فلعلها أحد أبناء العائلة التي لا أعرفها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.