«أوبك+».. موازنة عوامل التأثير ورفع مرونة السياسات الإنتاجية حددّ الاجتماع الوزاري 12 لأعضاء "أوبك+" مسار الأسواق النفطية في العام 2021م عبر تقديم المزيد من الدعم الذي يقضي بالحفاظ على وتيرة التعافي، واستمرار تحسّن مستويات الأسعار على الرغم من حدوث بعض التباطؤ في بعض الفترات، يأتي قرار "OPEC+" باستمرار تقييد 1,5 مليون برميل يومياً بخلاف ما تم إقراره سابقاً والسماح بإضافة 500 ألف برميل يومياً فقط مع التقييم المستمر لظروف السوق استجابةً لظروف السوق النفطية، فالقرار يعدّ حاجزاً قوياً لحماية مسار التعافي وامتصاص تأثير العوامل الموسمية، كذلك الامتداد الزمني لحالة التشكيك في ملف "كورونا"، ويأتي استمرار العمل بمستويات التقييد الحالية -باستثناء ال 500 ألف برميل يومياً– خلال الربع الأول المقبل ضماناً لاستمرار حالة التعافي السعري للنفط بعيداً عن توصيف هذا التعافي ومدى سرعته، فأداء عوامل الضغط يتّسم بالتقلّب المستمر مما يصعب تكهنات النطاقات السعرية التي يمكن الوصول إليها خلال الربع المقبل، بيدَ أن الأسواق في الوقت الراهن مهيأة تماماً لكسر حاجز ال 50 دولاراً وقد يدور خام الإشارة برنت حول نطاق ال 51 – 54 دولاراً لو استمرت عوامل الضغط بأدائها الحالي، إن التطورات الإيجابية في ملف لقاح "كورونا" خلال الربع الأول يعني تسارع الحركة التصاعدية لأسعار الخامات، ما يتيح التكهنات بوصول خام الإشارة برنت إلى نطاق 56 – 60 دولاراً. تؤكد مخرجات اجتماع "OPEC+" الأخير المرونة العالية في إدارة الأسواق النفطية الأمر الذي ينعكس على أداء الأسواق بالحفاظ على حركة التعافي ودعمها خلال 2021م، كما تعدّ إضافة 500 ألف برميل يومياً للأسواق اعتباراً من يناير المقبل الأقرب تأثيراً فيما لو تم الإبقاء على التقييد دون تغيير، ما يمكن قراءته من خلال قرار "OPEC+" قد يعني بقاء تماسك التعافي في أسعار النفط وإن كان بوتيرة غير سريعة، حالياً يمكن التأكيد على استمرار حالة الاتزان ما بين عوامل التأثير وميلها لصالح "الدعم" أي أن الأسعار الحالية للخام مرشّحة لكسر حاجز ال 50 دولاراً والصعود أكثر من ذلك، التوصيف الأقرب لمستقبل الأسواق هو استمرار التعافي وإن شابه بعض البطء، إلا أنها السمة الأغلب حيث يغلب الثبات على غالبية عوامل التأثير وعدم التقلب، الملف الوحيد المتبقي الذي قد يصنع تأثيراً في ميزان عوامل التأثير هو ملف "كورونا"، وغالب اتجاه التأثير المتاح أمامه قد يكون نحو الدعم، ما يعني المزيد من التعافي أمام الأسواق والانتقال نحو نطاقات سعرية جديدة فوق سقف ال 60 دولاراً، كما يعدّ القرار الأخير بالحفاظ على 1,5 مليون برميل يومياً مقيّدة بخلاف ما كان معدّاً مسبقاً بإضافة 2 مليون برميل يومياً للأسواق عامل طمأنة للمخاوف ما ينعكس إيجاباً على أداء الأسواق. رئاسة الاجتماع الوزاري جاء تأكيد الدول المشاركة في الاتفاق من داخل وخارج منظمة "OPEC" باستمرار سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في رئاسة الاجتماع الوزاري انعكاساً لنجاح الإدارة السعودية في تسيير أسواق النفط، والخروج بها من الأزمة الأخيرة بأقلّ أضرار ممكنة، الخبرة الإدارية الطويلة في الصناعة النفطية -تربو على ال 15 عاماً– التي يتمتّع بها سمو وزير الطاقة كانت فعّالة في التعاطي مع الأزمة، وإثبات الريادة السعودية في إدارة أزمات النفط ومعالجتها، هذا الدور اتضّح خلال الإجماع الدولي في أبريل الماضي لبحث حلول الأزمة النفطية لدى "الرياض" وكيفية الخروج منها، لذا فاستمرار رئاسة سموه للاجتماع الوزاري الخاص بالمنتجين