تحفل بعض الأماكن بعبق التاريخ والحضارة والارث الانساني لكونها من عوامل التأثير والأهمية عندما تمتلك مقومات النجاح وتصدر إلى غيرها مصادر قوتها هذا الكلام ينطبق على المدينة الهامة في بلادنا ( تربة) التي تقع شرق مدينة الطائف وهي حاضرة لقبيلة البقوم من الازد من القرن الثالث الهجري، تعتمد تربة قديماً على انتاجها الزراعي والحيواني وخاصة التمور التي تمتاز بجودتها ويقال عنها ( تمور الوديان) وديان تربة الخرجة رنية بيشة جميع أودية هذه المدن تنحدر من جبال السروات شرقا، وتربة تقع على طرف جبل حضن المشهور الذي قيل فيه المثل العربي المشهور (من رأى حضناً فقد انجد) ويعنى في المصطلح الجغرافي ان شرق الطائف من نجد وتفسير ذلك بالمفهوم العلمي الذي سار عليه علماء البلدان العرب أن كلمة الحجاز هي فقط جبال السروات لأنها حاجز بين نجد وتهامة وتهامة هي السهل الذي بين البحر الأحمر والسروات ، هذه مصطلحات واضحة ولكن في ظل الجهل يصبح هناك مفاهيم خاطئة تضلل الناس ، المهم نعود إلى تربة التي شهدت حملات حربية ضدها في القرن الثاني عشر الهجري قادها جيش محمد علي حاكم مصر تحت راية الدولة العثمانية وهزمت هذه الجيوش الغازية على تربة في المرة الأولى على يدي المرأة (غالية البقمية) ابنة تربة بخطة حربية محكمة ولكن محمد علي جاء في المرة الثانية بحملة أكثر عدة وعتاداً يقود الجيوش بنفسه واستطاع دخول تربة في ظل عدم قيادة (غالية) جيوش الدفاع عن تربية وكان سقوط تربة مقدمة لزحف الجيش الغازي إلى عاصمة الدولة السعودية الأولى (الدرعية) معقل الدعوة السلفية عام 1233 ه وبذلك تمثل تربة بوابة الحجاز ونجد وهذا ما تم في فتح الحجاز من الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة عندما انتصر على جيش الشريف حسين بن علي في تربة مما مكنه من الاستيلاء على الطائف عام 1343ه ، وبعد ذلك كامل المناطق الحجازية وتوحيد البلاد بقيادة الموحد عبدالعزيز آل سعود بعد حسم معركة تربة وبذلك نستدل على أهمية تربة التاريخية والجغرافية والاقتصادية طيلة تاريخها الحافل بالانجازات وطيبة أهلها واخلاصهم لوطنهم وكان لنادي الطائف الأدبي مشاركة فاعلة من أجل هذه المدينة الهامة ضمن برامجه الثقافية للانتقال بنشاطه إلى المحافظات والمراكز القريبة منه ، وهذا ما تم في الشهر الفارط عندما انتقل النادي إلى محافظة تربة الواقعة على مسافة (150) كم عن الطائف بواسطة حافلة كبيرة تحمل أعضاء النادي وغيرهم من الجمهور المحب للأدب وتم من قبل منسق تربة د. عبده مورعي تنظيم برنامج ثقافي حافل لضيوف تربة حضره عدد كبير من المسؤولين والأهالي الذين اشادوا بنادي الطائف الأدبي على اهتمامه بهذه المحافظة وتنظيم حفل تحت عنوان تربة عبر التاريخ شارك فيه الأستاذ محمد بن ماجد البقمي ود. عطا أبو رية ومجموعة من المتداخلين وهم حماد السالمي ، د.صالح الثبيتي ، ناجي البقمي ، مناحي القثامي ، وغيرهم ، وتم التركيز على أهمية تربة وتاريخها وسكانها قديماً وحديثاً والتعريف بتراثها المتوارث ، هذه تربة مصدر من مصادر التكامل الحضاري لبلادنا ولاتزال تمثل الثراء الحضاري المتواصل ، وما نأمله أن يكون الاهتمام مستمراً لكل مدينة وحاضرة ترفد تاريخنا بالمعطى المعرفي مثل ما هي تربة ذات الحاضر والماضي عبر إرثها الحضاري وما اتمنى أن يحصل في تربة الان هو وضع حلول عاجلة لتنمية الزراعة واعادة مجد تربة السابق في هذا المجال وكذلك الاهتمام بحصون تربة التاريخية ومنها حصن البطلة بنت تربة (غالية البقمية) الذي يمثل مرحلة تاريخية لبلادنا وهذا ما نأمله من الهيئة العليا للسياحة والاثار ، والله الموفق إلى الخير.