المناظرة الأولى بين الرئيس الأميركي ترمب ومنافسه بايدن، جذبتني للتركيز على أداء مدير المناظرة الإعلامي المخضرم كريس والاس. إدارة المناظرة بشكل عام ليست مهمة سهلة وتتطلب مهارات في التواصل وضبط الوقت والالتزام بالقضايا المطروحة للنقاش، والحياد، والإلمام بالموضوعات المطروحة والقدرة على صناعة الأسئلة. وعندما تكون إدارة المناظرة بين شخصيتين يتنافسان للوصول إلى رئاسة أميركا فإن المهمة تكون أصعب لأن مدير المناظرة يضع القواعد وعلى المتحاورين احترامها، وعليه هو تنفيذها، وهنا تكمن الصعوبة. مدير المناظرة صاحب خبرة، يمتلك مهارة في إدارة الحوار. في هذه المناظرة تحديدا كان هناك حديث عن أن حياد المدير سيكون تحت الاختبار بحكم أنه يعمل في فوكس نيوز المؤيدة لترمب، ومن خلال حياد كاتب هذا السطور أعتقد أنه نجح في هذا العنصر، وقد يكون بالغ في حرصه على الحياد لدرجة أنه تقاطع مع ترمب أكثر مما فعل مع بايدن لدرجة أن ترمب نفسه قال بعد المناظرة أنه كان يناظر خصمين، بايدن، وكريس والاس. وقد تكون شخصية ترمب هي السبب في التقاطع مع مدير المناظرة. هذه المناظرة درس في إدارة الحوار والمناظرات بصرف النظر عن نسبة نجاح مديرها في إدارتها. أجزم أن مدير المناظرة رغم خبرته ومهارته حضر جيدا لها، وتدرب على كيفية التعامل مع المتحاورين كل حسب شخصيته. ورغم هذا التحضير فإن القضايا المطروحة كثيرة وفي غاية الأهمية، التعامل مع كورونا، والرعاية الصحية، المحكمة العليا، والاقتصاد، والمناخ، والعنصرية، ونزاهة الانتخابات. قضايا ساخنة نوقشت في زمن محدد مما يتطلب من مدير المناظرة أن يتحكم في الوقت، والأصعب من ذلك مهمة السيطرة على مقاطعة المتحدث التي حصلت من الطرفين وقد نجح المدير إلى حد ما في هذه المهمة بعد أن يضطر إلى المقاطعة أو رفع الصوت. كما نجح في إعادة المتحدث إلى الموضوع المطروح، واستنباط الأسئلة من الإجابات. أما مشكلة تبادل الاتهامات، واستخدام لغة غير لائقة فلم ألاحظ أنه تدخل لوقف ذلك رغم أنها كانت نقطة الضعف في المناظرة بل إن بعض المحللين اعتبرها أسوأ مناظرة رئاسية. ذكرت الصحف أن كريس والاس قال إن دوره في المناظرة بين ترمب وبايدن سيكون غير مرئي. أستطيع القول بعد مشاهدتي للمناظرة إن دوره كان واضحا ومؤثرا واستطاع أن يمنع تحولها إلى فوضى بدرجة فضيحة. المناظرة لم تنجح إلا في إقناع الشارع الأميركي بأنه لا حاجة للمناظرتين القادمتين بسبب تبادل الاتهامات، والحديث عن الماضي أكثر من المستقبل، وعدم الالتزام بآداب الحوار. هل يتحمل مدير الحوار جزءا من المسؤولية؟ أستطيع القول، نعم.