جسدت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام قمة مجموعة العشرين، حكمة وعزيمة قائد، ووطناً طموحاً، وحملت مزيجاً من الرسائل التي تبعث على الأمل والتفاؤل والتضامن والتعاون، ودشنت مبادرات رائدة بآليات عمل واضحة لبلوغ الأهداف التي تكفل السلامة والتنمية للجميع. وقدمت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في ختام اجتماعات قمة العشرين الافتراضية، التي عقدت تحت رئاسته، بياناً عمليًّاً بما تَحقق من إنجاز رغم الصعوبات والتحديات الكبرى، وبعثت برسالة أمل وطمأنينة إلى العالم من على أرض مملكة الإنسانية، بأن القادم سيكون أفضل. وحققت الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين على مدار عام العديد من الإنجازات في ظل تحدٍّ غير مسبوق تعرَّض له العالم بسبب جائحة كورونا "كوفيد-19"، بعد أن أدارت بكفاءة عالية دفة العمل الجماعي لمواجهة تلك الأزمة، ودعم كل جهدٍ، من شأنه التخفيفُ من وطأة معاناة الإنسان في مختلف أنحاء العالم، وهو ما عكسته كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في ختام اجتماعات قمة العشرين الافتراضية. تعزيز التعاون وأبرزت كلمة الملك سلمان ضرورة تغليب روح التعاون في مواجهة التحديات الجسام التي واجهها العالم، حينما أكدت أن روح التعاون لطالما كانت حجر الأساس لنجاحات مجموعة العشرين، وشدد على الحاجة إلى تلك الروح أكثر من أي وقتٍ مضى لمواجهة تبعات الجائحة وبناء مستقبل مزدهر لشعوب العالم أجمع، واستدامة التعاون ليكون القاعدة الحاكمة للتفاعل بين الدول وألَّا يقتصر على الظروف الاستثنائية والتحديات الطارئة. حماية الأرواح وحول دعم إجراءات الحماية للفئات الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية الناجمة عن الجائحة، أَوْفَت القمة تحت رئاسة السعودية بكل الالتزامات والتعهدات الخاصة بالتعاون والتكاتف والارتقاء إلى مستوى التحديات الناجمة عن وباء كورونا، من أجل حماية الأرواح وسبل العيش والفئات الأكثر عرضة للخطر، فضلاً عن جهود المملكة في صياغة سياسة اقتصادية تهدف إلى تحقيق التعافي من آثار الجائحة في أسرع وقتٍ ممكنٍ، وبناء اقتصاد عالمي قوي ومستدام وشامل ومتوازن، وتفعيل الجهود الرامية إلى جعْل النظام التجاري العالمي صالحاً للجميع، وتهيئة الظروف لتحقيق التنمية المستدامة. مع التأكيد أيضاً على أن عمليات التعافي من جائحة كورونا يجب أن يُرافقها تهيئة الظروف التي تكفل إيجاد اقتصاد قوي وشامل ومتوازن ومستدام من خلال تمكين الإنسان والمحافظة على كوكب الأرض وتشكيل آفاق جديدة لاغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع. أمل وطمأنينة وبث خادم الحرمين الشريفين في كلمته رسالة أمل وطمأنينة إلى شعوب العالم، من خلال الإشارة إلى مخرجات القمة التي جاءت على قدر تطلعات العالم في تلك المرحلة الفارقة، إذ جسد البيان الختامي قدراً كبيراً من التضامن والتنسيق متعدد الأطراف، والتزاماً واضحاً من دول المجموعة بقيادة العالم نحو التعافي بعد جائحة كورونا، ودعم جميع الدول النامية والأقل نمواً في مواجهة كورونا، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأكثر تأثراً بالجائحة. وأبرز الملك سلمان المكانة الجيوسياسية للمملكة ودورها القيادي على الساحتين الإقليمية والدولية، مؤكداً أن تلك المكانة تجعل من المملكة حلقة وصْل بين الأسواق الناشئة والمتقدمة، مع استمرار المملكة في لعب دور رئيس في مجموعة العشرين لتحقيق التعاون العالمي وإيجاد الحلول لأكثر التحديات العالمية إلحاحاً. وأبرزت الكلمة أولوية الحفاظ على كوكب الأرض في السياسة السعودية، وينعكس ذلك في العديد من المؤشرات، منها ضرورة تبنِّي منهجيات مستدامة وواقعية ومجدية التكلفة لتحقيق الأهدافِ المناخيةِ الطَّمُوحة. مبادرة المملكة وجاءت مبادرة المملكة للاقتصاد الدائري للكربون لتشكل أساساً شاملاً لإدارة الانبعاثات بهدف تخفيف حدة آثار التحديات المناخية، لجعْل أنظمة الطاقة أنظف وأكثر استدامة، ولتعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة والوصول إليها. وعلى الصعيد الداخلي، فقد تجسدت تلك السياسات من خلال إطلاق المملكة لبرنامج وطني للاقتصاد الدائري للكربون، يهدف إلى ترسيخ وتسريع الجهود الحالية لتحقيق الاستدامة بأسلوب شامل، وهي خطوة تدفع باتجاه تحقيق أهداف التصدي للتغير المناخي. كما عملت المملكة على الكثير من المبادرات الرامية نَحْوَ الحفاظ على المناخ، وامتصاص الكربون من خلال الطبيعة، وهو ما دفعها للمناداة بهدف طموح يتمثل في الحفاظ على مليار هكتار من الأراضي المتدهورة واستصلاحها وإدارتها على نَحْوٍ مستدام بحلول العام 2040. وتعتبر المملكة -بالإضافة إلى ما سبق- من أهم الدول التي وضعت أهدافاً واضحة للاستفادة من الطاقة المتجددة، حيث تخطط لأنْ تكون طاقة الرياح والطاقة الشمسية المُوَلِّد الأساسي ل50 % من الطاقة المستخدمة لإنتاج الكهرباء بحلول العام 2030. قدرات المملكة أظهرت رئاسة السعودية لمجموعة العشرين أيضاً ما تتحلى به المملكة من قدرات وما تملكه من أدوات ساهمت في صياغة أجندة عالمية طَمُوحة توازن بين التصدي لتبعات أزمة كورونا والتطلع إلى وضْع سياسات ومناقشة ملفات تتعلق بالمستقبل تتمثل في تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض، إذِ اسْتطاعت القيادة السعودية الرشيدة وجهودها المتواصلة على مدى العام، تأمين حلول عاجلة، وتحقيق توافق دولي حول فاعلية تلك الحلول بفضل الدبلوماسية البناءة التي تنتهجها المملكة، الأمر الذي ساهم في تجنيب العالم أضراراً كارثية بفعل جائحة كورونا. ووضع خادم الحرمين الشريفين، خلال فعاليات القمة، قاعدة حاكمة للتعاون في مواجهة التحديات والأزمات بعبارة بليغة ذات معنى عميق الأثر، ألا وهي "لن يَسْلَمَ البعضُ حتى يَسْلَمَ الجميعُ"، وذلك بعد أن أضحى الدور السعودي أيقونة أساسية لنجاح المسار التعاوني متعدد الأطراف.