ليس لأنه رائد في الشعر والأدب، وشهد بدايات بذر المعرفة وغرس الثقافة في أمكنة وأزمنة من النادر أن تجد فيها من يستطيع أن يفكّ مغاليق الحروف، ويكتشف دهشة المعنى، ولا غرو فقد كان زمن التسليم بالبداهات حتى وإن كانت مُغالِطة ومُضلّلة. كان سعد الحميدين مهووساً بالمعرفة وخصوصاً الثقافة وما يتفرع من شجرتها وقطوفها الدانية: الشعر - القصة - المقالة. كان سعد يقتطع من مصروفه الضئيل إن لم يخصصه كلّه لشراء الصحف والمجلات الدورية التي كان تصفّحها حينها ضرباً من الترف المريب، لكنه الشغف الذي كان ممسكاً بتلابيب وعيه لم يبرحه؛ بل كان الشعلة التي يوقد من خلالها انهمامه المعرفي وعشقه المرضي للثقافة. هذا العشق قد يستغرب البعض أنه ظلّ ملازماً له حتى اليوم برغم وخط الشيب ووعثاء السفر بين الحروف والصفحات والدواوين. هوس الكتب أو داء العباقرة أو مرض المثقفين (بالإنجليزية: Bibliomania) حيث يمتلئ المريض بالبهجة والسعادة لمجرد رؤيته الكتب ثم تتفاقم هذه السعادة في جمعه الكثير منها، إنه "الببلومانيا" أو هوس جمع الكتب تلك الحالة المتطرفة من حب الكتب التي تجعل سعد الحميدين مغموراً بالشعور الشره والدائم لامتلاك الكتب ولا يعقيه إزاء ذلك أي معيق؛ ومن يعرفه جيداً يوقن أن لديه من الكتب ذات النسخ والطبعات المتكررة الشيء الكثير، هو صديق الكتب والمكتبات بلا منازع؛ وهذا الأمر انعكس على تجدّد حرفه وفكره ومواكبته المرعبة للأحداث والإصدارات ما يجعل الشباب بحماسهم الكبير للمعرفة يتضاءل أمام مواكبته وعصرنته للكتابة الشعرية والمقالية. جوانب هذا الطود عديدة؛ كتب عنها الكثير سواء تجربته الشعرية وما أضمرته من دواوين مفارقة في تميزها وتفرّدها وحداثتها باعتباره رائداً من روادها؛ أو من حيث مساهمته في المشهد الثقافي عبر عقود من الزمن الإبداعي بين ردهات وأقسام صحيفة الرياض مديراً لتحرير ثقافتها أو مدبّجاً لقصائد وطنية ذات شعور وحس وطني جارف. قالوا عنه: يقول الأديب عزيز ضياء: "أحسست أن الأستاذ سعد الحميدين في ديوانه "رسوم على الحائط" قد فعلها حقاً.. وببراعة لا تتوافر إلا لأمثاله من الشباب الذي ألقى عن كاهله الكثير من الضغوط التي لا يزال يمارسها التراث على مسيرة الأدب، والشعر خاصة، في العالم العربي. فهذه الرسوم على الحائط، أو هذه القصائد التي قذف بها هذا الشاب في الساحة الأدبية عندنا، تصل في تمردها على ضغوط التراث إلى حد التحدي الذي لا تنقصه الجرأة والشجاعة بل والرغبة في النزال". ويقول عبدالله أبو هيف، في كتابه الحداثة في الشعر السعودي: "قصيدة سعد الحميدين نموذجا 2002، "إنه من النادر أن نجد دراسة أو مقالة أو بحثاً في الشعر السعودي خالية من إشارة أو تحليل موجز أو مطول لتجربة الحميدين الشعرية، هذه التجربة التي يعتبرها تجسيداً حياً وباهراً للاشتغال الشعري الحداثي في منطقة الخليج العربي، داعماً رأيه بالإشارة إلى أن هذا الشاعر يتقدم جمهرة ليست بقليلة العدد ممن عرفوا بتجريبهم اليقظ للحداثة الشعرية في أكثر من قطر خليجي". وقال عنه ميسون أبو بكر "إن في شعر الحميدين حداثة جادة أكدها صدور أول ديوان حداثي في المملكة كان هو صاحبه «رسوم على الحائط» في الستينات". مؤلفاته: وقد أصدر الحميدين أولى مجموعاته الشعرية، بعنوان: «رسوم على الحائط»، 1977، ثم أصدر ثاني دواوينه، "خيمة أنت والخيوط أنا" 1986، التي ترجمت إلى اللغة الإنجليزية، فيما صدر الديوان الثالث بعنوان: "ضحاها الذي"، 1990، أما رابع المجموعات الشعرية، فقد أصدره الحميدين 1994 بعنوان: "أيورق الندم؟!"، ليصدر خامس مجموعته الشعرية "وتنتحر النقوش أحياناً" 1991، فيما صدرت سادس مجموعات الحميدين الشعرية بعنوان "وللرماد.. نهاراته" في العام 2000، ليصدر في العام 2004 "الأعمال الشعرية الكاملة"، فيما صدر ثامن المجموعات بعنوان: غيوم يابسة" 2007، أما المجموعة الشعرية التاسعة فقد وسمها الحميدين بعنوان: "وعلى الماء بصمة" التي أصدرها في العام 2011، ثم عاشر المجموعات "سين بلا جواب" في 2014، وصولا إلى المجموعة الشعرية الحادية عشرة "عزف على الحروف"2019.