تزامنت مئوية الصحافة السعودية مع مرور ثلاثة عقود على صدور مجلة الجوبة الثقافية.. التي تصدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالجوف. ومن اللافت أن مجلة الجوبة لتخاطب القارئ والمثقف العربي، لا تصدر من العاصمة الرياض، وفي ذلك دلالة على انتشار المراكز الثقافية بشتى مناطق المملكة، وتجاوز دورها المحلي، لتلعب دورا أكبر في خدمة الثقافة العربية. وللصحافة الثقافية السعودية ريادتها وحضورها في المشهد الثقافي العربي، وتأثيرها علي جمهور القراء، وجموع المثقفين والكتاب.. وهو حضور وتأثير ليس وليد اليوم.. بل هو حضور وتأثير تاريخي.. وكانت تلك الصحافة وعلى مر الزمان.. تستقطب كتابا كباراً مثل الراحل عباس العقاد وغيره من رموز الأدب العربي، ولعل أرشيف مجلة القافلة خير شاهد علي ذلك. وإذا كنا نتحدث عن مجلة القافلة، فلا ننسى الدور الثقافي الكبري الذي قامت به مجلات ثقافية سعودية رائدة، مثل المجلة العربية والفيصل والمنهل وغير ذلك من مجلات وملاحق ثقافية تتفرد بها الصحافة اليومية السعودية. ولازلت أتذكر حين كنا قبل عقود مضت نذهب لبائع الصحف فى مدينتي الأقصر - أحد المدن الأثرية الشهيرة فى صعيد مصر - مرة واثنين وثلاث، للسؤال عن المجلات الثقافية السعودية التى تربينا عليها، وعرفنا منها بجانب مجلات ومصرية وعربية أخرى عريقة، مثل الهلال والعربي، معنى أن تقرأ.. ولازلت أتذكر جيدا ذلك الخط الرشيق الذي كان يشد أنظارنا ونحن نقرأ مجلة المنهل. وكانت المجلات الثقافية السعودية مثل المجلة العربية والفيصل والمنهل، وأيضا الحرس الوطني وما كانت تضمه بين دفيتها من موضوعات ثقافية، وكذلك الصحف مثل الشرق الأوسط والحياة والمسلمون وغير ذلك من الدوريات السعودية، التي توقف بعضها فيما صمدت أكثريتها في وجه كل الظروف حتى اليوم. وأتذكر أن أول مكافأة مالية احصل عليها مقابل نشر مقال، كان من المجلة العربية السعودية، إبان رئاسة الكاتب الكبير حمد القاضى لهيئة تحريرها. كما أننى لا أنسى أن أول دراسة أدبية نشرت لي، كانت على مساحة صفحة كاملة بجريدة اليوم، وذلك ربما قبل قرابة ربع قرن.. وكانت تتناول رصدا لصورة الوطن فى كتابات أديبات المملكة، وذلك من خلال نصوص توفرت لي عبر متابعتي للصحافة السعودية، التي تعد صحافة رائدة بحق. ولا زلت انا وغيري من المهتمين بالشأن الثقافي في مصر والعالم العربي، نحرص على متابعة الكثير من المطبوعات السعودية، مستفيدين من الثورة التنكولوجية، وتوفر نسخ الصحف والمجلات على المواقع الإلكترونية بشكل منتظم، حيث أقرا وباستمرار المجلة العربية ومجلة اليمامة، والجزيرة الثقافية، وأبدأ يومي كل صباح بتصفح جريدة الشرق الأوسط، ثم قراءة الصفحات الثقافية في شتى الصحف السعودية. ونعود للحديث عما أوردناه بعنوان ذلك المقال، وهو «الصحافة الثقافية السعودية.. ورسالتها تجاه الكاتب والقارىء العربي». وألفت النظر هنا إلى أن الصحافة الثقافية السعودية، كانت وما تزال ذات تاثير وحضور كبير لدي القارىء العربى، بل واستطيع القول بأن ذلك التأثير يمتد ايضا إلى الكتاب العرب من المهتمين بشئون الثقافة والإبداع. وقد كانت المملكة العربية السعودية، ولا تزال، تقدم الدعم للمجلات الثقافية مثل المجلة العربية والفيصل، والجوبة، وغيرها من المجلات عبر مؤسسات الدولة، أو من خلال مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالثقافة، الأمر الذى يجعل هذه المجلات متوفرة للقارىء العربي بسعر بسيط يشجع على اقتنائها، وبالتالي فهو يشجع على القراءة، ويشجع القراء العرب على تلقي وجبة ثقافية جيدة وبشكل منتظم ودون توقف، مقابل ثمن زهيد. وإذا تصفحت مجلات ثقافية سعودية مثل المجلة العربية والفيصل والجوبة ومجلة اليمامة الأسبوعية، ستجد كتابا من مصر وسوريا وتونس والسودان وغير ذلك من البلدان العربية، بل وكتاب من خارج الوطن العربي، مثل الهند وإفريقيا.. جميعهم يسعون للكتابة في المجلات الثقافية السعودية، لكونها تحقق لهم الانتشار، وتمنحهم مزيدا من الألق والتألق، ولأن تلك المجلات صارت في عداد المجلات الثقافية العربية العريقة. ويمكنني من خلال تجربتي الشخصية وتجربة كتاب كثيرين تجمعني بهم علاقات صداقة وتواصل وحوار دائم فيما يخص الشأن الثقافي العربي، فإنني أستطيع أن أؤكد على الصحافة السعودية بوجه عام، والصحافة الثقافية السعودية، بوجه خاص، كانت منذ نشأتها وحتى اليوم صاحبة تأثير كبير وإيجابي على القارىء العربي، وفي الكاتب العربي أيضا. * كاتب مصري العدد 500 من المجلة العربية العدد الأول من القافلة العدد الأول من المجلة العربية العدد الأول من مجلة الفيصل العدد الأول من الجوبة اليمامة