هكذا قالها وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان في كلمته بمناسبة ميزانية المملكة 2021 الخميس الماضي، إنه لم يكن أمام أوبك+ في أبريل الماضي، إلا خياران لا ثالث لهما إما حرية السوق أو إدارة سوق النفط العالمي. لذا قامت المملكة باختبار الخيار الأول لعدم توصلها إلى اتفاق مع روسيا بإعلان زيادة إنتاجها ما بين 12.3 و13 مليون برميل يومياً في أبريل الماضي، لتزلزل مكامن النفط في الأسواق العالمية وينخفض سعر غرب تكساس ب25 % إلى 31 دولاراً وبرنت ب23 % إلى 35.33 دولاراً. وفي 20 أبريل حدث اليوم الأسود، حيث انخفض سعر تكساس ب302 % إلى (-36.98) دولاراً وبرنت ب12 % إلى 17.36 دولاراً. ولكن وبعد تصريح روسيا وبعض المنتجين من خارجها بخفض الإنتاج توافقاً أو طوعاً، بدأت الأسعار تعود إلى الارتفاع. أما الخيار الثاني وهو إدارة سوق النفط العالمي بالتفاهم مع المنتجين في أوبك+ ومن خارجها من أجل تحديد الحصص الإنتاجية التي تدعم توازن السوق، عند أسعار تحفز المستثمرين ولا تضر بالمستهلكين. وذلك، في فترة تشهد أكبر أزمة عالمية لا تشبه الأزمة الآسيوية في 1997 ولا الأزمة المالية في 2008، حيث حدثت أزمة جائحة كورونا من دون سابق إنذار، فقتلت البشر وأغلقت الاقتصادات العالمية وعطلت أنشطتها، ومن أهمها قطاع النقل الجوي. لكن السعودية كانت لها بالمرصاد فوضعت الحلول الاستباقية لحماية أسواق النفط من الانهيار، فطلبت من أوبك+ لخفض الإنتاج وقف تدهور الأسعار مع انكماش الطلب العالمي على النفط، الذي انخفض ب29 مليون برميل يومياً في أبريل الأسود ليسجل أدنى مستوى له منذ 25 عاماً، ومن المتوقع أن ينخفض بأكثر من 9 ملايين إلى 90.3 مليون برميل يومياً في 2020 مقارنة ب100 مليون برميل يومياً كانت متوقعة للعام نفسه. وفي النهاية أفضى الخيار الأول إلى تبني الخيار الثاني بقيادة السعودية والعودة إلى الاتفاق، فكان تكتيكاً (Tactic) سعودياً ناجحاً حقق أهدافه وبكل المقاييس وبرهن على ريادة المملكة لأسواق النفط وعمق تأثيرها على استقرار أسواق النفط العالمية. وبهذا أظهرت السعودية قوتها الناعمة للمحافظة على استقرار أسواق النفط، حيث أدركت أوبك+ أن خيار حرية السوق لسلعة حيوية وناضبة ليس الخيار الأمثل، فتم الاتفاق على خفض الإنتاج ب 9.7 ملايين برميل يومياً من مايو إلى ديسمبر 2020. وأخيراً، تم تعديل خفض الإنتاج السابق إلى 7.2 ملايين برميل يومياً في يناير 2021، على أن يتم مراجعة أوضاع أسواق النفط العالمية شهرياً. ونتيجة لذلك بلغت نسبة الالتزام 99.5 % وهي الأكبر تاريخياً، واستمر سعر برنت في الارتفاع إلى 52.26 دولاراً وتكساس إلى 49.10 دولاراً حتى نهاية الأسبوع الماضي، وبذلك حققت السعودية نجاحاً كبيراً بضبط توازن السوق في خضم أصعب الأزمات.