الغائب عن البصر والحاضر في الفؤاد، لا زال عطاؤه ممتدا حتى بعد رحيله، وإحسانه وحسناته جارية إلى الأبد بإذن الله. كثير تعلموا منه واستفادوا وتقدموا، بعلمه وبدون علمه، لأنه مدرسة في عدة مجالات ومنها تعامله مع الناس، وأعني بالناس هنا، جميع الناس وليس من كانوا في دائرة محيطه، مع من يعرفهم ومن لا يعرفهم، وصل إلى قمة التواضع، ولا يتردد بالتواصل مع الصغير قبل الكبير، والصغير هنا من كان يصغره بعشرات الأعوام. المغفور له بإذن الله تركي السديري، رجل وفيّ ولا ينسى أصدقاءه، ومن بينهم القدير خالد المالك، كتب عن المالك بأنه كان حاضرا معه في أصعب ظروفه، وعندما كان في الولاياتالمتحدة الأميركية يتلقى العلاج حضر صديقه المخلص بكل ما يملك من أفعال وكلام، وحضرت معه حرمه أيضًا. مكتبة تركي السديري، تاريخية وتحتوي على كنوز من المعرفة، وبها من الكتب ما يخطر وما لا يخطر على البال، ومراجع وفهارس قيّمة، وبالمناسبة كان مُحبًا للقراءة، ومن مصادر بهجته عندما يرى أحدهم يقرأ كتابا. الأستاذة الدكتورة هند السديري، أعلنت بأنه تم التبرع بمكتبة والدها إلى مكتبة الملك سلمان في جامعة الملك سعود، ليستفيد منها الباحثون وأهل العلم، وذكر الأستاذ مازن السديري، بأن المكتبة جزء من العائلة، وما ذكره تعبير عن حجم العلاقة بين العائلة الكريمة والمكتبة العظيمة، وأنا أعلم بأن هذه الخطوة من الصعب اتخاذها، وفي الختام أود أن أقول بأن ذِكر رمز من رموز الصحافة العربية سيبقى ولن يفنى، وله منا كل الدعاء الصادق بأن يجعل ما قاموا به من خطوة تساهم في رفعة العلم وتقدم البحث، في ميزان حسناته وأن يدوم إحسانه.. آمين. الراحل تركي السديري -رحمه الله-