إن القضاء السعودي بأدواته ومنطلقاته يمثل أنموذجًا يحتذى في العدل والمساواة، وليس ذلك كثيرًا على دولة تطبق الشرع المطهَّر، وتمثِّل منطلق الرسالة، وتعتبر أحد أقوى اقتصادات العالم وأكثرها نموًا واستقرارًا.. يتميز القضاء في المملكة العربية السعودية بالعدالة المطلقة، والاستقلالية التامة، التي قرَّرهما النظام الأساسي للحكم مستمدًا ذلك من الشريعة الإسلامية التي شرعت العدل مبدأً أساسًا، ومقصدًا عامًا. ولتحقيق هذه العدالة والاستقلالية، فقد توافر للقضاء السعودي ضمانات مؤسَّسِيَّة، وضمانات موضوعية، وضمانات إجرائية. وتتمثَّل الضمانات المؤسَّسِيَّة في تراتيب نظام القضاء، ابتداء من المجلس الأعلى للقضاء الذي يؤلف من رئيس يسمى بأمر ملكي، وعشرة أعضاء، وارتباط المجلس بالملك يكفل استقلاله التام عن تأثير أي جهة رسمية أو سلطة عامة، وكذلك الحال في تعيين القضاة وترقيتهم وعزلهم التي لا تتم إلا بأمر ملكي بناء على قرار من المجلس الأعلى للقضاء. وفي سياق حرص المنظِّم السعودي على استقلالية القاضي وبعده عن أي مؤثرات فقد نَصَّ على أنه لا يجوز الجمع بين وظيفة القضاء ومزاولة التجارة، أو أي وظيفة أو عمل لا يتفق مع استقلال القضاء وكرامته، ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء أن يقرر منع القاضي من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع واجبات الوظيفة ومع حسن أدائها. وتأتي المحكمة العليا في أعلى الهرم القضائي بالنسبة للنظر الموضوعي، حيث تتولى مراقبة سلامة تطبيق الأحكام القضائية، وتتولى كذلك تقرير مبادئ عامة في المسائل المتعلقة بالقضاء، ورئيسها وأعضاؤها يعينون بأمر ملكي. وتعتبر درجات التقاضي الثلاث: (محاكم الدرجة الأولى، ومحاكم الاستئناف، والمحكمة العليا) وفق اختصاصات كل درجة من أهم الركائز في الضمانات المؤسَّسِيَّة لتحقيق العدالة. وفي جانب الضمانات الموضوعية، والضمانات الإجرائية، فقد بين المنظِّم السعودي استناد أحكامه القضائية إلى الشريعة الإسلامية والأنظمة التي يصدرها ولي الأمر. وكل القوانين والأنظمة في العالم أجمع لا تخرج عن نوعين: النوع الأول: قوانين الأحكام، وهي: "التي تثبت لكل قول أو فعل حكمه" والنوع الآخر: قوانين المراسم، وهي التي تبين الطرائق التي يجب سلوكها للوصول إلى الحق. وبعضهم يطلق على النوع الأول: قواعد موضوعية باعتبارها تحدد الحقوق والواجبات، ويطلق على النوع الآخر: قواعد إجرائية؛ كونها تبين الإجراءات التي يجب اتباعها لاكتساب الحق أو ممارسته. وقد صدرت في المملكة عشرات الأنظمة الموضوعية والإجرائية التي تحفظ الحقوق، وتبين الالتزامات، وتنظم جوانب متعددة من الحياة. على سبيل المثال يوجد في الأنظمة التجارية: نظام الشركات، ونظام الأوراق التجارية، ونظام السجل التجاري، ونظام الوكالات التجارية، ونظام الشركات المهنية، ونظام الدفاتر التجارية، ونظام الإفلاس، ونظام الأسماء التجارية.. الخ، وفي الأنظمة الإعلامية يوجد عدد من الأنظمة، وكذلك ما يتعلق بأنظمة الأحوال المدنية، وهكذا أنظمة الأمن والأنظمة الجنائية كنظام مكافحة الرشوة ونظام جرائم الإرهاب وتمويله، ونظام مكافحة المخدرات، ونظام مكافحة غسيل الأموال. ولك أن تتحدث عن مجالات متنوعة من الأنظمة كالأنظمة البلدية والخدمة المدنية، والعمل والتأمينات الاجتماعية، وأنظمة المال والرقابة العامة وغير ذلك، فكل تلك الأنظمة تنظِّم حياة المجتمع السعودي، وتبين الحقوق والواجبات، وتؤسس لحياة مدنية مستقرة تتمتع بالسلم الأهلي، واللحمة الوطنية، وتضع أمام القاضي في دائرته القضائية مجموعة متكاملة من النصوص التشريعية والتنظيمية ليحكم على وفقها، وفي طليعة ذلك نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المحاماة. ويحظى القضاء في المملكة بالرعاية والاهتمام والتطوير المستمر، وحقّق بفضل الله ثم بدعم ولاة الأمر وبجهود المخلصين من القضاة وأعوانهم أعلى مبادئ وحقوق العدالة، وسلامة الأحكام القضائية والتسبيب لها، إضافة إلى شفافية التقاضي، وتوافر الضمانات القضائية، وسرعة تنفيذ الأحكام. إن القضاء السعودي بأدواته ومنطلقاته يمثل أنموذجاً يحتذى في العدل والمساواة، وليس ذلك كثيراً على دولة تطبق الشرع المطهَّر، وتمثِّل منطلق الرسالة، وتعتبر أحد أقوى اقتصادات العالم وأكثرها نموًا واستقرارًا. فهذا هو قضاؤنا في المملكة العربية السعودية له مؤسسته وقضاؤه المستقل، وله طاقاته البشرية ذات الكفاية العالية، وله تاريخه الممتدُّ في تحقيق العدالة؛ التي تتحدث عنها أحكامه ونصوصه، والتي لم تفرِّق ما بين صغير وكبير، ومسؤول وغيره، فالكل أمام القضاء سواسية. والذي أؤكد عليه أنَّ القضاء في وطننا بمنظومته كاملة يعبرِّ عن الكيان السعودي في جانبه القضائي الحقوقي، وهو بذلك يمثِّل مرتكزًا أساسًا في الهوية الوطنية، ولا يقبل أيُّ إنسان يدين بالولاء لوطنه، كما لا تقبل أيُّ دولة ذات سيادة، أن يُساء إلى نظامها القضائي؛ لأنَّ ذلك إساءة إلى سيادتها ومشروعيتها. ونحن السعوديين نشعر بالاشمئزاز حين يأتي شخص أو كيان لينقد أحكامنا القضائية، وهي أحكام مكفولة لها كل ضمانات العدالة الموضوعية والإجرائية، وأي تعليق من هذا القبيل يعتبر تدخلًا سافرًا في نظام العدالة لدينا، وهو إساءة لكل سعودي يرى في قضائه عِرْضَ دولته ووطنه.