تبادل الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومنافسه في الانتخابات الرئاسية الديموقراطي جو بايدن خلال مناظرة ثانية وأخيرة مساء الخميس الاتهامات بالفساد وتواجها بشأن إدارة أزمة كوفيد-19 من دون أن يوجه أي منهما ضربة قاضية للآخر من شأنها أن تغير معادلة الاستحقاق الرئاسي المقرر بعد 12 يوما. واتسمت المناظرة بين المرشحين بالانضباط والاحترام النسبي. وبدا أن ترمب المتأخر عن خصمه في استطلاعات الرأي، يسعى لعكس صورة أكثر انضباطا بعد مناظرة أولى صاخبة وفوضوية. واتهم بايدن بالرغبة في «فرض إغلاق جديد» في البلاد بسبب جائحة كوفيد-19. فرد المرشح الديموقراطي قائلا إنّ «شخصاً مسؤولاً عن هذا العدد الكبير من الوفيات يجب ألا يبقى رئيساً للولايات المتحدة»، متّهماً الرئيس بأنّه لا يزال من دون خطة للتعامل مع الجائحة. وتوقّع بايدن أن تواجه البلاد «شتاء قاتماً» بسبب الجائحة التي حصدت حتى الآن أرواح أكثر من 222 ألف شخص في الولايات المتّحدة. وأضاف «لا يوجد عالم واحد جدّي في العالم يعتبر أن كوفيد-19 سيختفي قريباً»، في وقت لا يكفّ ترمب عن القول إنّ الجائحة ستزول سريعاً. وردّ ترمب «نحن نحارب الفيروس بحزم شديد»، ولدينا لقاح جاهز سيتم الإعلان عنه في الأسابيع المقبلة، دون أن يحدد الموعد الدقيق. وعلى الرّغم من أنّ النقاش كان حادا بين المرشحين اللذين تبادلا الاتّهامات مراراً بشأن ملفّات عدّة، إلا أنّ هذه المناظرة الثانية بدت أكثر لياقة وأكثر هدوءا من مناظرتهما الأولى التي جرت في أواخر سبتمبر في كليفلاند بولاية أوهايو وانتهت إلى فوضى عارمة ومشادّة كلامية مفتوحة بينهما. وكان بايدن (77 عاما) اتهم خلالها ترمب (74 عاما) بأنه «مهرج» و»عنصري» وكذاب» ورد عليه الرئيس بقوله «لا تمت للذكاء بصلة». ولتجنب الفوضى والصخب اللذين رافقا المناظرة الأولى، قرر المنظمون هذه المرة قطع مايكروفون أحد المرشحين خلال الدقيقتين الأوليين من تولي المرشح الآخر الكلام عن كل سؤال حول الجائحة والمسائل العنصرية والتغير المناخي فضلا عن السياسة الخارجية وغيرها. وطلب ترمب من جو بايدن توضيحات بشأن تهم بالفساد تحيط بنشاطات نجله هانتر في الصين وأوكرانيا عندما كان المرشح الديموقراطي نائبا لباراك أوباما من 2009 إلى 2017. وقال ترمب الذي كثف في الأيام الأخيرة من هجماته الشخصية على نزاهة خصمه «جو، أظن أنك مدين بتفسير للشعب الأميركي» مضيفا «كنت نائبا للرئيس عندما حصل ذلك وما كان ينبغي أن يحصل». ودعا ترمب إلى المناظرة توني بوبولينسكي وهو شريك سابق لهانتر بايدن يتهم نجل المرشح الديموقراطي باستخدام اسم عائلته لتحقيق «الملايين» في الخارج بموافقة والده. وذكر الرئيس بوبولينسكي قائلا إن روايته «تشكل إدانة» لبايدن. وأضاف لاحقا متوجها إلى المرشح الديموقراطي «لا تحاول أن تقدم نفسك على أنك طفل بريء». فردّ عليه بايدن «لم أتلقّ يوماً بنساً واحداً» من أيّ جهة أجنبية. وكان المرشح الديموقراطي تجنب حتى الآن الرد على أسئلة متعلقة بهذه المسألة. وأكد مرارا خلال المناظرة «هذا غير صحيح». وشن هجوما مضادا على الرئيس الأميركي آخذا عليه عدم قبوله بنشر سجلاته الضريبية وسأله «ماذا تخفي؟» وأضاف «ما نعرفه هو أنك لا تدفع ضرائبك أو أنك تدفع ضرائب متدنية جدا» في إشارة إلى تقارير بشأن بيانات ضريبية مسربة تظهر أن ترمب دفع ضرائب فدرالية قيمتها 750 دولارا كحد أقصى في السنوات الأخيرة. من جانبه قال آرون كال، الأستاذ في جامعة ميشيغان والمتخصّص في المناظرات الرئاسية، لوكالة الأنباء الفرنسية إنّ «المرشّحين استخلصا بوضوح الدروس من مناظرتهما الأولى التي تعرضت لانتقادات كثيرة». وأوضح «لكن مع بقاء 12 يوما قبل موعد الانتخابات وإدلاء عشرات ملايين الأميركيين بأصواتهم بشكل مبكر قد يكون فات الأوان لحصول تغيير جذري في نتيجة الاقتراع». وصوت نحو 45 مليون أميركي وهو عدد غير مسبوق، مبكرا فيما تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الناخبين حسموا أمرهم. وأظهر استطلاع للرأي أعدته جامعة كوينبياك على الصعيد الوطني تقدم بايدن بنسبة 51% مقابل 41% لترمب. وأضاف كال أنّ «بقاء الأمور على حالها بعد هذه المناظرة سيعتبر على الأرجح خبراً سارّاً لحملة بايدن، الذي يتمتّع بتقدّم مستقرّ في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني وفي الولايات الرئيسة».