(التلقي النقدي للقصة القصيرة جدا في المملكة العربية السعودية) هو الكتاب الصادر عن النادي الأدبي بالرياض, وبالتعاون مع المركز العربي الثقافي للباحثة هدى محمد المطلق. بعكس ما يظهر من هذا العنوان الطويل – نسبيا – لهذا الكتاب الموجود بين أيدينا الآن, وما يوحي به مما يندرج تحت هذا المسمى من غزارة مادته وتفرعاتها الكثيرة, التي تجعل القارئ – للوهلة الأولى – وبمجرد وقوع نظره عليه يظن أنه سيتصفح كتابا ضخما, يتوافق مسماه مع محتواه, مما قد يكلفه المزيد من الوقت والجهد, وقد ما يصاحب ذلك من الملل الناتج عن استدراج القارئ نحو تفاصيل كثيرة, ربما لا يكون في حاجة اليها, غير أنه سيتفاجأ بعكس ما كان يظنه حين تقع عيناه على السطور الأولى من صفحاته, فلا يملك حينئذ الا أن يتابع بشغف ما خطته أنامل مؤلفته حول موضوعه القيم, متناسيا العنوان ليندمج مباشرة في مادته, مسترسلا بقراءته بأريحية تامة, وهو يتمثل بتلك المقولة المأثورة في تراثنا العربي" ما قل ودل". ويتناول هذا الكتاب القصة القصيرة جدا في مشهدنا السردي الحديث, وآخر تطوراتها, وكيف تعامل معها المتلقي/الناقد العربي؟ وما موقفه من النظر اليها كفن يعد من أحدث الفنون الأدبية الجديدة التي توصل اليها أدبنا العربي في العصر الحالي, وأكثرها تعقيدا في شكله ومضمونه, وما تفسيره لهذا النوع من التعبير المستحدث في خطابنا السردي ومعاييره على وجه التحديد؟ وتأتي عبارة "التلقي النقدي" هنا كجزء لا يتجزأ من عنوان الكتاب ومادته, ليكون المعني بها – بالمقام الأول – الناقد نفسه, وليس عامة المتلقين, أو سائر القراء! وقد تحدثت المؤلفة في "المبحث الأول" عن "مفهوم التلقي النقدي" لجنس (القصة القصيرة جدا) وجذوره التاريخية منذ ظهور بواكيره الأولى على ساحة الأدب العالمي بقولها:" أقصد بالتلقي النقدي هنا طريقة تقبل النقاد لجنس القصة القصيرة جدا , ومدى تفاوت آرائهم, واسهامهم في نضج هذا الابداع القصصي, اذ ان هذا الجنس لن يصل لدرجة النضج الا اذا ازداد غنى بالتلقي. ففي نهاية الستينيات الميلادية صاغ الناقد الألماني هانس روبرت ياوس مجموعة من المقترحات, ومن فرضيات العمل, عُدَّت فيما بعد حجر الأساس لنظرية جديدة في فهم الأدب وفي تفسيره والوقوف عند اشكالياته, وقد صاغها في محاضرة ألقاها بجامعة كونستانس, حيث كان يعمل أستاذا فيها, وهي بعنوان: لماذا يدرس تاريخ الأدب؟ بذلك أصبح ياوس رائدا مهما من رواد هذه النظرية, يليه تلميذه آيرز الذي أكمل ما بدأ به أستاذه, بإضافته مفاهيم جديدة لهذه النظرية. ان تبني المقارنين لكلمة (تلقي)حديث نسبيا, يعود ذلك الى نهاية السبعينيات, وكان مؤتمر الرابطة الدولية للأدب المقارن الذي عقد عام 1979م في انسبروك ,والذي أدخل بين موضوعات أعماله (جمالية التلقي) علامة مميزة في هذا المجال".