عند نشوب أي خلاف سياسي بين أي بلدين، فإن الصناعة الإعلامية هي أول المتأثرين، بالنظر للسياق الآسيوي، فإن تصاعد الصراع الهندي - الصيني على الحدود بين البلدين، عقب مناوشات عسكرية، تسبب بحظر الهند مؤخراً لأكثر من 47 تطبيقا صينيا، بينما أعلنت الحكومة الهندية أنها تراقب عن كثب 250 تطبيقا صينيا آخر من بينهم «علي بابا»، وتدرس فكرة حظرهم من السوق الإعلامي الهندي، وذكرت التصريحات الصحفية الرسمية بهذا الشأن أن حظر هذه التطبيقات مهم لدوافع أمنية، ولتعزيز الثقة والشفافية بين البلدين، مما سيسهم في تطوير العلاقة الثنائية، كما دعمت الهند مطوري برمجيات للعمل على صناعة برامج وطنية مشابهة في طريقتها للتطبيقات الصينية، هذا فيما أبدت الحكومة الصينية قلقها على تأثر المشاهير الهنديين عبر المنصّات الإعلامية الهندية مثل «تك توك» من فقدان مصادر دخلهم. بالإضافة لحظر التطبيقات والمنصّات الإعلامية القادمة عبر الصين، من قبل الهند، يلحظ أن هناك تحولا في الخطاب الإعلامي بين البلدين تجاه الخلاف الحدودي، ففي مقال تحليلي لصحيفة «بلومبرغ» الأميركية، تمت الإشارة إلى أن الإعلام الهنديوالصيني شهدا تصاعدا غير مسبوق في الخطاب القومي، عند تغطيتهم للصراع. يذكر أن صحيفة «قلوبال تايمز» الصينية عمدت على تكثيف نشرها لمقاطع فيديو لتدريبات عسكرية، بالتزامن مع تصاعد الأزمة، وقيل إن هذه المقاطع تهدف لتوجيه رسائل سياسية صينية، ذات بُعد قومي، للحكومة الهندية. وفي مقال ل»سي إن إن» الأميركية، ذكر كاتب أن الخلاف الحدودي بين الهندوالصين انقلب إلى حرب إعلامية، وتجاوز كونه خلافاً جغرافيًا على الحدود، مارست فيه كلتا الدولتين حملات تضليل إعلامي. إلى جانب حظر التطبيقات، ورفع مستوى حدة الخطابات الإعلامية، يشار إلى أن تصريحات زعماء الهندوالصين هي الأخرى تأثرت بهذا الخلاف، وازدادت حدتها بالتزامن مع الصراع الأخير. الأكيد أن حالة الخلاف الهندي - الصيني على الحدود هي حالة إعلامية بقدر ما هي حالة سياسية واقتصادية وتقنية، وهي تستحق الدراسة من وجهة نظر اتصالية لنتمكن من استخراج عدد من الدروس المستفادة من تجربتهم، ولكن، من المهم الإشارة هنا أن كلا من الهندوالصين قوتان عظيمتان على المستوى العالمي، وأن الحدود الهندية - الصينية هي الأطول على مستوى العالم، وهذه أمور ساهمت في منح هذا الخلاف الجيوسياسي أبعادا إعلامية (عالمية) واسعة النطاق.