في لعبة كرة القدم كان هنالك شاب أرجنتيني حمل الرقم 10 غيّر من مفاهيم خارطة كرة القدم وبقدمه اليسرى نثر سحره على كامل اللعبة ليصبح بعد ذلك أيقونة هذا القرن، في مسيرته الكروية إبهار يترك أثراً واسعاً في أي مكانٍ يتواجد به، كان لاعبا ومدربا يُعتبر على نطاق واسع أحد أعظم اللاعبين في التاريخ، وكان أحد الفائزين بالمناصفة بجائزة لاعب القرن العشرين من الفيفا، نجوميته الطاغية أبقته متصدرا لعناوين الصحف، وكان رجلا لا يخاف من إبداء رأيه بكل شيء، سياسيا كان أم رياضيا، فكان من بين اللاعبين الأكثر إثارة للجدل. دييجو أرماندو مارادونا، ولد 20 أكتوبر من العام 1960 في مدينة بوينس آيرس الأرجنتينية، كان من عائلة فقيرة وهو الابن الأول بعد 4 بنات، في الثالثة من سنّه تلقى مارادونا أول كرة قدم له كهدية وسرعان ما أصبح مهوساً بهذه الكرة التي جعلته الأفضل في التاريخ. ثم جاءت الخطوة التي جعلته يهتم بكرة القدم بشكل أكبر عندما تم تسجيله في نادي لوس سيبوليتاس وهو في سن العاشرة، وهو فريق شبابي تابع لنادي أرجنتينوس جونيورس، أحد أكبر النوادي في الأرجنتين، أظهر قدراته الاستثنائية في سن مبكر، حيث قاد مارادونا فريقه نحو 136 مباراة على التوالي بلا هزيمة، وبعد 4 سنوات من انضمامه تصعّد مارادونا إلى الفئة العمرية الأكبر، كان ظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لدرجة أنه تم تصعيده إلى الفريق الأول في أرجنتينوس جونيورز بعد عامين فقط من تصعيده للفئة الشبابية وكان متبقيا 10 أيام على بلوغه عامه 16. وقضى الساحر الأرجنتيني 5 مواسم مع فريق أرجنتينوس جونيورز، وخاض معه 166 مباراة ونجح في تسجيل 116 هدفاً، مما لفت انتباه بوكا جونيورز الذي تعاقد معه عام 1981. لم يقض مارادونا سوى موسم واحد فقط مع بوكا جونيورز، بعد أن انهالت عليه العروض من الأندية الأوروبية عقب كأس العالم 1982 الذي قدم به أداء رائعا، ونجح برشلونة في الحصول على خدماته بعد المونديال بصفقة بلغت 5 ملايين يورو، وكانت في ذلك الوقت رقماً قياسياً، وخاض مع الفريق 58 مباراة وأحرز 38 هدفاً. لم تكن تجربة الأرجنتيني طويلة في النادي الكاتلوني نظراً لبعض الخلافات مع المدرب وكثرة الإصابات وسلوكه خارج الملعب، في صيف 1984 وقّع مع فريق نابولي الإيطالي بمبلغ 7 ملايين يورو، وكانت هذه الصفقة هي الأنجح في تاريخ النادي على مر السنين والأفضل للساحر مارادونا من حيث الأرقام وتحقيق الإنجازات. قضى برفقتهم 7 سنوات خاض حينها 259 مباراة وأحرز منها 115 هدفاً وحقق بصحبتهم لقب الدوري الإيطالي مرتين بالإضافة إلى كأس إيطاليا. وبعد الفترة المميزة التي قضاها في النادي الإيطالي عاد إلى الدوري الإسباني عبر بوابة أشبيلية ولعب معهم موسما واحدا فقط ثم قرر العودة إلى الأرجنتين للعب مرة أخرى إلى ناديه السابق بوكا جونيورز، وكانت هي آخر محطاته الكروية بعد أن حدثت له بعض الأزمات الصحية. حقق مع منتخب بلاده كأس العالم عام 1986، وكان الظاهرة ماردونا علامة فارقة في هذا المونديال بعد أن قاد فريقة إلى اللقب، وفي هذا المونديال سجّل دييجو هدفه الشهير باليد في شباك المنتخب الإنجليزي، الهدف الأكثر شهرة في مسيرة النجم الكبير، بعد أن نجح في لعب الكرة بيده من أمام أسطورة الحراسة الإنجليزية بيتر شيلتون، ليعلن الحكم الدولي التونسي علي بن ناصر شرعيته. بعد مسيرته الكروية الحافلة بالإنجازات والإبهار قرر مارادونا أن يُقبل على تحدّ جديد وهو ممارسة مهنة التدريب، وفي عام 2008 عيّن ليدرب المنتخب الأرجنتيني، على الرغم من تباهي الأرجنتينيين بمجموعة اللاعبين الموهوبين التي يترأسها ليونيل ميسي، لم يوّفق معهم وتم إخراجهم من كأس العالم 2010 بسبب هزيمتهم 4 - 0 من قبل ألمانيا في الربع النهائي، ولم يتم تجديد عقد مارادونا حين ذاك. في حياته كان لم يهتم بصحته كثيراً ودائماً ما يذهب إلى الهاوية بتعاطيه الممنوعات، ودخل على إثرها المشفى عدة مرات لإجراء عمليات جراحية، قال عن نفسه: "كنت أؤمن بأني سأصبح موهوباً في المستقبل وأعرف أني سأكون ناجحاً ولكن لم أتوقع أن أكون مدمناً".. وأشار إلى أن الندم يلازمه كثيراً. كان مارادونا الأفضل والأبرز في تاريخ كرة القدم ويستحيل أن يأتي جيلاً لا يعرف هذا الظاهرة، كما أنه تحدّث عنه الكثير من المدربين واللاعبين، من جهته قال ديستيفانو نجم الأرجنتين ولاعب الريال سابقاً: "مارادونا أعاد اكتشاف كرة القدم، كرة القدم مع دييغو ليست مجرد لعبه إنها شيء آخر غريب يصعب فهمه"، وحين سئل ميشيل بلاتيني عن أفضل لاعب في التاريخ رد وقال: "لن أصف أحداً بأنه الأفضل وهناك عجوز اسمه ماردونا". في يوم 25 نوفمبر من عام 2020 ودعت الأرجنتين نجمها الأول وأسطورة كرة القدم الأولى، رحل تاركاً وراءه كنزاً عظيما من الذكريات الخالدة في كرة القدم وأقيمت له جنازة، وكانت هناك حشود غفيرة في وداعه.