الأعضاء "OPEC+" يؤكد مواصلة الأسواق مسارها ضمن نطاقات سعرية ذات جدوى لأطراف السوق (الصناعة – المستهلكين والمنتجين) وبالتالي استقرار الاقتصاد العالمي، الثقة التي اكتسبتها المملكة في أسواق النفط خوّلتها لأخذ الدور القيادي في إدارة أسواق الطاقة بفاعلية مطلقة تحقق العوائد المرجوّة لجميع الأطراف بالصناعة ككل، فاتّزان إدارة العوائد الاقتصادية وجدواها لأطراف السوق هو المطلب المرجوّ استمراره، النهج ذاته ما رسمه سمو وزير الطاقة منذ تسلمه حقيبة الوزارة، كما كان دوره واضحاً في تطوير فاعلية هذه الإدارة، وتوسيع مظلّتها لتشمل جميع منتجي الخام بالعالم على الرغم من تنوّع ثقافة المشارب الاقتصادية وأخذها بعيداً عن أسس التكوين لتلك المشارب، اتضح ذلك خلال الالتفاف الدولي مؤخراً حول المملكة لبحث ما يمكن من تدابير لمواجهة أزمة الأسواق النفطية، أبعاد هذا الدور يعدّ تأصيلاً للدور السعودي في رسم السياسات الدولية لأسواق الطاقة، وتعميقاً لفاعليته في الملفات الأخرى ذات الاهتمام الدولي المشترك، فتأصيل الحلول العادلة لكل الأطراف بأسواق الطاقة بحاجة إلى إدارة تحقق الغايات المأمولة بعيداً عن ترجيح المصالح الاقتصادية الذاتية، الأمر الذي تفرّدت به المملكة وما زالت إلى اليوم. أسعار النفط لم تكن أسعار النفط بحاجة إلى أكثر من إقرار دعم المنتجين الحلفاء في العام 2021م، لتبدأ أسعار الخامات في التوجّه نحو تشكيل حالة من التعافي قد تكون حالة التصاعد السعري قريبة فيها من ال 5 دولارات كما حدث في شهري (أكتوبر ونوفمبر) الماضيين، حيث صعد خام الإشارة برنت ل 49 دولاراً بنهاية تداولات الأسبوع الماضي في امتدادٍ سعري قد يعتلي بالتقادم سقف ال 50 دولاراً قبل نهاية العام الجاري، الملاحظ أن المراكز والبيوت الاستشارية لم تكن بمعزل عن مخاوف الأسواق، فقد استجابت لتلك المخاوف من خلال التوقعات المستقبلية التي غلبَ عليها التحفّظ خلال الربع المقبل من العام 2021م، حالياً تمتلك الأسعار حالة من الدعم تؤهلها لاعتلاء ال 50 دولاراً، وابتعاد حالة التذبذب السعري عن قاع ال 47 دولاراً، لذلك فإن أي تطورات مستقبلية في عوامل الضغط قد تنعكس في صورة سعرية تحدّ من حالة التصاعد السعري والتذبذب في نطاق قريب من ال 2 – 3 دولارات للبرميل على وجه التقريب نحو (51 – 48) دولاراً، وبخلاف ذلك حال تواتر الأنباء الإيجابية في نطاق سعري يجعل ال 50 دولاراً قاعاً لخام الإشارة برنت، التقلّب في مستجدات عوامل التأثير يصعب تنبؤات الأسعار المستقبلية إلا أنها قد تكون قريبة -حال ذلك– من تذبذب سعري لا يتجاوز 2 – 3 دولارات كما سبق، عليه فإن الأسواق النفطية في الوقت الراهن ضمن حالة من تماسك التعافي والاتجاه التصاعدي لأسعار الخامات، وبوجهٍ عام تزداد حالة الضبابية أمام التكهنات السعرية إن هي افتقدت قياس موازنة الأداء خلال الربع الواحد بين عوامل التأثير من خلال حساسية الاستجابة السعرية وفقاً للبيانات التاريخية لأسواق النفط، والمرجّح أن تغليب إحداها قد يكون كفيلاً بمخرجات غير قريبة من حالة المطابقة لما تعكسه الأسواق مستقبلاً في المدى القصير، وما يميّز الربع الأول المقبل للعام 2021م وجود مرونة تفاعلية لمنتجي الخام أعضاء "OPEC+" عبر التقييم المستمر لوضع السوق النفطية، أي أن هنالك فرضيات قائمة -حسب وضع السوق– بتعديل السياسة الإنتاجية، الأمر الذي يجعل تكهنات النطاقات السعرية غير مطلقة لكامل الربع أي قد تكون أكثر دقّة في قرب مطابقتها لواقع الأسواق. استمرار دعم «أوبك+» للأسواق في 2021م وخام برنت قريب من حاجز ال 50 دولاراً