مازالت معركة التنظير في الواقع التواصلي محتدمة بشكل ساخن.. فكثافة الطرح حول أبعاد، ومفاهيم، ورؤى مستحدثة في هذا الواقع هي موضوع قائم يتداوله المنتسبون للإعلام بشكل عام. وقد يلاحظ أن الاستكانة، والتسليم باستخدام تلك الوسائل عند الكثير كان مقدما على محاولات وعي المسارات والمضامين والآليات المرتبطة بتلك الوسائل.. واليوم الاستخدام المكثف بأساليب وأهواء مختلفة هو بذاته يجعلنا نلاحق متغيرات متسارعة. وهنا أضع ما يمكن أن أجعله كنظرية مؤقتة ستأخذ - بإذن الله - طريقها للمراجعة والدراسة والاختبار لكن وضوح مجرياتها، وملاحظتها بشكل سهل للكثير يدرك أن فرضها ومفهومها الأساسي محسوس ومدرك. في شبكة تواصل كتويتر، والفيسبوك وغيرهما نجد أن تدفق المحتوى والمضمون هو تدفق غزير جدا، ومتلاحق، وزخم.. لذلك حدث ما يمكن أن أسميه تشابكا ضمنيا بين المرسل والتلقي، وتمازج الأدوار، وتنحية الوظائف، وتغير الأداء.. وترتكز هذه النظرية على أنه يبرز محتوى في منصة أو وسيلة إعلامية جديدة (مثلا تغريدة في حساب خاص أو وسم عن (إشكالات التعليم عن بعد لدى المدارس) فيحدث أن يكون هناك تعليقات فورية كتغذية راجعة لما تم طرحه في المضمون السابق.. ثم تتحول التعليقات الراجعة والردود إلى محتوى جديد بمعنى مثلا (يذكر أحد المتلقين مشكلة انقطاع الاتصال ومحاولة العودة وينسبها للانترنت وأداء شركات الاتصالات وعدم توفيرها شبكات قوية) فيظهر له تغذية راجعة.. هنا المتلقي أصبح مرسلا لموضوع آخر فتحول رده وتعليقه إلى محتوى جديد وهو ضعف خدمة شبكات الانترنت في أماكن مختلفة.. ثم تجد أن ردا وتعليقا يتطلب رجع صدى جديد لهذا الموضوع فتحول التغريد مجددا إلى مسألة الرسوم والفواتير وبيع الأجهزة في شركات الاتصالات.. حينها يُنسى المحتوى الأول والأساس (موضوع التعليم عن بعد وتحول إلى فواتير شركات الاتصالات) ثم تتكرر العملية فيكون هناك توالد للمحتوى الجديد من التغذية الراجعة لتتشعب الموضوعات والقضايا كأن يكون المحتوى الأساسي ثقافي ثم يتحول إلى محتوى وموضوع سياسي يختلف عن السياق الأول ثم يتحول المحتوى السياسي إلى اقتصادي أو اجتماعي وهكذا. وتكون بعض افتراضاتها: تتحول المضامين بتعدد التغذيات الراجعة وتوجهات واهتمامات وحاجات أصحابها. إمكانية القصد والعمدية في تحويل المحتوى إلى محتوى آخر وهذا يخدم العلاقات العامة. المنصات الشبكية ووسائل التواصل متاحة للتوجيه والتغيير في الاتجاهات أكثر من التقليدي بسبب قدرتها الدراماتيكية والنشطة في التواصل الفوري، والإرسال السريع، والتلقي الآني بالإضافة إلى وجود معززات للمضامين تتآزر مع بعضها التي تبثيها في الذاكرة الذاتية وقت أطول. تنتهي سيطرة المرسل الأساس الذي بث رسالته ولا سلطة له على التغيير إلا في حالة تكرار رسالته مرة أخرى في ثنايا التفاعلات الراجعة فقد يعمل تشويشا يعيد مضمونه أو يستمر التحول إلى محتويات ومواد جديد. هذا يؤكد أننا أمام معطيات تواصلية جديدة يمكن استثمارها في مجالات الإعلام والتواصل والعلاقات العامة تتجه بنا نحو تحوير عوامل التأثير والجذب.