استفاد الفنان التشكيلي من وسائل التقنية الحديثة وسخرها بأسلوبه الفني لخدمة قضاياه، وقد كان للأسلوب المفاهيمي مساحة من التفاعل مع وسائل التقنية الحديثة. كانت «الفنانة منى حاطوم» قد ولدت وعاشت في المنفى فانعكس هذا النفي في أعمالها وخرج عن إطار اللوحة إلى المحيط الخارجي، وقد مثلت الفنانة (منى حاطوم) اعتراضها على الشتات والبعد عن الوطن في أعمالها، ويصف الفنان كمال بلاطه أسلوب الفنانة في مقالته التي كتبها في مجلة الرافد (2003) بقوله: «خرجت حاطوم كليةً عن إطار اللوحة وشملت موادها التي تستخدمها في التعبير أحدث أدوات الإيصال التعبيري والتي سارت من خلاله في العالم الفني المحيط بها، فتضمنت أدواتها العروض الشخصية الحيّة وإخراج أفلام الفيديو، ثم يضيف: تعيش الفنانة متنقلة ما بين مدينة لندنوبيروت حيث يعيش أهلها وقد دعم هذا التنقل إحساسها بالغربة فراحت تبحث عن الهوية؛ وقد لجأت حاطوم إلى التعبير عن قضيتها بمنهاج ما بعد الحداثة وانتشر هذا الفن في نهاية الستينيات وأشهر فنانيه جوزيف بويز الألماني، ويف كلين الفرنسي، وبيرو ما تروني الإيطالي، وأنتونى كارو البريطاني، وفرانك استيلا الأمريكي، وغيرهم من فناني الحداثة. كما شاع في الثمانيات (فن الأداء التشكيلي Performance) أو (الإنشاء التشكيلي - Installation) وقد اعتمدت حاطوم في أعمالها على الجسد الإنساني واستخدامه كوسيلة للتعبير عن أحاسيسها بالغربة وقسوة المنفى في أكثر من عمل فقدمت عرضاً أسمته «قياسات المسافة – Measure of distance) وقد تمّ تصوير العرض الذي يسمى «قياسات المسافة» على شريط فيديو قامت حاطوم بإخراجه، ويحتوى الشريط الذي لا يتجاوز خمس عشرة دقيقة على صوره نصفية التقطتها حاطوم لوالدتها في بيتها في بيروت حيث يتوارى جسد الأم خلف أسطر مخطوطة من صفحات رسالة كتبتها الأم لابنتها أثناء وجودها في لندن فيما يدور حوار للأم والابنة حول الوقائع اليومية عن الحرب في لبنان، وذكرت الأيام الصعبة في بيروت، ويتخلل هذا الحوار صوت رذاذ الماء المتساقط على جسد الأم بينما تصارح الأم ابنتها معتذرة بسبب إحساسها المكبوت بالغربة التي شردتها بين ليلة وضحاها بعيداً عن أرض الوطن.