تعد نظرية الأجناس الأدبية من النظريات النقدية الحديثة التي انبعث الاهتمام بها مؤخراً في الأعمال الأدبية، ويظهر أنها من النظريات التي لم يتفطن لها نقادنا القدماء، ولم يغوصوا في سبر أغوارها وأسرارها، ويحسب للنقاد الغربيين المعاصرين عكوفهم ووقوفهم عندها؛ ف(ميخائيل باختين) في كتابه (الخطاب الروائي) لفت الانتباه إلى تداخل الأجناس الأدبية في الرواية، ونعتها بالأجناس المتخللّة، وتحدث (تودوروف) عن أصولها وعلاقاتها، وذلك في دراسته التي وسمها ب(الأنواع الأدبية)، وتُرجم له كتاب بعنوان (نظرية الأجناس الأدبية)، وأشارت (جوليا كريستيفا) في كتابها (علم النص) إلى النص المغلق، والتداخل النصي، وتوقف (جيرار جينيت) في كتابه (مدخل لجامع النص) عند تداخل الأجناس الأدبية, وأطلق عليها: جامع النص. ولم تنشأ بواعث الاهتمام بهذه النظرية عند نقاد محدودين فحسب؛ بل اهتم نقادٌ غربيون كثير بهذه النظرية، نذكر منهم مثلاً: (كارل فييتور - روبرت شولس - جان ماري شافر - وولف ديتر ستمبل - هانس روبرت ياوس)، وقد قام النادي الأدبي الثقافي بجدة عام 1994م بطباعة كتاب بعنوان (نظرية الأجناس الأدبية) ضم أعمال هؤلاء النقاد في هذا المجال, إلى أن تتابع الاهتمام بهذه النظرية، وكثر التأليف حولها، فجدّت كتب كثيرة تخوض فيها كا (الأجناس الأدبية) لإيف ستالوني، وغيره من الكتب ذات الاختصاص. ثم جاء النقاد العرب المعاصرون فاهتموا بهذه النظرية, وكان من أوائل ما كُتب في ذلك مقالٌ بعنوان: (مقدمة في نظرية الأجناس الأدبية) لخلدون الشمعة عام 1976م، وفي عام 1418ه/1997م خصّصت مجلة قوافل الصادرة عن نادي الرياض الأدبي ملفاً ل(تداخل الأجناس الأدبية)؛ ليسهم نادي الرياض الأدبي في التأسيس النقدي التطبيقي لهذه النظرية عند العرب، كما أسهم النادي الأدبي الثقافي بجدة في التأطير لهذه النظرية عند الغربيين. ثم تتابعت الأعمال النقدية العربية بعد ذلك، فظهر في عام 2001م كتاب (نظرية الأجناس الأدبية في التراث النثري) لعبد العزيز شبيل، ثم (من الإنشائية إلى الدراسة الأجناسية) لأحمد الجوة عام 2007م, ثم (الأجناس الأدبية من الضبط إلى العبور) عام 2008م للأمين بن مبروك، ثم (التفاعل في الأجناس الأدبية) عام 2008م، لبسمة عروس, ثم نظّم قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة اليرموك الأردنية مؤتمر النقد الدولي الثاني عشر عام 2009م بعنوان (تداخل الأنواع الأدبية) وضمّ تسعين بحثًا، ثم (الأجناس الأدبية المعاصرة في ضوء الشعريات المقارنة، قراءة مونتاجية) لعز الدين المناصرة، عام2010م، ثم (تداخل الأنواع الأدبية وشعرية النوع الهجين) لعبدالناصر هلال، عام 2012م. ويعد كتاب (جذور نظرية الأجناس الأدبية في النقد العرب القديم) لفاضل عبود التميمي عام 2014م، وكتاب (التداخل الأجناسي في الأدب العربي المعاصر) لمحمد آيت ميهوب عام 2019م، وكتاب (الأدب العربي، دراسة في ضوء نظرية الأجناس، لمحمد كريم الكواز الصادر في هذا العام 2020م من آخر ما أنجز في هذا الباب تأصيلاً وتنظيراً، هذا إذا ضربنا صفحاً عن الدراسات النقدية الأخرى التي تطبق على الأعمال الأدبية وفق معيار أجناسي عام أو تطبيقي، ك(الأدب العربي الحديث، دراسة أجناسية)، و(شعرية الأجناس الأدبية في الأدب العربي، دراسة أجناسية لأدب نزار قباني) ونحوها.