نجحت الدولة السعودية في توحيد الكثير من أرجاء الجزيرة العربية في وحدة وطنية واحدة لم تشهد لها المنطقة مثيلاً من قبل. وكانت عاصمتها الدرعية. ونظراً لهذا النجاح العسكري وما صاحبه من نجاح سياسي وإصلاح ديني قادت جميعها نحو خلق بيئة من الأمن والاستقرار ومحاربة البدع والخرافات قررت الدولة العثمانية التي كانت ألد أعداء الدولة السعودية مهاجمتها. فكانت الحملات العثمانية التي انطلقت من ثلاث جهات العراق والشام ومصر. وقد شكلت أرض الدولة السعودية الأولى نطاقاً مكانياً للكثير من الملاحم التي تجلت فيها وطنيتهم وشجاعتهم في دفاعهم عن أرضهم وولاة أمرهم. فوقعت على أرض المدينة معركة وادي الصفراء (1226ه) التي هزم فيها السعوديون قوات طوسون باشا، وفيها ظهرت حنكة وشجاعة الأمير عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز في قيادة قواته إلى النصر. أما أرض تربة فكانت مسرحاً لمعركة تربة (1228ه) التي تجلت فيها وطنية وبسالة أهل المنطقة.. لاسيما أن المرأة السعودية كانت شريكاً في الدفاع عن الوطن كما فعلت غالية البقمية. فعلى الرغم من حصار تربة لعدة أيام ورميها المتواصل بالمدافع الضخمة قامت غالية البقمية بعد مرض زوجها بتحفيز المقاتلين وتذكيرهم بأهمية الدفاع عن تربة ووزعت عليهم الأسلحة وأدوات القتال. ونظراً لهذه البطولات صورت المصادر العثمانية غالية البقمية بأنها شخصية غير طبيعية تتعامل مع الجن ولها قدرات خاصة. وفي الطائف دافع السعوديون بقيادة عثمان المضايفي دفاع الأبطال ولكنهم هزموا العام (1228ه). وعلى ساحل البحر الأحمر وتحديداً في القنفذة نجح السعوديون وفي صور بطولية ملهمة في هزيمة القوات العثمانية العام (1329ه). وفي أرض القصيم كانت معركة الرس (1230ه) التي تجلت فيها شجاعة السعوديين وبطولاتهم وارتباطهم بأرضهم. وقد قادت هذه المقاومة غير القابلة للاختراق إلى موافقة طوسون على الصلح مع الإمام عبدالله بن سعود. وفي السنة نفسها (1230ه) استطاع السعوديون في عسير وتحت قيادة طامي بن شعيب إلحاق الكثير من الخسائر بالقوات العثمانية الغازية. وهكذا تتجلى لنا حقيقة واضحة وهي ثورة الوطن بكل مناطقه ضد القوات الغازية، ما يعكس عمق الانتماء الوطني، وشجاعة وبطولة هؤلاء القادة من رجال ونساء رحمهم الله.