ستبقى العُلا في ذاكرة أمانة مجلس التعاون كيوم ولادة المجلس.. ففي العُلا عادت الحياة لهذه المنظمة الإقليمية التي ظلت صامدة أكثر من 40 عاماً، وأحبطت مخططات كثيرة لخلخلة كيان المجلس، بل إن هناك من أقام الأفراح مبكراً مبشراً بانهيار هذا التجمع.. وأول من أطاح مجلس التعاون بأمنياتهم وأمانيهم دول قريبة من الخليج نفسه.. وقد رأينا تعدد الوجوه بين يوم وليلة، فمن كانت تغريداته تحرّض وتدفع باتجاه التباعد، رأيناه ينقلب على وجهه عندما صدمه مشهد العناق الكبير بين سمو أمير دولة قطر وسمو ولي العهد عند سلم الطائرة.. وأطاحت كلمات ترحيب سمو ولي العهد بكل خططه ومخططاته لزرع الفرقة والعداوة بين إخوة الخليج.. وإن كانت هذه الدول ظاهرة العداء للخليج وأهله، فإن هناك من يلتقي معهم في أمنيات الفرقة والتوتر لدول مجلس التعاون ويتظاهر بالأخوة وفي قلبه أمراض الحسد والشر والكيد لمن فاقوه في تنمية بلدانهم وفي تحقيق رفاهية شعوبهم وأمنها واستقرارها.. والسبب ببساطة أنه رهن بلده وتحالف مع من عداؤه سافر وكرهه ظاهر لكل عربي.. أما المملكة العربية السعودية فكانت وستظل بيت العرب الكبير، وصدر العرب الرحب.. تجمع ولا تفرق، تُصلِح ولا تحرّض، تتناسى ولا تنسى، وتتعالى على سفاهات الصغار وحسد الحاسدين في سبيل هدف أسمى ومهمات كبرى، وتركت الصغائر للصغار.. لقد كان أهل الخليج على موعد في العُلا مع التاريخ عندما أُعلِن عن فتح صفحة جديدة في العلاقات الخليجية مع الشقيقة قطر.. ومنذ بروز المشكلة لم توصد المملكة الباب أمام أي جهد يعيد المياه إلى مجاريها، وظلت تتجاوب مع كل مسعى وتمنح الفرص لكل الجهود لعلها تصل إلى نقاط اتفاق ومحطات توافق بين الأطراف.. إن الأمل كبير في أن تعود الشقيقة دولة قطر إلى بيتها الخليجي وأن تكون عوناً لباقي دول مجلس التعاون، وسداً يحول دون تدخل الأعداء، وتآمر المتآمرين، وتحبط مساعي شريرة لم تتوقف في تذكية خلافات دول مجلس التعاون وتأجيجها.. كما أن الأمل كبير أن يعود الوئام كاملاً بين كل دول مجلس التعاون وأن تمنع كل دوله دون استثناء أي أعمال أو أفعال تمس الدول الأخرى، أو تؤثر على أمنها واستقرارها، وعدم منح الأعداء فرصاً للنيل من هذه المنطقة، ومن استقرارها وسلامها ووئامها.. إن ما يجمع الشقيقة دولة قطر بأخواتها دول مجلس التعاون الأخرى أكثر بكثير مما يجمعها بدول بعيدة عن هذه المنطقة لا يجمعها مع النسيج الخليجي أي شيء سوى رغبتها في زرع الفتن والتباعد بين دول الخليج.. إن الأمل والرجاء أن تتواصل الإرادة العليا، وأن يتواصل حسن النيات ويتم طي صفحة الماضي بصدق وشفافية بين الشقيقة قطر وكل الدول الأربع، وهو في الصالح النهائي خير لكل شعوب المنطقة وللشقيقة الكبرى مصر العروبة، مصر التاريخ والحضارة، مصر السند والعضد لأخواتها دول مجلس التعاون كما هم كانوا ومازالوا سنداً لها.