في أحد اجتماعاتنا العائلية وكعادتنا كل يوم جمعة بعد أداء الصلاة، إذ بإحدى نسائنا الكبيرات تقبل علينا ومن كان جالساً في صدر المجلس يقف ليجلسها مكانه بكل حفاوة وترحيب، أخذت أراقب هذا المشهد وكيف أننا نمارس البروتوكول في حياتنا اليومية كأحد صور الاحترام والتقدير في تقديرنا للأسبقية في الجلوس وتسلسل الجالسين. فلو راقب أحد منا مجلسه يجد أن من يتصدر المجلس هو كبير العائلة أو ضيفها وبالتسلسل حسب الأكبر إلى الأصغر كما أن للمرأة مكانة عظيمة بيننا فطرنا الإسلام عليها. نعم هذا هو بروتوكول العرب ويجب اتباعه واحترامه، حيث إن البروتوكول هو نظام سلوكي يتم تنفيذه بشكل متفق عليه يراعي أبجديات الذوق والاحترام في كل ممارسات الحياة ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالثقافة وأدبيات المجتمع. ولا يوجد إتيكيت بدون إجراء بروتوكولي، فكلاهما مكمل للآخر. ولهذه الفنون أصول تاريخية في الثقافات العربية فقد عُرف عند قدماء المصريين فمن يطّلع على تاريخهم وقصصهم القديمة، يجد ذلك بارزاً في حياتهم سواء بين الأسر ذات الطبقة الحاكمة أو الأسر المتوسطة وقد كشفت ذلك الدراسات والنصوص والنقوش القديمة التي تؤكد معرفتهم واستخدامهم لآداب الاستقبال وبروتوكول الأسبقية. فالبروتوكول كالقانون الذي يوجب العمل به في جميع دول العالم وقد يتساءل البعض، متى يجوز لنا كسر هذه القوانين أو القواعد؟ وهل يمكن ذلك؟.. نعم يحق كسر هذه القواعد في ثلاثة مواضع إذا تعارضت مع الدين والعادات والتقاليد والصحة، كما يحترم البروتوكول المرأة عند المصافحة فهي من تبدأ أولاً حيث يراعي ذلك المرأة المسلمة أو العربية التي لا ترغب بمصافحة الرجال وفي وقتنا الحاضر أقوى كسر بروتوكولي للصحة هو أزمة كورونا حيث كسرت قوانين وزارة الصحة في جميع دول العالم المصافحة وبروتوكولات الاستقبال والضيافة وأحلت مكانها التباعد ومنع المشروبات في بعض المواضع. فالبروتوكول عالم مليء بالذوقيات والأدبيات وخليط من الثقافات المتجانسة بدءا من الاستقبال والسلام وحضور المآدب وتقديم الهدايا وترتيب الصور للأسر المالكة والأعلام للدول وحتى التوديع وتبادل الخطابات والمهاتفات. ولا ينطبق البروتوكول في الرسميات فحسب بل بدأت صوره تتشكل منذ القدم في حياتنا اليومية كذوقيات الاتصال سواء عبر الهاتف أو من خلال الرسائل الهاتفية والزيارات أو تبادل الهدايا وإكرام الضيف واحترام الكبير وتقدير المرأة. ويعود ذلك إلى الأصالة التي يتوارثها الأجيال في التربية الأسرية ومن خلال احتكاكهم بالمجتمع التعليمي أو الوظيفي في مختلف مراحل الحياة.. وختاماً حينما نقول: لماذا نطبق البروتوكول؟ فإننا نستطيع القول باختصار إن البروتوكول هو الاحترام بأدق تفاصيله.