كم منا يبحث عن السعادة ويقرأ عنها ويحاول التقرب منها أو العيش معها؟ هي مطلب الكل أن يعيش في سعادة. هل هي صعبة الحصول أو تحتاج اشتراطات لحدوثها؟ البعض يستبعدها تماماً والبعض يختلف في مفهومها أو المعنى الصحيح لها. بعض العلماء تحدثوا بأنها نسبية ووقتية، وأن الفرد يعيش بين العلو والانخفاض، والبعض تحدث عن الفرق بين السعادة وراحة البال وأنه لا توجد مفردة "سعادة" هكذا، بل هناك راحة بال حتى لو كانت هناك ظروف في حياة الفرد. الكل ربما يفتي في مفهوم السعادة، ولكل منا أيضاً وجهة نظر فيه، الجميل عندما نتعمق في المعاني ونتأمل هذا التنوع في المفهوم للمعنى أو المفهوم لعدة معانٍ مختلفة عن بعضها وكأنها تعطينا مساحة من الإحساس، والشعور، والحرية أيضاً في أخذ ما نريد ومتى كان مناسباً لنا؟ والأهم ليس فقط في المفردة المتجردة ك "سعادة" أو "راحة البال" بل هو العمق، هو ذلك الشعور الذي يجعلنا مرتاحين وسعيدين و"مبسوطين" من داخلنا من دون ربطها بشيء معين، مثال على ذلك: قد يعترينا ظرف ما نعيش معه التحدي أو محاولة التخلص منه وفي اللحظة نفسها نمتلك الشعور بالرضا، والشعور بالراحة في داخلنا أن الأمور كلها خير، وكلها بيد الله عز وجل، أليس هذا الشعور بحد ذاته نجاة لنا من الوقوع في سعادة مزيفة أو مشروطة أو مؤقتة؟ الشعور أن الله معنا، وأن كل ما يعترضنا في الحياة له حل و علاج، وأن علينا السعي والحركة وكل شيء سيأتي في الطريق، أليس ذلك يزودنا بالدافعية من داخلنا على القدرة في الإحساس بالطمأنينة والسكينة التي تبعدنا عن الجزع و الخوف؟ مفهوم السعادة نسبي وعميق غير الشكل الظاهر، لذا السعادة الحقيقية هي الشعور براحة البال الدائمة بكل الأوقات والظروف والتحديات، نعم تكون هناك أوقات يشعر فيها الفرد بالخوف أو القلق أو الضيق لكنه أيضاً لديه شعور مطمئن أن هذا سيزول وسيذهب، هذا ما يعطينا حالة من القبول والرضا ثم يجعلنا نصل لكلمة "سعادة حقيقية". الأشياء التي تضيف السعادة لقلوبنا كثيرة منها: التطوع، والتطوع المجرد من الاشتراطات ومن المقايضة و من المقابل هو عطاء غير مشروط نقدمه لكل من يحتاجه، دائماً نجد السعادة في العطاء، ألم نلاحظ بعد عطاء شيء ما نكرر كم أنا سعيد؟ كم أنا "مبسوط"؟ أحياناً هذا العطاء يكون كلمة في أذن أحدهم يحتاج أن يسمعها كدعم وتحفيز له، وأحياناً بمبلغ مالي ولو بسيط تزود أحداً محتاجاً به تشاهد بعدها كيف ارتسمت على ملامحه الابتسامة؟ وكأنك أعطيته الشيء الكثير، وأحياناً المشاركة في إحدى المؤسسات أو الدورات أو المشروعات الخيرية فتجد داخلك سعيداً جداً لأنك قدمت شيئاً ما لبلدك، ولمجتمعك، بحب، وبكرم، وبإحساس أنه واجب جميل. إذاً السعادة والعطاء والتطوع هي عمليات متبادلة بيننا وبين الآخر، وبيننا والمجتمع، وبيننا والعالم، تضيف البهجة لقلوبنا وقلوب الكل، الكل مستفيد وربما كل من يمارس العطاء والتطوع هو المستفيد بالدرجة الأولى، ألم نشعر بذلك في يوم ما؟ بل الكل شعر بهذه السعادة الغامرة من القلب. الشعور بالسعادة باب واسع نجده في حالة الرضا والقبول، نجده في حالة العطاء وحس المسؤولية، نجده في الثقة بالله عز وجل، نجده في النظرة المتفائلة المحبة، هنا تكون ثمار السعادة وراحة البال عميقة راسخة في تحديات الحياة.