أثناء تسوقي في أحد المراكز التجارية شد انتباهي طفلة صغيرة في السادسة من عمرها تحمل علبة جُبن وتسأل والدها بأي بلد مصنوعة؛ لأنها تحبها وتتمنى أن تكون غير فرنسية ضحك والدها وقال لها إنها ألمانية الصنع. فرحت كثيرا ووضعتها في عربة التسوق، وأخذت تقفز كالفراشة الجميلة، موقف دمعت له عيني من طفلة صغيرة ربما موقفها هذا أفضل بكثير من كلمات منمقة سطرت في العديد من المقالات والخطابات التي تدعو للكراهية والعنف أكثر من الهدف نفسه وهو أن نعبر عن استيائنا لهذا الهجوم الهمجي على نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - في تلك الرسوم المسيئة، لأن الموقف يحتاج فعل مثل فعل هذه الطفلة رد مؤثر بأسلوب يخلو من العنف والهمجية، لأن صاحب الحق أحيانا يفقد حقه بردة فعله تجاه المواقف. رُبَّ ضارة نافعة؛ وذلك لأن عند كل تطاوُل وهجوم، يَزداد إقبال الناس على الإسلام ونبي الإسلام؛ كي يتعرفوا عليهما أكثر، فيدخلوا في الإسلام، أيضا رفَض كثير من العُقلاء من غير المسلمين هذا الفعل الشائن، وتظاهروا مع المسلمين ضد هذا التطاول. في مجال عملي يوجد العديد من أصحاب الأديان الأخرى مثل المسيحية والهندوسية والبوذية، ولاحظت منهم الأسئلة الكثيرة بخصوص نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وبخصوص رسالته أكثر من ذي قبل وواجبنا في هذه المواقف أن نجيبهم ونوضح لهم بطريقة تحببهم في الدين وتجذبهم له. طفلتي أخبرتني لها صديقات من عدة دول على وسائل التواصل وقد سألنها عن الإسلام وعن "الرسول صلى الله عليه وسلم" ولماذا هذا التطاول عليه، فأجابتهن لأنه يحمل رسالة الدين الحق ولو كان غير ذلك لما التفت له أحد ولما فكر تشويه صورته أحد، أيضا ردها أبهرني مثل طفلة المركز التجاري. شي جميل جدا أن نربي أبناءنا على حب نبينا محمد والدفاع عنه وأن الدفاع الحقيقي عن رسول الله لا يكون إلا باتباع سنته والتخلق بأخلاقه، وبامتثال أمره واجتناب نهيه، والوقوف عند حدوده وحمل راية دعوته وأن نتجنب الدفاع عنه بالسباب والتحريق أو باللعن أو بالأذى أو بالشتم؛ فهذا مخالف للمنهج الذى ربانا عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إننا بحاجة إلى أن نعلم البشرية الأخلاق الكريمة لرسول الله؛ لأن كثيرًا منا نحن المسلمين نشكل حجر عثرة في طريق تعرف أولئك المسيئين على خلقه، فهم ينظرون إلى أحوالنا ويقرؤون أقوالنا فيجدون التناقض بين القول والفعل، لذلك من الضروري جدا تطابق أقوالنا وأفعالنا لأقوال وأفعال الرسول عليه الصلاة والسلام والحرص على موضوع إبراز محاسن الدين من أهم الموضوعات في دعوة المسلمين وغير المسلمين. يقول الإنجليزي (جون ويستر) الذي اهتدى إلى الإسلام: (يظهر أن الغرب المسيحي قد تآمر منذ الحروب الصليبية على التزام الصمت تجاه محاسن الإسلام وحاول تشويه مبادئه بطريقة متعمدة كلما تحدث عنها). في الختام أذكر قول فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى -: (فعلى جميع الأمة حكماء وعلماء وتجار وغيرهم أن يبلغوا عن الله - تعالى - وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - هذا الدين، وأن يشرحوه للناس بشتى اللغات الحية المستعملة بأساليب واضحة، وأن يشرحوا محاسن الإسلام وحكمه وفوائده وحقيقته حتى يعرفه أعداؤه، وحتى يعرفه الجاهلون فيه، وحتى يعرفه الراغبون فيه). د. نجوى الصاوي