يبدو أن القطاع المصرفي في المملكة مقبل على عهد جديد، بمهام عمل مغايرة، تتطلبها المرحلة المقبلة، وذلك بعد الإعلان عن إبرام اتفاقية اندماج ملزمة بين البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية. وتتواكب عملية الدمج المُحتملة مع رؤية 2030 التي تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى كيانات مالية عملاقة، قادرة القيام بدورها تجاه تنفيذ مشروعات الرؤية ومتطلباتها، فعملية الدمج المحتملة، سيصبح معها البنك الدامج "الأهلي" أكبر بنك في المملكة بقيمة سوقية تبلغ 171 مليار ريال، كما أنه سيكون أحد أكبر وأضخم المصارف في الشرق الأوسط، بحجم موجودات يبلغ 802 مليار ريال، فضلاً عن أنه سيحتل المركز الثالث خليجياً. ومعروف أن البنك "الأهلي" أكبر بنوك المملكة من حيث القيمة السوقية، و"سامبا" رابع بنك من حيث القيمة نفسها، وعندما يندمجان في كيان واحد، فهذا يشير إلى توجه عام تتبعه المملكة لتعزيز اقتصادها، بتفعيل الاندماجات العملاقة، ليس على مستوى البنوك فحسب، وإنما في العديد من القطاعات الداعمة لمنظومة الاقتصاد السعودي، ولعل صفقة استحواذ أرامكو على 70 % من حصة سابك خير شاهد. الدمج المتوقع بين "الأهلي" و"سامبا"، لن يكون الأول من نوعه في قطاع المصارف السعودية، فقد سبقه ثلاث عمليات دمج ناجحة، أولها اندماج بنكي "القاهرة السعودي" و"السعودي المتحد" العام 1996، وثم الاندماج بين "سامبا" من البنك "السعودي المتحد" والبنك "السعودي الأميركي" العام 1999، وآخرها الدمج بين بنكي "ساب" والبنك الأول الذي جرى رسمياً في العام الماضي (2019)، ولا غرابة في ذلك، فالمملكة اليوم تحتاج إلى إيجاد كيانات مالية قوية قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية المختلفة التي تعصف بالعالم، وتهدد الكثير من الاقتصادات في أعقاب جائحة كورونا. إقبال الأهلي وسامبا على عملية الاندماج الرابعة، لم يأت عشوائياً، وإنما بعد أن أثمرت عمليات الدمج السابقة عن نجاحات، أبرزها تنويع قاعدة العملاء، وتعزيز القدرة على المنافسة محلياً وإقليمياً، إضافة إلى القدرة على استقطاب عملاء جدد، ما يزيد من الحصة السوقية، ومن المتوقع أن ترتفع الحصة السوقية داخل المملكة للكيان الجديد في حال إتمام الصفقة إلى 29 % من مجمل القروض المقدمة من البنوك، وكذلك من مجموع الودائع.