تعد مدينة الطيبات العالمية من أبرز المتاحف في المملكة العربية السعودية، وقد أسسها الشيخ عبدالرؤوف حسن خليل، قبل وفاته -رحمه الله-، وقام بتجهيزها على أكمل وجه لتصبح من أكبر المتاحف من حيث الكم الثقافي والفكري والتاريخي في المنطقة. وفي هذا الجانب يحدثنا المهندس خالد عبدالرؤوف خليل، عن بدايته مع هذا الصرح الثقافي وذلك في عام 1987، وبعد عودته من الدراسة خارج المملكة، حيث يتابع الحديث بقوله بدأت مع والدي في تجهيز المتحف وبنائه على مساحة عشر آلاف متر مربع، وكان الوالد يشرف على البناء ويهتم بأدق التفاصيل خاصةً فيما يتعلق بتصاميم الرواشين والقطع التراثية واستغرق منا البناء والتجهيز ما يقارب الخمسة عشر عاماً وبعد ذلك بدأنا بنقل المقتنيات التراثية التي كان والدي بدأ بجمعها منذ صغرة إلى المتحف وإدراكا للقيمة التي تمثلها تلك القطع فقد تمت الاستعانة بأشخاص من ذوي الخيرة والاختصاص بعلم الآثار لضمان دقة المعلومات التي توضع على القطع الأثرية والتراثية لكي يستفيد منها الزائر والدارس وبعد وفاة والدي رحمه الله وقبل 12 سنة واصلت مسيرته في الاهتمام بالمتحف وتزويده بما أجده من قطع أثرية وتراثية. وأحاول في الوقت الحاضر أن أطور فيه قدر المستطاع. ويضيف المهندس يوسف كيكي المشرف على المدينة بأن المتحف يتضمن 365 غرفة موزعة على 150 جناحا تقريباً والتي تحاكي المواقع التاريخية، وتوضح المعالم الأثرية في المملكة العربية السعودية ويتكون المتحف من أربعة طوابق تم تخصيص كل طابق ليجسد جانب مختلف فالطابق الأول "الأرضي" عبارة عن جناح عام ويحتوي على قاعات خاصة بالتعريف بالفنون التشكيلية والفنون السعودية والفنون العالمية إجمالا إضافة إلى قاعة القطع الأثرية. وفي جناح "رحلة الإسلام" والتي تتحدث عن مكةوالمدينة منذ الحقب التاريخية الأولى وعن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-. ويعتبر الطابق الثاني من الأدوار المهمة جداً وهو الجناح الإسلامي الذي يحتوي على قطع نادرة من كسوة الكعبة الشريفة. كما توجد قاعة خاصة بالمخطوطات التي تعد من أفخم وأعرق القاعات الموجودة نظراً لما تعرضه من مخطوطات نادرة وقيمة من قبل تنقيط المصحف الكريم ومخطوطا في مجالات الطب والعلوم المختلف. كما أن المتحف يخصص جناح منفرد للأسلحة التي خاضت فعلاً معارك حربية في العهود القديمة ويعد الجناح الإسلامي من أروع الأجنحة الموجودة في متاحف المملكة العربية السعودية لاحتوائه على كثير من القطع الأثرية القديمة وكذلك في الطابق الثاني في جناح المملكة العربية السعودية وحرصنا أن نقدم صورة كاملة عن جميع مناطق المملكة من تراثها وثقافاتها ومن المواقع الأثرية الموجودة بها والبيوت الخاصة بالمناطق الجنوبية والشمالية وبيئة الحياة الاجتماعية والتجارية والاقتصادية ويشرح تفاصيل كبيرة جداً عن المملكة قبل التوحيد إلى العصر الحالي كما يتم عرض العملات والطوابع في هذا الطابق، لذلك يعد جناحا زاخرا جدا ويعتبر من أهم الأجنحة في مدينة الطيبات. أما الطابق الرابع فهو خاص بعرض المنتوجات والصناعات الوطنية على اختلاف أنواعها من إنتاج المصانع السعودية وإنتاج شركة أرامكو، ويبلغ عدد المباني في مدينة الطيبات حوالي 12 مبنى منها مبنى خاصا بمدارس الفرقان لعلوم القرآن وهي متخصصة في تعليم القاعدة النورانية للقرآن الكريم ويتلقى العلم فيها ما يزيد على 1400 طالب وما يميز هذا المبنى هو التصميم المقتبس من مبنى مدارس الفلاح والتي كانت من أوائل المدارس بمدينة جدة التاريخية والتي كان لها الفضل بعد الله تعالى في تخريج معظم جيل الرواد في كافة المجالات وعدد من رجال الأعمال. كما أن المتحف يحتوي على مكتبة تتضمن ما يقارب الخمسة وعشرين ألف كتاب متخصصة في جميع العلوم القديمة والحديثة وبعض المجلات التاريخية. كما أن إدارة المجلس الثقافي تتولى مسؤولية تفعيل دور مدينة "الطيبات" من خلال الأنشطة الاحتفالية والأنشطة الثقافية التي تقيمها بشكل مستمر وعلى مدار العام والمشاركة في الاحتفالات الوطنية المختلفة وكذلك الترتيبات المتعلقة باستضافة بعض البرامج المؤتمرات الخاصة بالجهات الحكومية أو تلك التي تخص شركات ومؤسسات القطاع الأهلي أو استضافة حفلات عقد القران والأفراح الخاصة. وبذلك فإن مدينة الطيبات تعد مدينة شاملة تجمع خلف أسوارها القديم والحديث وتسهم بشكل فعال في التعريف بالتراث العالمي والتراث المحلي دون إغفال الجانب المعرفي والعلمي من الحضارة الإنسانية والتاريخ الحضاري لشبه الجزيرة العربية.