يعكف صندوق الاستثمارات العامة حالياً على دراسة تأسيس وتطوير 31 شركة عملاقة منافسة على المستوى العالمي في عدة قطاعات استراتيجية مختلفة لدعم الاقتصاد الوطني وتنويع موارده، في وقت يسعى الصندوق لبناء محفظة استثمارية متنوعة محلية ودولية بعد أن نجح الصندوق ببلوغ حجم أصوله تحت الإدارة أكثر من 360 مليار دولار في الربع الثاني من العام الجاري 2020، بحسب إصدار تقرير المالية 2021، وهي قفزة مضاعفة لافتة مقارنة بحجم أصول الصندوق البالغة 150 مليار دولار في 2015. وتستهدف خطى الصندوق السيادي للدولة خوض غمار المشاريع العالمية الخلاقة والمبتكرة العملاقة بنطاق 500 مليار دولار، معززة من دعم بيع أسهم الصندوق في شركة "سابك" بقيمة 259,1 مليار ريال، ما يعادل 69,1 مليار دولار. ونجح الصندوق بتأسيس أكثر من 20 شركة جديدة تعمل في العديد من القطاعات المحلية الواعدة، مثل الترفيه والسياحة، والصناعات العسكرية، وتمويل الشركات الناشئة وغيرها والتي أسهمت في تعزيز قوة الاقتصاد السعودي وتنويعه تحقيقاً لرؤية المملكة 2030. كما أسهم الصندوق من خلال مجموعة شركاته في استحداث أكثر من 11 ألف وظيفة مباشرة وأكثر من 5 آلاف وظيفة غير مباشرة، وأكثر من 88 ألف وظيفة في قطاع المقاولات والإنشاءات، بمجموع بلغ 104 آلاف وظيفة. إلى ذلك لا يزال الاقتصاد العالمي يواجه أكبر التحديات الناجمة عن تداعيات الجائحة والتي انعكست سلباً على أداء النصف الأول للعام الجاري مع عدم توقع حدوث تعاف كامل خلال العام المقبل واستمرار المخاطر المرتفعة. ومن المتوقع، حسبما نشر صندوق النقد الدولي لتقديراته في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، انكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 4,9 % في عام 2020، وأن التعافي من الانكماش سيكون أبطأ من التوقعات السابقة، كما توقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد العالمي في عام 2021 بنسبة 5,4 %، حيث من المتوقع أيضا أن يزداد الاستهلاك بالتدريج في عام 2021، وأن يتحسن الاستثمار، وإن ظل منخفضاً نسبيا. وتشير تنبؤات الصندوق إلى ارتفاع طفيف في الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2021 ككل مقارنة بمستواه في 2019، مع التأكيد على أن هناك حالة عدم يقين حيال التوقعات، وأن النمو الاقتصادي سيعتمد على معدلات انتشار العدوى والإجراءات الاحترازية وأحوال الأسواق المالية. وقد عانت أغلب الاقتصادات من تبعات الأزمة. ويتوقع الصندوق حدوث خسائر كبيرة في الاستهلاك الخاص خلال العام 2020 لعدة أسباب، أهمها تضرر سوق العمل، وإجراءات تقييد الحركة، بالإضافة إلى الرغبة في زيادة الادخار لدى المستهلكين. وتشير إحصاءات منظمة العمل الدولية إلى تراجع في ساعات العمل حول العالم. ففي الربع الثاني من العام 2020م تراجعت ساعات العمل بنحو 14 % ما يعادل نحو 400 مليون وظيفة بدوام كامل، مقارنة بالربع الرابع من العام 2019. فعلى سبيل المثال لتأثر اقتصادات الدول من الجائحة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو المؤلفة من 19 دولة بنسبة 11,8 % خلال الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من عام 2020م بحسب إحصاءات أصدرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية الرسمية. بينما تراجع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 14,7 % خلال الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. علاوة على المخاطر السلبية الناتجة من جائحة "كوفيد - 19"، فإن الاقتصاد العالمي معرض لعقبات أخرى مثل تزايد التوتر التجاري، إضافة إلى انخفاض التضخم وارتفاع الديون خصوصا في اقتصادات الدول المتقدمة، والذي قد ينتج عنه ضعف الطلب الكلي لفترات متواصلة، وصعوبة إدارة الدين مما يشكل عبئاً أكبر على النشاط الاقتصادي العالمي. ومع تطور حدة الآثار السلبية الاقتصادية لجائحة "كوفيد - 19" والإغلاق الكامل لبعض الدول، بادرت كثير من الحكومات بتطبيق سياسات تحفيزية، وتعزيز إمداداتها الحيوية الطارئة لحماية مواطنيها، والحد من ارتفاع مستوى البطالة، وحالات الإفلاس. فعلى جانب المالية العامة، ومع الانكماش الحاد لكثير من الأنشطة الاقتصادية وتراجع الإيرادات الحكومية، إلى جانب تزايد الإنفاق العام والدعم الكبير، ارتفعت الضغوط على المالية العامة حيث تشير بيانات النصف الأول من العام الجاري إلى ارتفاع الديون وانخفاض الاحتياطيات، كما تشير التوقعات إلى تجاوز الدين العام العالمي نسبة 100 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020. وفي ظل الإغلاق الكامل في كثير من البلدان، ركزت بعض الدول على تخيف الإجراءات الاحترازية لدعم التعافي الاقتصادي، رغم استمرار حالة عدم اليقين بشأن احتواء الجائحة، وقد قامت مجموعة دول العشرين برئاسة المملكة منذ بداية الأزمة بتطبيق حزم تحفيزية بنحو 11 تريليون دولار لتخفيف آثار الجائحة، إضافة إلى مبادرة تعليق خدمة الدين.