كانت الخطوات السينمائية السعودية في الفترة الأخيرة، تسير على جانب اقتناص المحاور المجتمعية الشاذة، وربما لا علاقة لها بفكرة النهوض بالسينما، في بعض الأحيان يغلفونها بالكوميديا والظرافة التي تجعلها تتخذ منحى آخر، إضافة إلى جانب السرد التاريخي أو التوثيقي في أطروحات سينمائية مختلفة. جاء فيلم "حّد الطار" ليكون حقيقياً، مختلفاً عن كل الأفكار المتوقعة والتي تتمخض في (الحارة، السكان، البيئة)، فيلماً بيئياً في حي يسكنه فقراء بعضهم من ذوي السحنة السمراء. في نهاية 1999 قبل التحول التكنولوجي وطيّ قرن جديد، وقعت شامة ابنة الطقاقة في "محنة" شديدة، فهي تريد أن تشارك والدتها في إحياء الأفراح لتجمع مبلغ دية ابن خالتها "الحبيب الأوليّ" أو أن تستسلم لإرادة ابن السياف الذي يرغب في الزواج منها، وفي كل يوم يجمعهما الحب تحت سفح جدران الأسطح. المؤلف مفرج المجفل، كعادته لا يترك مشاهدي قصته تائهين، فالخطوط الدرامية تظهر محترفة، يغلفها حالة الجذب المستمرة للمشاهد من خلال الصراعات النفسية والتقاطعات المحبطة في جانب والسعيدة في جانب آخر. عائلة ابن السياف مازالت ترفض زواج ابنها "دايل" من شامة ابنة "الطقاقة"، يريدون أن يكون سيافًا بالوراثة، القصة مبنية على محور مهم، التناقضات التي تمارس في كثير من المجتمعات، من دون التفكير في نتائجها وتوابعها، فبطل الفيلم يكره عالمه الوراثي ولا ينتمي له شعورياً، ويقع في حب فتاة تنتمي إلى مجتمع آخر يميل إلى الحرية والروح المنطلقة، لكن ضغوط المجتمع وصراع التقاليد جعله يعيش صراعاً نفسياً محبطاً في كثير من الأحيان. مايحدث في فيلم "حدّ الطار" يشبه في غالبه واقعنا، كثير من التناقضات والحكايات المستفزة، بين بياعة الفرح وطالب الموت، هذه الأفكار تذهب بالمشاهد بعيداً عن الخيالات والتوقعات، والأفكار المتناقضة، حتى تصل بهذا الاختلاف إلى أن تسعى "شامة" لتتعلم العزف على الأورغ، بحجة أن لدى والدتها حجوزات لأفراح "الشيوخ" وهم يشترطون أن تكون مع الطقاقة عازفة أروغ، ربما هذا الفرح الهدف منه أن تخلص ابن خالتها من الإعدام، صراع نفسي بصورة أخرى لكن بشكل مذهل.. فيما يسعى ابن السياف إلى الوظيفة والدخول في تنفيذ أحكام الإعدام لينتقم من خصمه، خطوط درامية أخرى، عندما تسجن الطقاقة لحقوق مالية، وتذهب الأفكار إلى من يغني في عرس الشيوخ؟ غموض وتفاصيل أخرى تدعم الانتصار للحياة بشكل جاذب. يقول المخرج عبدالعزيز الشلاحي: لا أحب قراءة القصص، عادة أنا كسول في هذا الجانب أو حتى قراءة فكرة تتجاوز الصفحتين، لكن مفرج المجفل في "حدّ الطار" اقتحمني، فالقصة بدأت عام 2017، عندما كنا نتحدث عن عالم الطقاقات، الذي يعد مستفزًا كبيئة قبل أن تكون قصة لما تحتويه من غموض، ولرغبتي بقصة مختلفة، بعد ذلك كتب مفرج النسخة الأولى من الفيلم من منظور جميل، وهي أن الطقاقة تبيع الفرح، في تناقض مع شخصية السياف الذي يشتري الموت، وربطهما مع بعض، وكيف لو اجتمعت الشخصيتان في الحارة نفسها وكان بينهما قصة. تأخرنا سنتين عن إنتاج الفيلم، حتى وصلنا العام 2019، عندما حصلت الفرصة لأن ننتج الفيلم، حيث كان يجب التعامل معه كفيلم حقيقي وليس كتجربة قابلة للنجاح أو الفشل، خاصة وأن السينما السعودية تشهد انتعاشاً وتألقاً حالياً، وينتظرها مستقبل كبير، والطريق أمام صناع السينما الشباب الآن أكثر وضوحاً، وممهد لعمل كثير من الأعمال الجيدة التي ستضع السينما السعودية بمنطقة مهمة قريباً. دايل وشامة بين صراع الموت والحياة من كواليس تصوير فيلم حدّ الطار الزميل عبدالرحمن الناصر مع المخرج الشلاحي وأبطال فيلم «حد الطار» والشمري مصممة الأزياء