دروس إعلامية كبيرة مستفادة من الانتخابات الأميركية، من ضمنها الإعلام الذي لا يمكن معاداته، حتى لو كنت بموقع القوة، فالإعلام باقٍ وثابت ومستمر والشخوص يتغيرون! ما حصل للرئيس «ترمب» مع قناة «CNN» أكبر مثال حيث العداء ما بين القناة وترمب، انعكس بصورة جلية على أحداث الانتخابات وتغطية القناة لها، بل حتى الانفراد بخبر فوز المرشح الديموقراطي «بايدن» بالرئاسة الأميركية، جاء لصالح القناة وتم تناقله إعلاميًا على مستوى عالٍ، مما جعلنا نستذكر المعارك الدامية التي كانت بين الطرفين الفترة الماضية ووصل الأمر لهجوم كبير من «ترمب» على القناة وعدم الترحيب بها. حتى قناة فوكس نيوز التي كانت موالية لترمب وتحظى بدعمه وإشادته، عندما وجدت أن الأمر لم يصبح في صالح «ترمب»، انقلبت عليه، ولم تعتمد على العلاقة القوية التي كانت بينهما، ففضلت القناة «المهنية» الإعلامية على حساب الانحياز والمصالح المؤقتة، الإعلام متغير في حساباته وثابت في تأثيره، لا يوجد تحالف إعلامي دائم، ولا عداء أو صداقات دائمة، فلم تسلم قناة فوكس نيوز الموالية لترمب خلال السنوات الماضية بوصف مسؤولي حملة «ترمب» مؤخرًا لها بزنها قناة «مقززة» كغضب منهم بعد أن أعلنت القناة كعمل إعلامي بحت وغير محايد فوز «جو بايدن» بولاية أريزونا. الكثير يعتبر أن موالاة قناة أو وسيلة إعلامية له يجب أن تكون دائمة، الجهل بمثل هذه الأمور كارثي، فحتى على مستوى الانتخابات الأميركية ظهر هذا الجهل، فقناة فوكس نيوز التي ساهمت بوصول «ترمب» 2016 للرئاسة، كانت القناة الثانية بعد «CNN» التي تعلن هزيمته وفوز منافسه «بايدن». من الدروس المهمة والتي من وجهة نظري أضرت بترمب، الظهور الكثير والمكثف وبصورة غير مقبولة يوميًا له أثناء المؤتمرات الخاصة بكورونا المستجد، هذا الظهور المتكرر أعطى رجل الشارع الأميركي العادي تصورًا أن تفشي الفايروس بأميركا، وعدم القدرة على إيجاد حلول له، ناتج عن إهمال للرئيس وطاقمه ومستشاريه، فرغم أن كورونا المستجد وباء عالمي، تضررت منه كل الدول، إلا أن تصدر «ترمب» للمشهد بشكل يومي انعكس عليه بصورة سلبية، ولم ينقذه نوعًا ما إلا مرحلة بسيطة من التعاطف عندما أصيب ب»فايروس كورونا» وترقب العالم حالته الصحية. الإعلام التلفزيوني في أميركا هو من قاد العملية الانتخابية محليًا وعالميًا، المشاهدات المليونية الكبيرة التي حققتها القنوات الفضائية الأميركية ومتابعات الصحف، أعطت وهجاً لها، لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي حاضرة، بمثل هذا الوهج والتميز، كما حدث مع انتخابات 2016، فمن الممكن أن ننجرف خلف وسائل الإعلام التي أطلق عليها الجديدة، ولكن بطبيعة الحال لا يستغني العالم عن الإعلام التقليدي المتمثل بالتلفزيون والصحف الرصينة.. بطبيعة الحال هذه الحقيقة.