الذين يتألمون في هذه الدنيا كثير وليس في استطاعة بائس مثلي أن يمحو شيئاً من بؤسهم وشقائهم، ولكني أكتب لهم كلمات لعلها تصل وتلامس أعماقهم لكي تمنحهم الأمل والتفاؤل وبأن الله سبحانه موجود، لعلهم يجدون فيها البلسم والسلوى، فأقول لهم: حينما يبتليك الله أيها الإنسان بشيء من أمور الدنيا وتنكسر وأنت صابر ومحتسب سيداوي الله قلبك ويحدث له أمراً فهو لن يتركك وحيداً في مهب الريح وسيرسل لك الإشارات لتطمئن ولن يدعك تائهاً متألماً، مايحدث لك هو تهيئة لأمر يدبره الله لك وسيسرك وثق بأنه لن يرد اليد التي رفعت له صِفراً، لذلك في عز معمة الشدة والإبتلاء حينما يهبك الله الصبر والعقل والحكمة وقلباً حليماً، لن تسؤك المواقف المؤلمة التي لا يحتملها الكثير، لأن الله قد رزقك بالبصيرة وجعلك ترى وتقرأ ابعاداً لا يرونها سترى في الألم قوة لك، وترى بالفشل درساً لك وفي فقدانك لأمر خيرة لك، لأنك تدرك بأن لا شيء يحدث عبثاً وإنما يريد الله بأن يعوضك ويقويك ويعلمك ستصل إلى مرحلة النضج بعد أن عركتك الحياة في تجارب كثيرة ومؤلمة وستصل لدرجة بأنك تستطيع فيها التخلي عن أي شيء مهما كان عزيزاً على قلبك، وستصل لمرحلة لا تأبه فيه بمن يحقد عليك ويحاربك ولا تهتم بمدح من يجاملك ولن تعادي من يكرهك، في النضج تحرص على سلامة قلبك وراحة عقلك لذلك إذا رأيت أي إنساناً منكسراً حزيناً فطمنه ولا تشمت به، فأنت لا تدري ما الذي عاناه ليشعر بهذا الألم، فقف بجانبه وأجبر بخاطره ليجبر الله بخاطرك وأشعره بأن الله موجود وأنه ليس الوحيد الذي يعاني في الحياة لأن الله قد خلق الإنسان في كبد، لذلك أفضل طريقة لتجاوز الألم أن تثق بالله ثم تعزز لنفسك وأن تكون صديقاً وفياً لها ولاتلومها على فشل ولا على خسارة وتكون أنت والزمن والآخرين عليها، وكن رحيماً متسامحاً معها وعليك أن تكافئها إذا تجاوزت مشكلة أو فشل، وفي عالم الابتلاء الله سبحانه يغلق دونك في الحياة باباً ويفتح لك أبواباً أخرى، ويأخذك منك شيئاً تحبه ويخلف عليك بأشياء أكثر خيراً ويبعد عنك بعض الأشخاص الذين كنت تحبهم، ويقرب لك بما يليق بك ويرتقي فيك، ولكن عليك أن تحسن الظن فيه وتصبر قال تعالى: (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا)، لذلك مهما اشتدت عليك وطأة الحياة قاوم لحظات الألم مستعيناً بالله حتى لو كنت مثخناً بالجراح، فلذة الوصول للمرحلة الأخرى بأقل الخسائر ستُرممك.