مناظرة ثانية وأخيرة جمعت بين المرشحّين للرئاسة الأميركية الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترمب ومرشح الحزب الديموقراطي جو بايدن، كانت بمثابة الفرصة الأخيرة لكلا المرشّحين لإقناع الناخبين المتأرجحين. وعكست المناظرة المزاج الشعبي الأميركي الغاضب من الصين ودورها التجاري العالمي وطريقة تعاملها مع فيروس كورونا (كوفيد- 19)، حيث تنافس كل من ترمب وبايدن على تقديم الوعود بإطلاق سياسات أكثر تشدداً تجاه الصين. واتّهم بايدن ترمب بأنه فشل في الحرب التجارية مع الصين التي انتهت بتسجيل الولاياتالمتحدة عجزاً كبيراً للجانب الأميركي في الميزان التجاري في عهد ترمب. أما ترمب فقال لبايدن إنه ورث سياسات سيئة ومهترئة من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وفعل كل ما بوسعه للتعامل معها بإيجابية. كما كشف ترمب عن أن أوباما وأثناء لقائه بترمب بعد انتخابات العام 2016 كان قد أخبر ترمب بأن خطر كوريا الشمالية هو أكبر تحدٍّ يواجه الولاياتالمتحدة بسبب امتلاك كوريا الشمالية قدرة نووية، موضحاً أنه تمكّن من خلال قدرته الجيدة على التفاوض والتفاهم مع كيم جونغ أون من تعطيل خطر كوريا الشمالية بينما كانت بيونغ يانغ قد أجرت عدة تجاربة صاروخية خطيرة في عهد أوباما. التحدي الأكبر ختم ترمب رسالته الانتخابية في يوم المناظرة بتذكير الأميركيين بأنهم لن يدفعوا المزيد من الضرائب إذا ما انتخبوه لدورة رئاسية أخرى بعكس المرشح الديموقراطي بايدن، فعلى الرغم من تدهور شعبية ترمب في بعض الأوساط الجمهورية بسبب تعامله مع كوفيد - 19 لا يزال الجمهوريون في الولاياتالمتحدة وفئة واسعة من الطبقة المتوسطة في أميركا لا ترغب بانتخاب رئيس ديموقراطي يجبرها على دفع ضرائب باهظة وهي نقطة قد تساعد ترمب على الفوز مرة أخرى. أما بايدن فشدد على تذكير الأميركيين بأنهم لا يصوتون فقط لانتخاب القادم، بل إنهم يحددون مصير أوضاعهم الصحية، حيث كرر بايدن تحذيره للأميركيين من عزم ترمب والجمهوريين إلغاء أوباما كير، ما قد يقود إلى خسارة ملايين الأميركيين لتأمينهم الصحي. وقال بايدن للناخبين: "أعتبر التأمين الصحي حقاً من حقوق الأميركيين وليس أمراً مرتبطاً بالرفاهية، ولا أريد لأي أميركي أن يقلق حين يكون مريضاً لأن المرض سيقوده إلى الإفلاس بسبب فواتير الطبابة الباهظة". من النقاط المهمة التي ذكرت أيضاً في المناظرة ولقيت اهتماماً كبيراً من الأميركيين في مواقع التواصل الاجتماعي هي الحديث عن الحد الأدنى للأجور في الولاياتالمتحدة والذي يعد جو بايدن برفعه إلى 14 دولاراً في كل الولايات كقانون فيدرالي ملزم، بينما يعارضه ترمب. كما ذكر بايدن في المناظرة موظفي "الاستجابة السريعة" أي عمال الإطفاء والطوارئ قائلاً: "هؤلاء الأبطال الذين نصفّق لهم حين يستجيبون بسرعة للاستغاثات وينقذون حياتنا لا يتقاضون في الكثير من الأحيان أكثر من سبعة دولارات في الساعة وهو أمر مخزٍ، فهذا المبلغ يعني أن هؤلاء الناس يعيشون على خط الفقر بمعايير تكلفة الحياة في أميركا. أما ترمب وكموقف مبدئي في الحزب الجمهوري فقال: إنه لم يرفع الحد الأدنى للأجور لأنه سيضر بأصحاب المشاريع الصغيرة وسيترك الأمر للولايات لتقرره. وحول ذلك قال جيسون كاندرا، السياسي الأميركي من الحزب الديموقراطي ل"الرياض": "الجمهوريون يقولون إن ترمب فاز في الانتخابات فقط لأنه كان متّزناً لأول مرة وهو أمر لا نتوقعه من ترمب ولكن هذا لا يعني أن ترمب سيقنع فئات جديدة بانتخابه فقط لأنه لم يتصرف كطفل مزعج وكثير الشكوى كالعادة". ويضيف، حقيقة قيام أكثر من 50 مليون أميركي بالتصويت في الانتخابات المبكرة وهو أمر غير مسبوق في أي انتخابات مضت تعكس عدم قدرة ترمب على تغيير آراء الكثير من الناخبين بعد المناظرة الثانية وإن كان قد أبلى فيها بلاء حسناً. ويعمل كاندرا مع عدد من الديموقراطيين على حشد جهود غير عادية من أعداد كبيرة من المتطوعين الديموقراطيين ومعارضي ترمب للاتصال بملايين الأميركيين الجمهوريين قبل يوم الانتخابات وإقناعهم بالتصويت لجو بايدن لأن الولاياتالمتحدة وأمنها القومي واقتصادها وسمعتها بين الدول في خطر إذا ما أعيد انتخاب ترمب مرة أخرى على حد وصفه. أما شبكة "CNN" المقربة من الديموقراطيين والتي لا تتوقف عن مهاجمة ترمب منذ وصوله إلى البيت الأبيض، فاعترفت ليلة المناظرة على لسان الإعلامي "كريس كومو" بأن الأميركيين يستحقون مرشّحين أفضل من "جو بايدن" و"دونالد ترمب" وأكثر حيوية وإلهاماً من الرجلين إلا أن كومو يقول أيضاً: إن التصويت لبايدن هو أمر مهم للدخول في مرحلة انتقالية تصلح أخطاء عهد ترمب، ويكفي أن يكون البديل ترمب للخروج والتصويت لجو بايدن. من ناحيتها، تحدّثت ميغان كيلي، الإعلامية الأميركية التي اشتهرت بخلافاتها مع ترمب في انتخابات العام 2016 علناً عن إعجابها بأداء ترمب في المناظرة الأخيرة مؤكدة أنه الفائز بلا منازع في المناظرة وأن بايدن كان يردد كلمات لم تصل إلى الناخب ولن تزيد من حماسة أحد لبايدن. وتساءلت ميغان كيلي، هل من المنطقي أن يصدق أحد بأن ترمب هو المسؤول عن فيروس كورونا، ألم يصبح اتهام ترمب بكورونا أمراً مبتذلاً وسخيفاً؟